طفلي يتنمّر على أصدقائه
من أسوأ المواقف التي حصلت معي كان عندما اتّصلت المدرسة وطلبوا مني الحضور ليخبروني عن سوء سلوك طفلي، وأنه يتنمّر على أصدقائه بالألفاظ والكلمات، ويضربهم ويسيء معاملتهم، هذا الأمر جعل أصدقاءه يشعرون بالسوء منه.
طلبت مني المرشدة النفسية مساعدتها ليتجاوز طفلي هذه المشكلة، وأن أعيد النظر بطريقة تعاملي معه، فتصرّفه هذا يدلّ على أن طفلي يعاني من مشاكل ويجب علاجها والتعامل معها بالكثير من الحذر بعيدًا عن الضرب والصراخ.
فقالت: “إن معظم الأطفال يتنمّرون لأنهم يواجهون صعوبة في إدارة المشاعر القوية مثل الغضب أو الإحباط... فهم لا يعرفون سوى لغة واحدة، أي لغة العنف والقمع. ومن المحتمل أنهم لم يتعلّموا طرقًا جيّدة لحلّ النزاعات وفهم الاختلافات و يفتقرون إلى المهارات الاجتماعية، لذلك يلجؤون لهذه الطريقة لإثبات وجهة نظرهم.”
عرضت عليّ مجموعة من الأسباب التي تجعل الطفل يتنمّر على أصدقائه، ومنها التجاهل والإهمال، عندما يتجاهل الوالدان طفلهما لانشغالهما بأمور أخرى، فيسعى الطفل للبحث عن وسيلة لجذب الاهتمام حتى وإن كانت خاطئة.
أو ربما يكون الأهل من الآباء الذين يميلون إلى توبيخ أبنائهم بقوة على أصغر الأخطاء ظنًا منهم أن ذلك أفضل في تربيتهم، لكن الطفل يشعر عندها بالضعف ويحاول تعويض ذلك بفرض سيطرته على الأطفال الآخرين دون استخدام الضرب كما يحدث معه داخل المنزل.
وتابعت تقول: “إن أغلب الأطفال المتنمّرين يحاولون أن يلفتوا الأنظار إليهم وأن يتحلّوا بشعبية كبيرة في المدرسة، ويعود ذلك لضعف ثقتهم بأنفسهم ورغبتهم المستمرة في الحصول على طمأنة الآخرين لهم بأنهم محبوبون.”
ويمكن أن يكون التدليل الزائد سببًا في جعل الطفل أنانيًا وهذا يجعله يريد الاستحواذ على كل شيء ولا يحبّ المشاركة، و يدفعه إلى حبّ السيطرة والتحكّم في غيره، ومَن يخالفه يصبح ضحيّة لتنمّره. ربما لأنه يشاهد أفلام الكرتون العنيفة وألعاب الفيديو وهي أحد الأسباب التي تدفعه لأن يطبّقها على أرض الواقع.
قدّمت لي بعض النصائح لتعديل هذا السلوك:
- “الخطوة الأولى التي يجب معالجتها لإيقافه عن استخدام العنف والضرب هي مساعدته في معالجة المشاعر التي تدفعه للضرب، والتعبير عنها بطريقة لا تزعج الآخرين.
- ومن الأفضل الابتعاد عن استخدام العنف البدني مع الطفل والتوبيخ أو السخرية منه (في حال كنتم تعتمدون هذه الطريقة في التعامل معه).
- وإقناعه بأنه شخص يعتمَد عليه، من خلال تكليفه بمسؤوليات أخرى كالاهتمام بشقيقه الأصغر، أو المساعدة بالأعمال المنزلية.
- ويحتاج الطفل إلى الإحساس بالحبّ والعناق الكثير من والديه دون أسباب، يجعله هذا يشعر بالحب والدفء ويميل إلى التعامل بإنسانية مع رفاقه.”
وعند العودة إلى المنزل حاولت قدر الإمكان أن أكون لطيفة ومُتفهمّة له، كماوحافظت على هدوئي ولم أظهر له انزعاجي من تصرّفاته، لأنني أعلم أنه بحاجة لتعديل هذا السلوك وهذا لن يكون بالعنف والصراخ أبدًا. بدأنا بالحوار والتكلّم وطلبت منه أن يعبّر عن مشاعره إما بكتابة ما يزعجه أو بممارسة الرياضة أو اللجوء للعزف على آلته الموسيقية. ِووضحّت له فكرة إنني لن أتسامح مع التنمّر في المنزل أو في أي مكان آخر، وأنني على استعداد كامل لأساعده في أي موضوع يزعجه بشرط أن يتعامل معه بهدوء.
اقرأ أيضاً: ما هي أسباب تعرض طفل معين للتنمّر؟
GIPHY App Key not set. Please check settings