لا بدّ لنا أن نتوقّف عند عنوان هذه المقالة لنعيد قراءتها ونفهم ما المقصود من العنوان “حقوق الطفل المتنمّر”، وكيف يكون له حقوق بالرغم مما يفعله من أعمال تتسبّب بالضرر لغيره. في الحقيقة الطفل المتنمّر هو طفل ضعيف، وفي أغلب الأوقات هو لا يعرف ماذا يريد ولا يفهم نوع مشاعره ممّا يجعله يستخدم العنف والتنمّر كوسيلة للتعبير.
عندما نرى أن هناك طفلاً متنمّرًا يتسبّب بالضرر والإيذاء لغيره، نجد أنفسنا تلقائيًا وقد بدأنا بالتحقيق بالأمر بكل غضب، وبطرح الأسئلة سؤالًا تلو الآخر دون انتظار أي إجابة، لنصل إلى مرحلة لا نقاش فيها. بحيث ننفّذ العقاب على الطفل المتنمّر ونحاول إنقاذ الطفل المتنمّر عليه، ولكن هنا ما نفعله هو إنقاذ طفل من مشاعر تعرّض لها نتيجة التنمر، ولكن بنفس الوقت عملنا على تدمير شخصية ونفسية طفل في أغلب الأوقات لا يعلم أن الذي قام به هو أمر خاطئ يتسبّب بالأذى لغيره.
سنقوم بعرض بعض الأمور والتي تُدرج تحت حقوق الطفل المتنمر، والتي علينا مراعاتها من البداية مع الطفل حتى لا يصل إلى مرحلة متطورة من التنّمر. فعلينا محاولة السيطرة على الأمر قبل فقدان الأمل في إصلاح الحال. من أهم هذه الأمور هي:
- على الوالدين مراجعة سلوكهما في البيت سواء معًا أو مع الأبناء أو بين الأبناء، لأن الطفل المتنمّر قد يتصرّف مع غيره بطريقة لا إرادية تقليدًا لما يراه في البيت. فقد يكون الأب عنيفًا مع الأم أو مع الأبناء، أو قد يكون الأخ الأكبر مسيطرًا مما يجعل الطفل يقلّد تلك التصرفات ليصبح طفلًا متنمّرًا. وعليه فإن مراجعة السلوكيات هي حق من حقوق الطفل الذي وبشكل غير مباشر أخذ طابع أحد أفراد الأسرة وعمل على تطبيقها خارج المنزل على شكل تنمّر مباشر على غيره من الأطفال.
- كما أن احترام جسد الطفل هو من حقوقه وذلك يعني عدم تعرّض الطفل للعنف الجسدي والضرب والتوبيخ من قبل والديه، لأن هناك مشكلة ضده وهي أنه قام بالتنمّر على غيره من الأطفال. إن شعر الطفل أن الضرب والسخرية من مشاعره وخصوصًا مشاعر الغضب هو ما يناله، فإنه حتمًا سيعبّر عن رفضه لتلك الطريقة في التعامل مع مشاعره بتفريغ طاقات الغضب على غيره. لذلك احترام جسده ومشاعره هي من حقوقه أيضًا.
- من حق الطفل أن ينال التعاطف حتى بعد التحدّث إليه عن الخطأ الذي ارتكبه، حتى لا يشعر إنه يتعرّض للنقد بشكل مستمر، وأن يتم التوضيح له أن التنمر على الغير وإيذاءهم مرفوض، وليس هو كشخص المرفوض. لذا يجب النقاش مع الطفل والتعاطف معه بطريقة غير مباشرة عن طريق عدم رفضه والتحدّث إليه. يجب تعليم الطفل القيم الأساسية التي ترتبط بحب الآخرين والعطف والتسامح. إلا إنه من الضروري على الطفل أن يجد من يشعر به حتى يستطيع أن يعطي هذه المشاعر لغيره، ويتعامل معهم بتلك الطريقة والتي تحدّ من التنمّر لأنه سيتعامل مع الآخرين كما هم يتعاملون معه.
- كما أنه من حق الطفل أن يشعر بأنه طفل يُعتمد عليه، وما زال بإمكان الوالدين توكيل المهام له، وأن لا يتوقفوا عن ذلك لمجرد أن هناك شكوى ضدّه بأنه متنمّر. يشعر الطفل أن العمل هو المرفوض وليس هو كشخص. على الأهل توكيل المهام له حتى لا يؤثر ذلك على شخصيته، وكي يتمكّن الأهل من السيطرة على مشكلة التنمر بشكل أسرع. في أغلب الأوقات يجب أن تكون المهام الموكَلة للطفل هي مهام أشخاص أصغر منه مثل رعاية أخيه الأصغر أو الاهتمام بالحيوانات الأليفة أو النباتات لأن هذه الطريقة تجعله يريد الاستمرار في العطاء والتعاطف.
- من حق الطفل المتنمّر كذلك أن يعرف لماذا توجَّه له الاتهامات والعقوبات. فأغلب الأهل عندما يتلقّون شكوى على طفلهم إنه متنمّر، فسرعان ما يذهبون للطفل ويصرخون عليه ويوجّهون له الاتهامات، إلا أن الطفل لا يعلم ما الذي يدور حوله ولا يعلم أن ما قام به هو تنمّر بل يعتقد إنه أمر طبيعي لأنه يعبّر عن مشاعره لا غير. لذلك من حقوق الطفل المتنمّر أن يرى من والديه التوجيه من خلال القصص التي يخبرهم بها أو عن طريق إخباره بأنهم تعرّضوا لموقف مثله عندما كانوا في عمره والحديث عن أفضل الطرق للتعامل معها ليتحوّل بها تدريجيًا للطفل بعيدًا عن التنمّر.
- كما إن من حق الطفل أن يجد الجميع داعمين له، مثلاً على الأهل التواصل مع المدرسة لوضع آلية محدّدة مشتركة بينهم للتعامل مع الطفل وتوعيته. فيجد الطفل المتنمّر نفسه بين أشخاص داعمين، جميعهم يتعاملون مع الأمر بطريقة صحّية سليمة. فحتى العقاب هو أمر متفَّق عليها بين الأهل والمدرسة والطفل. فبعد توضيح الأمر للطفل ليعلم ما قام به من خطأ، فإنه يتعلّم منه ويبتعد تدريجيًا عن التنمر، وعليها يعتاد الطفل على الاعتذار عند الخطأ مما يجعل منه شخصًا مميزًا تعلّم من أخطائه.
اقرأ أيضاً: طفلي يتنمّر على أصدقائه.. ماذا أفعل؟
GIPHY App Key not set. Please check settings