لماذا لا يدافع طفلي عن نفسه وكيف أساعده؟

هل شعرتم يومًا ما بأن أحد أطفالكم غير قادر على الدفاع عن نفسه في ظروف مختلفة؟ وأنه غالبًا ما يتصرّف بتلك الطريقة سواء في البيت بين إخوته أو في المدرسة بين أصدقائه أو حتى بين أطفال العائلة؟

بسبب طبيعة الطفل اللطيف جدًا فإنه عندما يحصل شجار مع غيره سواء إخوته أو أصدقائه، فإنه وللأسف يتخلّى عن حقّه بكل سهولة، ولا يكون عنده مانع من أن يخرج من هذا الشجار خاسرًا لكل حقوقه حتى لو تعرّض للتنمر أو الإهانة. فليس عنده طريقة للدفاع عن نفسه وهو يكتفي بالانسحاب.

تصرّف الطفل هذا ليس سلوكًا مفاجئًا قام به وفاجأ جميع من حوله، بل هو تراكمات نتيجة لتصرّفات من الوالدين أو المعلمين تجاهه بسبب لطفه حتى يعملوا على إنهاء مشكلة أو لاختصار الوقت. من أهم العوامل التي تجعل منه طفلاً منسحبًا من المشاكل، وغير قادر على الدفاع عن نفسه هو موقفه الضعيف بين إخوته بناءً على رغبة الوالدين. حيث يطلب الوالدان منه أن يتحمّل حماقات إخوته الآخرين والذين قد يكونون متسلّطين ويتصفّون بالعناد ولديهم سلوكيات لا يستطيع الوالدان السيطرة عليها. فبدلًا من أن يقوموا بالتصرّف الصحيح في الموقف والتعامل مع الطفل العنيد بالطريقة اللازمة، تجدهم يكتفون بأن يطلبوا من الطفل اللطيف الانسحاب من المشكلة والاستغناء عن حقه في الدفاع عن نفسه، والذي لا يكون هو المخطىء في أغلب الأوقات بل الطرف الآخر.

هل يمكن مساعدة هذا الطفل من قبل والديه؟

نعم، بإمكان الأهل تقديم المساعدة عن طريق التحقيق في المشكلة التي حصلت بين الأبناء فورًا، وعدم التفريق بين الابناء بناءً على شخصيته، لأن هذه الطريقة هي من مبدأ عدم المساواة في التعامل. فوجود طفل يكون بمثابة الضحية فقط لتجنّب المشاكل قد يدلّ على أن أحد الوالدين قد تعرّض لنفس الموقف وهو صغير، ويعلم أن الطفل الضحّية لن ينجح بالدفاع عن نفسه، ولحمايته يطلب منه الانسحاب. هذا التصرّف خاطئ، خصوصًا إن كان أحدهم قد مرّ بنفس المشاعر، فعليهم أن لا يتقبّلوها لأحد أطفالهم ولا يُسقطوا ماضيهم عليه.

كيف يمكننا مساعدة هذا الطفل؟

  • في البداية علينا أن لا نطلب منه الانسحاب من الموقف لتجنّب المشاكل، وأن نطلب منه التعبير عن مشاعره وقول ما يريد والتصرّف بكل حرية. فإذا قام أحد إخوته بإعطائه لقب ما أو سخر منه، فلا مانع أن يدافع الطفل عن نفسه حتى لو كان فقط من خلال رفض ذلك وإخبار أخيه أنه لا يريد سماع ذلك منه. عندما يفعل ذلك بوجود والديه، بدلًا من أن يُطلب منه الانسحاب فإنه يشعر حتمًا بالثقة مما ينعكس عليه إيجابيًا ليصبح سلوكه مختلفًا، ممّا يقلّل من تعرّضه لتلك المواقف لأنه قام بخطوة للدفاع عن نفسه.
  • كما إن إشراك الطفل بأنواع الرياضات التي تساعد على تقوية الشخصية والدفاع عن النفس مثل الكاراتيه وألعاب الدفاع عن النفس تساعده في الشعور بقوته وقدرته على التعامل مع المواقف.
  • كما إن قضاء وقت كافٍ مع الطفل وحده مع والديه، بهدف إشباعه بالحب والأمان والثقة، ومنحه الوقت للتحدّث عن ما يحبّ وما يزعجه ومساعدته في تعزيز الأشياء التي يحبّها والتخلّص أو حلّ المشاكل والأمور التي تزعجه. عندما يجد الطفل أن والديه قد خصّصوا له وقتًا وحده، فهذه تكون أولى الخطوات في تعزيز ثقته بوالديه وبنفسه، وتكون طريقة مهمة جدًا لتقوية شخصيته، وبالتالي يصبح قادرًا على الدفاع عن نفسه والمحافظة على لطفه بنفس الوقت.
  • كذلك فإن تشجيع الطفل على إدارة شؤونه بالطريقة التي يراها مناسبة، والتفاعل معها بطريقته أولًا، وتقديم المساعدة له عندما يطلبها فقط ليتمكّن من استيعاب الأمور والتعامل معها بحسب قدرته وفي الحدود التي يراها مناسبة.
  • من الضروري أيضًا تجنّب العنف معه، لأن الطفل اللطيف لا يمكنه أن ينسى المشاعر السلبية، وآثارها لا تختفي بسرعة، لأن الطفل الذي يتعرّض للعنف هو طفل دائم القلق والتوتر ويشعر بالخوف، لذلك فإنه يلجأ للانسحاب لتجنّب تلك المشاعر السلبية. إن استمر بقبول العنف في الكلام أو التصرّف، فذلك قد يمتد ليصبح مصابًا بحالات من الصدمات النفسية ويصبح الأكثر تعرضًا للتنمر.
  • يجب تجنب إلقاء اللوم على الطفل لمجرد انسحابه من المشاكل، فهو لم ينسحب منها لأنه المخطىء في الموقف، بل لأنه لا يستطيع أن يدافع طفلي عن نفسه  كما يجب عدم إحراج الطفل أمام الآخرين عن طريق التحدّث عن شخصيته وعن طريقته في الانسحاب بسرعة، محاولين بذلك أن نُشعر الآخرين بأنه لطيف ولا يريد المشاكل. فالطفل نفسه يريد التخلّص من تلك العادة ولكنه لا يجد الدعم من أي شخص حوله.

ولأن لكل شيء حدود معينة عندما تصل إلى قمتها تتحوّل إلى أمر آخر، فقد يتحوّل هذا الطفل اللطيف بسبب كثرة الضغوطات وعدم وقوف والده بجانبه للدفاع عنه من طفل لطيف لا يرغب بالشجار إلى طفل ينتقم لمشاعره ويتصرّف بكل أذى، حيث قد يبدأ بإيذاء نفسه لفقدانه الثقة بنفسه وقدراته.

اقرأ أيضاً: كيف أُعلم طفلي أن يدافع عن نفسه؟

What do you think?

-1 Points
Upvote Downvote

Written by رولا

دوري في الحياة أم وأب
أم لولدين أعمارهم 19 و12 سنوات. دوري في الحياة أم وأب لأبنائي بعد أن توفي زوجي منذ 12 سنة. أحب القراءة والطبخ وعمل الحلويات. أتطلع لتربية عملية علمية سليمة لأبنائي.

اترك تعليقاً

GIPHY App Key not set. Please check settings

فما هي الاكزيما وكيف يمكن الوقاية والعلاج منها؟

ما هي الاكزيما وكيف يمكن الوقاية والعلاج منها؟

شرح 7 أنواع من أشهر الأنظمة الغذائية الصحية

تعرف على بعض أشهر الأنظمة الغذائية في عصرنا الحالي