بدأت بالتفكير بأهمية مصروف طفلي عندما لاحظت رغبة أطفالي الشديدة للشراء، فكان طلبهم لشراء الحلوى والألعاب والمثلجات يزداد كل فترة مما سبّب ضغطًا ماديًا ومعنويًا علينا كأهل. فكان حديثنا  اليومي (أريد مصروفي….. ما هو مصروفي؟) وبعد نقاش طويل معهم اتفقنا على إعطائهم مصروف أسبوعي، بحيث نقسمه إلى ثلاث حصالات: ادخار، وإنفاق، وعطاء. كان الغرض من تقسيم المصروف زرع قيم في أطفالنا من خلال حديثنا معهم عن المال، واعتبرت المصروف منهجًا تعليميًا لهم، والمال هو وسيلة التعليم. فالادخار يغرس قيمة الصبر في عالم يتآمر بشدّة ضد التريث والانتظار، والعطاء هو تدريب على الإحساس بالآخرين ومشاركتهم أحزانهم، والإنفاق يكون باعتدال وتدبير وتعقل.

هل يكون الحرمان منه عقاباً مناسباً؟

إن حرمان الطفل من مصروفه يؤدي إلى الانحراف السلوكي، وذلك ببحثه عن مصادر أخرى للمال خارج المنزل أو داخله. فالسرقة مثلاً من أبرز النتائج التي يخلّفها حرمان الأبناء من المصروف المخصّص لهم، بالإضافة إلى أن البعض منهم قد ينتهج الاقتراض أو الاستلاف كأسهل الطرق للحصول على المال، دون أن يعلم أن الدّين يورّث الحاجة والذل، ويفقِد الإنسان هيبته أمام الآخرين، بل قد يتسبّب في أحيان كثيرة في ابتعاد الناس عنه وبقاء علاقاتهم أدنى من أن تكون سطحية. لذا فإن اتخاذ المصروف وسيلة للعقاب أمر خطير، ولا يقلّ خطورة عن الإسراف والمبالغة في مصروف الطفل أو الشاب .

اسأله: كيف أنفقت مصروفك اليوم؟

هذا السؤال بدوره سيدخلك إلى تفاصيل تريدها أنت ويجهل هو أو هي غايتك الحقيقية منها. فسؤال الأبناء عن الطريقة التي أنفقوا بها مصروفهم، وهل كان فيها شيء لله، وشيء للادخار، وشيء لقضاء حاجاتهم الخاصة… مثل هذه الأسئلة ستفتح مداركهم لضرورة تنظيم ميزانية الإنفاق، وينمّي عند الطفل الإبداع في التفكير بحيث يفكّر كيف سيصرف هذا المصروف وما الأشياء التي سيشتريها، وهي تنمّي فن الإدارة منذ سن صغيرة.

 اجعله منحة وليس رشوة!

يحدث هذا حين يعمد بعض الآباء إلى إعطاء المصروف مقابل خدمة أو خدمات يقدّمها الأبناء، فالمصروف اليومي الخاص بهم منحة ضرورية، لأنه يسدّ لديهم ثغرات الاحتياج، ويعفيهم عن النظر إلى ما يملك الآخرون، ويعلّمهم مهارة الإنفاق والادخار وقيم البذل والسخاء. لذا فإن المكافأة على إنجاز عمل أو إسداء خدمة شيء، والمصروف شيء آخر يجب التفريق بينهما من قبل الآباء .

من المهم أن نعطي أطفالنا مصروفًا خاصًا بهم بدلاً من شراء كل ما يحتاجونه، فالطفل يشعر أننا نثق فيه لأننا نعطيه مالًا في يده ليتحكّم هو في طريقه التصرّف به، ونجعله يتحمّل نتائج عدم التحكّم في النفس لأنه لو أنهى مصروفه بسرعة فسيحرَم من الشراء طوال الشهر أو الأسبوع مثلاً، فيتعلّم الطفل ضبط النفس والتحكّم في رغباته، وفي الوقت ذاته يزيد من ثقته بنفسه لأنه استطاع أن يدخّر ويشترى ما يريد فيحافظ على ألعابه أو ما اشتراه لأنه تعب حتى توصّل وحصل عليها.

بعد هذا كله نستطيع أن نزرع فيه حب عدم التملك وحب العطاء.

كم علينا أن نحرص على استخدام الأشياء لكي لا نفسد فيها هذا العالم الطفولي! كم علينا أن نحميه من شيطان حب التملك.

اقرأ أيضاً: 11 خطوة لزيادة النشاط وقت الامتحان والدراسة

What do you think?

Written by لارا

عندي صبيين وبنت. درست هندسة حاسوب وأجد سعادتي في خدمة الآخرين. أحب أطفالي كثيرا وأعتبر دوري كأم هو أهم عمل أقوم به.

اترك تعليقاً

GIPHY App Key not set. Please check settings

One Comment

بطولة السيّدات تحت سن 17…

الغضب عند الأطفال