المراهقة هي مرحلة من مراحل نمو الطفل، وبالنسبة للبعض هي من أصعب المراحل التي يواجهها الأهل نظرًا لاختلال الهرمونات في جسم المراهق وعدم القدرة على السيطرة على الأبناء وعلى تصرّفاتهم أثناء مسيرة التربية. ولكن هي في نهاية الأمر مرحلة عادية جدًا قصيرة من حياة الأطفال ولكن طريقة التعامل مع تلك المرحلة ومع الأبناء هي التي تحدّد مدى صعوبة المرحلة والتعامل معها.
المراهق هو طفل حساس جدًا للأمور وللكلمات التي توجّه إليه فهو يغضب ويفرح بتلك الكلمات بنفس السرعة. فالكلام الجميل يفرّحه ويُدخل السعادة إلى قلبه، والكلام الذي يزعجه يؤثر فيه ويجعل تصرّفاته مخالفة تمامًا لرغبات والديه وقد تسبّب لهم الإزعاج والإحراج. لا يستطيع العديد من الأهل تحديد ما الذي يُغضب أبناءهم، لذلك سنقوم بتقديم المساعدة هنا بعرض أهم الأسباب والأمور التي تتسبّب في غضب المراهق وهي كالتالي:
- النقد المباشر وغير مباشر: يؤثر النقد بكل أشكاله على المراهق لكونه حساسًا، وطبيعته قد تكون من النوع الخجول الذي يتأثر بكل أنواع النقد حتى الإيجابي. حيث قد يشعر بالخجل لمجرّد أنهم أخبروه أنه أصبح أطول أو صوته اختلف، وإن أخبروا الفتاة بأن شكلها تغيّر وأن جسمها ينمو أسرع. كل هذا الكلام حتى لو كان مبهجًا للوالدين، فهو يؤثر على المراهقين كون المراهق يشعر بأنه نقد له ولا يستطيع التمييز إن كان هذا الكلام جميلًا أم لا. لذلك على الأهل مراعاة الكلمات التي ينتقدون فيها المراهقين، إيجابية كانت أم سلبية والانتتباه لعدم تكرار أي شيء يشعرون أنه يزعج المراهق في يوم ما.
- عدم فهم مشاعر المراهق: عندما يشعر المراهق بالانفعال يصبح غير قادر على التمييز إن كان ما يشعر به هو غضب أم عناد أم فرح. لذلك ولأنه غير قادر على إيصال مشاعره الحقيقية وهو يشعر بعدم استيعاب مِن هم حوله لمشاعره، عندها يشعر بأن مِن هم حوله لا يحبّونه ولا يريدون فهمه مما يجعله يعاندهم وكذلك لا يستجيب لنصائح والديه. من الضروري على الأهل عندما يشعرون بأن المراهق غير قادر على التعبير عن نفسه أن يتحدّثوا إليه بهدوء ليعبّر عن مشاعره، وإن عجز عن ذلك فلا مانع من مساعدته عن طريق ذكر بعض أنواع المشاعر لمساعدته على التعرّف على نوع الشعور الذي يشعر به.
- الشعور بعدم الاستقرار: خصوصًا بين والديه وفي علاقتهم معًا وعلاقتهم مع الآخرين خارج الأسرة وداخل المنزل. عندما يطلب الوالدان من الأبناء الالتزام بالأعمال الجيّدة والكلمات اللطيفة وبنفس الوقت هم لا يطبقّون تلك الأمور، عندها يشعر المراهق بأنه في بيئة تطلب منه فعل أشياء لا يقوم بتنفيذها إلا هو وحده. بالتالي يكتسب عادات سيئة من خلال طلب عمل شيء وتنفيذ شيء آخر، وذلك الأمر يشعره بالغضب ويعاند والديه ولا يهتم لما يقولوته لأنهم لم يكونوا القدوة التي يريد أن يقلّدها. لذلك على الأهل أن يكونوا حذرين جدًا في ما يطلبونه من المراهق، وأن يكونوا قدوتهم الصالحة حتى يقوموا بنفس أعمالهم بالطريقة السليمة.
- المشاكل بين الوالدين: للأسف هذا النوع من المشاكل يسبّب الغضب والعناد ليس فقط عند المراهقين بل عند جميع الفئات العمرية للأبناء في البيت. فإن تربّى المراهق في أجواء كلها مشاكل ومشاجرات ونقاشات بصوت عالٍ من قبل والديه ومنذ طفولته، فذلك يجعله يشعر بأن هذه الأمور التي اعتاد عليها هي الأسلوب الوحيد الذي يقابله مع أسرته وعليه يتسبّب له بالغضب والعناد. فمن الأفضل في حال النقاشات الزوجية أن يأخذ الوالدان مكانًا مخصّصًا للنقاش بعيدًا عن الأبناء، حتى لا تؤثّر عليهم مع توضيح الأمور لهم بأن النقاشات بين الوالدين تتم بهدوء لما في ذلك مصلحة الأبناء، فيعتاد الأبناء على النقاش بهدوء والتعبير عن رأيهم دون خوف أو خجل من أي شيء.
- المقارنة: مقارنة الطفل سواء بين المراهق وأخوته أو بينه والأصدقاء والأقارب، وعدم تقبّله كما هو بل رغبة الوالدين بأن يكون مثل غيره دون مراعاة مشاعره وقدراته. ذلك التصرّف يشعِر المراهق بالإحباط والرفض وعدم القبول من أهم الشخصيات في حياته، وهذا يُفقِده ثقته بنفسه وثقته بوالديه ونتيجة لذلك يغضب ويعاند. على الأهل التحدّث عن ابنهم كما هو دون مقارنة، وإظهار قدراته له علنًا ومدحها وتشجيعه على الاستمرار حتى يتمكّن من أن يأخذ خطوات أكبر بسبب تلك الثقة التي تم تعزيزها به.
- ردود الفعل السريعة: قد يغضب الوالدان وبسرعة كبيرة من أي تصرّف يقوم به المراهق دون علمه بأن ما قام به فعلًا يستحق كل ذلك الغضب. فقد يشاهد المراهق برنامج ما على التلفاز ويظهر على الشاشة مشهدًا لا يعجب الوالدان، فتبدأ عمليات النقد والصراخ والتجريح في الكلام دون توضيح سبب غضبهم. تلك الردود السريعة دون إعطاء المراهق فرصة لتوضيح الأمور تُشعره بالغضب وتجعله يقوم بتكرار الأمر نفسه سواء بوجود والديه أو بدونهم، مما يتسبّب بفقدان ثقة الوالدين في أنفسهم وفي قدرتهم على تحليل الأمور وضبط النفس، وفي ثقتهم بالمراهق. هذا يؤثّر على ثقة المراهق بنفسه بحيث يصبح حائرًا غير قادر على تحمّل المسؤولية، فيبدأ الغضب القوي لديه ويصبح عنيدًا بشكل كبير.
اقرأ أيضاً: 5 طرق تساعد الأهل في التعامل مع المراهق
GIPHY App Key not set. Please check settings