خلال فترة التدريب التي خضعنا لنا في العطلة الصيفية، والتي تعلّمنا فيها الكثير من الأمور المتعلّقة بطريقة تعاملنا مع أطفالنا وكيفية حل مشاكلهم، طلب منّا المدرّب إجراء اختبار لنتمكّن من معرفة الأنماط المختلفة للتربية لنعرف أي نوع من الأهل نحن. وقبل إجراء الاختبار قام بشرح فكرة الاختبار، وبأنه يوجد أربعة أساليب للتربية (صارم، غير صارم “متساهل”، دافئ، غير دافئ):

التربية الصارمة

وهي أكثر أساليب التربية شيوعًا بين المربين وخصوصًا في الأجيال السابقة، لأن نتائجها سريعة وفعّالة وقتياً. فمن السهل علينا كوالدين استخدام سلطتنا وصلاحياتنا الجسدية والنفسية والمادية على كائن بصلاحيات أقل من كل الجوانب، فهو حتمًا سيرضخ بالنهاية. الأهل من هذا النمط لا يستمعون لوجهة نظر الطفل ولا يعطونه فرصة للمناقشة أو الاختيار أو التفاوض.

 إلا أن فشل الوالدين في تقدير مشاعر أبنائهم قد ينتج عنه الكثير من الغضب، وفي كل مرة يخسر الطفل صراع القوة فإنه يفقد جزءاً مهمًا من تكوين شخصيته. فالطفل لا يفهم لماذا تصرفاته دائمًا غير كافية وغير مرضية لوالديه، ولا يدرك أصلاً لماذا عليه أن يتبع القواعد المفروضة، فالنتيجة ستكون طفلاً مطيعاً منضبطاً في سلوكه، وخائفا يسعى لإرضاء الآخرين، وضعيف الثقة بنفسه. وفي حال رفع الرقابة عنه، أو إذا أمّن العقوبة المعتاد عليها فإنه غالبًا ما يسيء السلوك بشكل مبالغ لأنه فقد أهم مكوّن في التربية الصحيحة وهو الدافع الذاتي، وسيكون أكثر عرضة لمشاكل التواصل الاجتماعي مثل قلة تقديره لذاته أو الخجل الزائد أو الرهاب الاجتماعي.

التربية غير الصارمة (المتساهلة)

وهي منتشرة في الأجيال الحديثة كردّة فعل على النتائج السلبية للتربية الصارمة المسيطرة، والتي خضع لها المربون الحاليون من أهلهم سابقاً. المربي المتساهل يتقبل جميع تصرفات ابنه بصدر رحب سواء سلبية أو ايجابية ودوما يجد لها مبررًا، فهو في أغلب الأوقات يتجنّب المواجهات والصراعات خوفًا من اهتزاز صورة (المربي اللطيف).

ويكون محبًا بشكل كبير لأطفاله، ويحاول دومًا إعطاء طفله فرصًا جديدة، ولا يتوانى في إظهار هذا لهم، وعلاقته معهم عاطفية فهو يقدّم لهم رعاية عالية الجودة، وأيضًا يستخدم الحوافز والمكافآت حتى يؤثر فيهم. لكن الأطفال الذين ينشؤون في كنف هذا النمط المتساهل يفتقدون بشدّة للأمان ولشعورهم بالانتماء والأهمية، وكذلك يفتقدون لكثير من الانضباط وضعف المهارات الاجتماعية نظرًا لزيادة جرعات الدلال والمركزية حول الطفل. فالطفل المدلل والذي تلبّى كلّ رغباته لن تنمو شخصيته بشكل سوي، فهو يعتمد على غيره في معظم أموره، وهو غير قادر على  تحمّل مواقف الفشل في حياته.

التربية غير الدافئة (المهملة)

يكون فيها الوالدان منشغلين عن أبنائهم، فلا يعطيان وقتًا لتنشئة الأطفال. هذا النمط من التربية يعني أن ولي الأمر يتفاعل قليلاً مع طفله، ولديه القليل من السيطرة على حياته، ولا يعيره الاهتمام والانتباه إلا قليلًا للأسف، ولا يهتم برغباته ومتطلباته، ولا يضع له حدوداً. الأطفال الذين ينشؤون في هذا الجو يفسّرون هذا على أنه نوع من النبذ والكراهية والإهمال، فتنعكس سلباً على نموهم النفسي. الطفل الذي ينشأ في بيت مهمل يعاني من عدم تقدير للذات فيفقد الثقة بنفسه، وأحيانًا يؤدي هذا النوع من التربية لظهور بعض الاضطرابات السلوكية لدى الطفل كالعدوان والعنف أو الاعتداء على الآخرين أو السرقة.

التربية الدافئة (المثالية)

هذا النمط يشمل الحزم والدفء معاً، فيعطي الأهل أطفالهم الاهتمام والوقت اللازمين، ويصغون لهم ويتجاوبون مع ما يشغلهم، ويسمحوا لهم ببعض الاختيارات الآمنة، بحيث يكونون كأهل ملتزمين بقوانين ونظام البيت.

 الأطفال الذين يخضعون لهذا النمط من التربية هم الأكثر نجاحًا في علاقاتهم الاجتماعية مع أقرانهم، والأعلى تحصيلا ًعلمياً، والأكثر تقديراً لذواتهم. فعندما يكون الأهل أكثر قرباً من أطفالهم، ويدعمونهم ويقضون معهم الأوقات التي يتشاركون فيها الأنشطة المسليّة، ويستجيبون لاحتياجات أطفالهم بحدود معينة، فسيكبر أطفالهم ويصبحون أشخاصًا ناجحين في حياتهم.

نحن كوالدين لن يكون لدينا نفس نمط التربية، لكن يجب أن نتفق على طريقة واحدة في التعامل مع الأطفال ووضع الحدود. سنلاحظ أنه في أسلوبنا الطبيعي في تربية أطفالنا سيكون لدينا بعض الصفات من أكثر من نمط، وهذا الأمر طبيعي، لذلك وجدنا أنه من الافضل أن نتفق على أسلوب واحد في وضع نظام وقوانين للتعامل مع أطفالنا، بحيث تكون غير خاضعة للمناقشة فهي ثابتة ومتفق عليها (وقت النوم، وقت الطعام، وقت الصلاة، الاحترام، التعاون في الأعمال المنزلية…. ).

وكانت النصيحة النهائية التي قدّمها لنا المدرّب هي التوازن بين الحب والحزم، أي توضيح الحدود والممنوعات من التصرّفات الخاطئة غير المرغوب فيها، مع تفسير ذلك، وذكر الأسباب المقنعة لهم. وأكّد على أنه من الخطأ أن نربّي أطفالنا كي يطيعوا الأوامر طاعة عمياء دون نقاش أو استفسار، فالطفل عندما يرى والديه يحترمان رأيه ويقبلان تغيير بعض الأوامر أو التخلي عنها (أحيانًا)، فسيساعده هذا الأمر على تعزيز ثقته بنفسه ونمو روح المبادرة لديه.

هذه القواعد تساعد الأولاد والآباء على التفاهم وتأدية المهام المطلوبة بأقل قدر من الصراع والمشاكل لأنه تم الاتفاق عليها معاً، وهذا لا يمنع استخدام المرح في التربية، الأمر الذي يجعل موضوع وضع الحدود أمراً مقبولاً وسارًّا لنا ولأولادنا.

كانت الوسيلة الافضل للتقرّب من الطفل هو ان نكون أصدقاءه. فعندما تنشأ هذه العلاقة بيننا ويطمئن الطفل لنا، نراه يلجأ لنا او لواحد منا للمشورة، مما يساعدنا على التعرّف على كل ما يفعله الطفل، والاتجاه الذي يسير فيه، وبذلك نعلم التوقيت المناسب للتدخل بالطريقة المناسبة والتي تحافظ على هذه الصداقة، كما أنها تحصّن الأبناء من اللجوء إلى الآخرين لطلب النصح والعون منهم.

What do you think?

Written by لارا

عندي صبيين وبنت. درست هندسة حاسوب وأجد سعادتي في خدمة الآخرين. أحب أطفالي كثيرا وأعتبر دوري كأم هو أهم عمل أقوم به.

اترك تعليقاً

GIPHY App Key not set. Please check settings

One Comment

9 أمور يجب مراعاتها عند استخدام الميكرويف

9 أمور يجب مراعاتها عند استخدام الميكرويف

4 عبارات لا تأتي بجدوى فلا تقوليها لأولادك!

4 عبارات لا تأتي بجدوى فلا تقوليها لأولادك!