سامي شاب جميل المظهر لطيف المعشر، مالَ له قلب ابنتي ندى وأصبحت تقضي معظم أوقاتها خارج البيت معه. لاحظت زوجتي أن ندى تطيل من السهو وتسرح بخيالها بعيداً، وخشيت على مستقبلها وخافت أن تهجر ابنتها الدراسة فكان لا بدّ أن تصارحني بمخاوفها بهذا الخصوص.

بعد تفكير عميق، طلبت من ابنتي إحضار سامي إلى المنزل للتعرّف عليه ولإيضاح بعض الأمور لهما، فواجبي كأب يقتضي توجيه هذه العلاقة وتوضيحها.

جاء اليوم الموعود، استقبلت سامي بابتسامة أبوية هادئة. أردت أن أنقل لهما خبرتي عن الحب والفرق بينه وبين الحاجة إلى وجود شخص بجانبه والاعتياد على هذا الوجود. رحّبا بالفكرة وتابعاني حتى النهاية.

قلت:

1.في الحبّ ينكر المحب ذاته من أجل المحبوب. وذكّرت ندى كم من مرّة امتنع أحدنا (أنا وزوجتي) عن شراء حاجة خاصة في الوقت الذي كان فيه الآخر يحتاج لأمر من أجل ذاته وكان لا بدّ من الاختيار لضيق ذات اليد. أما في حالة وجود شخص آخر في حياتي بحكم العادة، فلا يشعرني بأن شيئاً ما يدفعني إلى التخلّي من أجل مصلحة الآخر فهو أيضاً لي، وكل شيء أريده لي حتى ولو كان ضد مصلحة الآخر.

https://www.youtube.com/watch?v=06nQrFeUmSU

2.الحبّ لا يعني التواجد دائماَ مع الحبيب. الحب يُطمْئن المحب بأن حبيبه معه في كل حين وأنه سيلتقي به في موعد اللقاء، وهذا أمر طبيعي لمفهوم الحبّ الصادق.  أما الاعتياد على وجود الآخر معي دائماَ فهو عكس مفهوم الحب الحقيقي، هذا الحب (إذا صحّ أن يُدعى حبًا) يحتاج إلى وجود الآخر بالقرب منه دائماً للتأكّد من أن هذا الآخر يحبّه وإذا غاب يبقى قلقاً ومتسائلاً عمّا يفعله الآخر، إنها دوامةً لا تنتهي.

3.الحرية هي مقياس الحب الحقيقي. لا يمكنك أن تكون سعيداً إذا كنت مقيّداً ولا يمكنك أن تحيا دون أن تحقّق ذاتك وشخصك أمام الآخرين. فالمحبّ يرفع الحبيب نحو السماء محلّقاً، يدفعه ليصل إلى أهدافه. أما من تعوّد على وجود الآخر بقربه فيريده مقيّداً بجانبه، لا لشيء إلا لأنه يريده تابعاَ. فـ “الأنا” تكون هي المسيطرة.

وهكذا كثيراً ما نرى زوجين (أو حبيبين) ظنّا أنهما متحابان، تفارقا ولم يعودا يرغبان حتى أن يريا بعضهما البعض ولو مصادفةً.

وبعد محاولة الشرح هذه للتمييز بين الحب والاعتياد على وجود الآخر، كان واجباً عليّ القول لهما بأن الأحبّة لا يقلّ حبهم بعد الزواج فهو يستمر فرحاً وسروراً واحتراماً ويجعل الحياة دافئة بالرغم من الصعوبات، وبالرغم من ارتفاع الصوت من حين إلى آخر، وبالرغم من الضجر من مشاكل الحياة.

والعلاقة الصحيحة لا تنظر إلى اللحظة الحاضرة التي نكون فيها مع بعضنا البعض فقط ، بل تنظر إلى المستقبل وبناء الأساس الذي سيرفع عليه بيت الحب، بيت مبني على الصخر.

أصغى سامي وندى بحماس إلى حديثي هذا ووعدا بأن يأخذا كل كلمة منه بمحمل الجد والتفكير العميق ومساعدة كل منهما الآخر في أخذ قراره. والزمن هو الحكم…..

مقالات/فيديوهات مقترحة:

شريكة الحياة لابني

ماذا يجب أن تسمع ابنتك عن العلاقات؟

What do you think?

Written by Andre

اترك تعليقاً

GIPHY App Key not set. Please check settings

شريكة الحياة لابني

كل يوم عيد حب

كل يوم عيد حب