من أكثر العادات السيئة التي تحصل في البيت ولا نرى نتائجها ومدى خطورتها إلا بعد أن تنتهي، والتي نرى ملامحها على أطفالنا هي شجار الأهل أمام الأطفال. قد لا يكون ذلك مقصودًا من الأهل، ولكنه يحصل، وبالرغم من سرعة حصوله إلا أن زواله من ذاكرة الطفل بطيء جدًا.
ما قد نجهله هو خطورة حصول ذلك، ليس فقط على الأطفال بسبب سماعهم صراخ والديهم أو مشاهدتهم لموقف ضرب أو عنف، فذلك قد يكون في تلك اللحظة بالنسبة للأهل لحظة غضب ستزول ولكنها للأبناء لحظة لا يمكن لهم أن ينسوها لأنها حَفرت داخلهم اضطرابًا نفسيًا.
هنالك آثار سلبية يسببها شجار الأهل أمام الأطفال بشكل مباشر ومن أبرز تلك الآثار التالي:
أول تلك الأمور وأشدّها خطورة على الأبناء هي انعدام شعورهم بالأمان والأمن العاطفي:
وذلك بسبب شعورهم بالتهديد المباشر حتى لو لم يكونوا هم المقصودون من ذلك الشجار. إلا أنهم يشعرون بأن أمور أسرتهم غير مستقرة، ولأن قدوتهم في الحياة هم الوالدين، فشجارهم سبّب فقدانهم الأمان الذي يجب أن يبدأ من البيت والأهل. عندما يكون الأبناء واعيين وأكبر عمرًا، فإنهم يشعرون باحتمالية انفصال والديهم وطلاقهم مما يُفقِدهم الشعور بالحياة الطبيعية بسبب كثرة الخلافات والشجار المستمر بين والديهم في بيتهم.
ثاني تلك الأمور هي تزعزع وتدهور العلاقة بين الأبناء مع والديهم:
هذا الأمر خطير نوعًا ما، خصوصًا في مرحلة التربية الأوليّة حيث يحتاج الأبناء لكل دقيقة من وقت والديهم معهم، ولكن بسبب الخلافات والمشاجرات المستمرة يفقد الطفل ذلك الوقت، لأن والديه ليس لديهم الوقت أو الشعور بالراحة للجلوس معهم. هذا يسبّب القلق والتوتر عند الأبناء والخوف، ويكون ذلك سببًا لبدء شجار آخر. حتى لو تجرّأ الأبناء وطلبوا من الأهل الجلوس معهم، واستجاب الأهل محاولين قضاء بعض الوقت، إلا أن الأبناء لن يشعروا بالدفء والمحبة، ولكنهم فقط يشعرون بالغضب الذي لا يمكنهم التعبير عنه، هذا بالإضافة إلى سيطرة الإزعاج عليهم وبشكل مباشر.
ثالث أمر هو الضرر الصحّي والنفسي:
جميعنا نعرف أن التأثيرات النفسية على الأطفال كبيرة إلى حدّ الحاجة لمراجعة المختصّين لما تترك هذه المشاجرات من تأثيرات سلبية على نفسية الطفل، وبالتالي قد تسبّب لهم الاكتئاب والقلق النفسي والتوتر والإجهاد. هذا قد يؤدّي إلى القلق وقلة النوم والتأثير على الصحّة الجسدية، فيكون الأبناء في حالة تعب مستمر، مما يؤثر على نموّهم وتطوّرهم الطبيعي والصحّي. ويؤدي كذلك إلى القلق الناتج عن الخوف من أن ينام الطفل ويستيقظ على صوت مشاجرة جديدة لا يعرف متى تبدأ ومتى ستنتهي.
رابع تلك الأمور هو التحصيل الدراسي وانخفاض المعرفة عند الأبناء:
قد لا يدرك الآباء ذلك وقد يطلبون من أبنائهم الذهاب إلى غرفهم مباشرة عند بدء الشجار ظنًا منهم بأن أبناءهم في غرفهم يقومون بواجباتهم ولن يؤثر ذلك عليهم. لكن للأسف يكون الأبناء في غرفهم بعيدين كل البعد عن التركيز والبحث عن المعلومة والدراسة كغيرهم من أبناء جيلهم، وهم منشغلون فقط بالتفكير متى ستنتهي تلك المشاجرة التي تشعِرهم بعد الأمان. هؤلاء الأطفال هم أكثر الأطفال الذين يواجهون صعوبة كبيرة جدًا في تنظيم أمورهم وتحصيلهم الدراسي وأكثرهم عرضة لقلة التركيز في المدرسة وصعوبة تنظيم عواطفهم وقلة المعرفة في حل المشاكل وذلك بسبب كثرة واستمرارية تعرّضهم لها.
خامس أمر هو أمر اجتماعي، كثرة المشاجرات تسبّب مشاكل في علاقتهم مع الآخرين:
عندما يشهد الأبناء مشاجرات والديهم وبشكل مستمر دون توقّف، ودون شعور الأهل بالذنب في كل مرّة، فإن ذلك يزيد فرصة تعامل الأطفال بعنف مع الآخرين وعدوانية. فمجرد أن يعيش الطفل في مشاكل ومشاجرات مستمرة، فذلك سيؤدي إلى صعوبة كبيرة في المحافظة على علاقة صحية مع المحيطين به، وعندها سيفقد الثقة بكل من هو أكبر منه عمرًا، لأنه بالأساس فقد الثقة بوالديه وهو الأهم بالنسبة له. تصبح علاقاته محدّدة مع الأصغر سنًا، ولكن للأسف يمارسون العنف معهم كشعورهم من قبل والديهم، وبالتالي ثقتهم بالآخرين تبدو أمرًا صعبًا وربما مستحيل.
سادس أمر وقد يجهله الكثير هو خطر الإصابة باضطراب الأكل:
لا يعني اضطراب الأكل فقط الابتعاد عن الأكل وتناول الوجبات الصحية وشرب الماء وغيرها، بل يعني الإفراط في تناول الطعام أيضًا، وخصوصًا عندما يلجأ الطفل لنوع واحد من الأكل تعبيرًا عن غضبه، وعادةً يكون الحلويات التي بدورها ولّكثرتها تسبّب أمراض السكر للطفل في عمر مبكر. قد يحصل هذا للطفل بسبب المشاكل العائلية المستمرة والمشاجرات فيلجأ للهروب والأكل بشراهة حتى يتوقف. فتلك المشاجرات قد تسبّب فقدان الشهية للطعام بكل أنواعه أو الشره المرضي على أنواعه أو التركيز على نوع واحد فقط.
اقرأ ايضاً: أهم الأسباب للخلافات الزوجية
GIPHY App Key not set. Please check settings