حان وقت نتائج الامتحانات، هذا هو كل ما يتحدَّث عنه أهالي المراهقين. هل سينالون درجاتهم المتوقَّعة؟ هل سيتم قبولهم في اختيارهم الأول في الجامعة؟ أم هل ستضطر العائلة بأسرها تغيير مخططاتها؟ الأكاديميات أو بالأجدر النجاح الأكاديمي أصبح جزءاً مركزياً في ثقافتنا الآن بحيث لم يعد بإمكاننا تصوُّر حياتنا بدون الأسئلة الفضولية الدائمة مثل “ما دراستك؟” “ما علاماتك؟ “ماذا تنوي أن تدرس في الجامعة؟” بسبب ربطنا المعقد للنجاح الأكاديمي بفخر العائلة.
قد يقول البعض أننا خلقنا بيئة غير صحية للطلاب الشباب لكن تحت وزر الضغوطات للوصول إلى معايير معينة للإنجاز الأكاديمي. هناك نكتة دارِجة في ثقافتنا بوجود أربعة بدائل لمهنة مثمرة فقط: الطب والهندسة والمحاسبة والقانون. هذا مضحك لأنه صحيح – إذ لم ألتقِ أبداً بخريج عربي شاب لم يهيِّئه أبويه لأحد البدائل السابقة للمهنة. ونعم، بالرغم من أن جميعها بدائل ممتازة ووظائف هامة لشغلها إلا أنني أجدها محزنة. محزن أن ينشأ الأطفال دائماً وقد تلقَّنوا ما ينبغي عليهم أن يكونوا أو ما عليهم أن يفعلوا في حياتهم. خلقنا الله مختلفين وكل منا لديه نقاط ضعف وقوة بحيث يكون العالم متنوِّعاً ومركَّباً ومشوِّقاً. خلقت مجتمعاتنا وصمة عارٍ ضد إعطاء الشباب الحرية لارتكاب الأخطاء لأن خطأ شخص واحد أو فشله ينعكس على العائلة بأكملها. لكننا سنخاطر بإمكانات أطفالنا في جميع أرجاء العالم وسعادتهم المستقبلية بسبب سمعتنا السوقية؟
عندي صديقة تخرَّجت لتوِّها من المدرسة الثانوية مع مزيج من المؤهلات – بعضها جيد وبعضها فاشل مبدئياً. ورُفضَت من عدة جامعات أما الجامعات الأخرى فلم تكن ضمن طاقاتها المالية، وهل تعرفون ما الذي قاله أبويها لها؟
“لا بأس.”
لأنه لا بأس ولا مشاكل في ذلك، بعكس الاعتقاد السائد فإن درجاتك المدرسة لا تحدد حياتك. لذا، لم يبدو أن صديقتي ستلتحق بالجامعة في هذا الخريف. في الواقع، لم تأكد حتى متأكدة إن حتى أرادت الذهاب للجامعة – أو ما الذي أرادت دراسته بالتحديد. وكان والداها قد وعداها بدعمها مهما كان قرارها. فكَّرت بأخذ سنة لأداء بعض العمل المرسلي في أفريقيا وتكتشف إلى أين يقودها ذلك. فكّرت بالعودة إلى مسقط رأسها لتبحث عن عمل هناك. وسط كل هذه الاحتمالات كل ما فعله والداها كان توفير المشورة وتقديم يد المساعدة كلما احتاجت لهم والتشجيع من خلال تذكيرها بأن العالم مكان واسع وضخم وفيه الكثير مما يمكن أن يقدمه لها والكثير من الفرص لها لتتابعها.
إذاً، قد يكون ابنكم أو ابنتكم قد تهيآ ليصبحا محاميان. هذا رائع! يحتاج النظام القضائي للمزيد من الأفراد للدفاع عن حقوق الآخرين.
لكن ربما يريدان أن يكونا مؤدِّيان أو مغنيان موسيقيان أو ممثلان في المسرحيات ولاعبا بهلوانيات في سيرك أو موسيقيان في الاحتفالات. هذا أيضاً رائع! سيستفيد مجتمعنا من بعض التقدير للفنون ومواهب الترفيه.
أو ربما يريدان أن يصبحا صحفيين متنقِّلين – يسافران ويتنقّلان براً ويبحران حول العالم ويكتبان عن خبراتهما. هذا رائع أيضاً! قصصهما ستغير منظور المنطقة للعالم.
أحياناً نقيِّد أحباءنا بسبب الخوف، الخوف من الرفض الاجتماعي أو الخوف من الفشل أو الخوف من الوضع المالي لكن، كما قلتُ مسبَقاً، هل سنسمح لذلك الخوف بتهديد ما يمكن أن يؤول إلى حياة أفضل لأبنائنا والجيل الذي ينتمون إليه؟ أين إيماننا؟
لذا، في هذا الموسم من القرارات والتخطيط للمستقبل، أشجعكم لتخطّي الحدود التي رسمها الخوف أو التقاليد أو الخجل. أعطوا أبناءكم الحرية لفرد أجنحتهم قليلاً. خريجو المدارس الثانوية ليسوا بحاجة لتحديد حياة أحد ما.
اضغط هنا لقراءة المزيد من مدونات حملة الثانوية العامة #شجع_أحلامهم
مقالات/فيديوهات مقترحة:
GIPHY App Key not set. Please check settings