يحرص أغلب الأهل على عدم الحوار الذي يؤدّي إلى الشجار أمام أبنائهم خوفًا على مشاعرهم، خصوصًا إن كان هناك صراخ بين الوالدين أو هجوم جسدي وغيرها. هنا من الأفضل أن تكون النقاشات الحادّة والخلافات بعيدة جدًا عن الأبناء، خصوصًا إن كان الوالدان لا يعلمان إلى أي مدى يمكن أن يصل النقاش ومدى تأثيره على الأبناء.
أما بالنسبة للنقاشات والخلافات البسيطة، فلا مانع أن تكون أمام الأبناء. وهنا لا نقصد النقاش والخلاف في الآراء من نحو الأمور الكبيرة، ولكن بالنسبة للأمور البسيطة التي تحتاج إلى نقاش بسيط وفيها اختلاف الآراء يكون على أمور عادية جدًا. هنا لا مانع من تواجد الأبناء إذا كان لدى الوالدين قدرة على السيطرة على الأمور، ويعلمان جيّدًا أن موضوع النقاش هو بسيط، ولا يستغرق الوقت.
قد يجد البعض الأمر صعبًا، ولكن من الضروري أن نكون حذرين في التصرّف أمام الأبناء، وأن يعلموا جيدًا أنه من الطبيعي اختلاف الآراء والنقاش طالما كان صوت الوالدين مقبولاً، والنقاش والخلاف على الرأي ضمن المعقول. لكن في الوقت نفسه على الأهل مراعاة الأمور التالية:
- عدم إخفاء الأمر على الأبناء: إن الخلافات في الآراء هو أمر طبيعي، فلا مانع من أن يختلف الوالدان في آرائهم أمام الأبناء. لكن يجب أن يكون ذلك الخلاف بأدب وأن يكون النقاش طبيعيًا، وتبادل الآراء واستماع الوالدين بعضهم لبعض، وإعطاء المجال للآخر بالتحدّث عن الأمر ووجهة نظره. فمن غير المقبول أن يخفي الأهل خلافاتهم عن الأبناء، خصوصًا الخلافات التي تحدث بشكل طبيعي، كالاختلاف على طريقة فرش المنزل أو الاختلاف على نوع الجهاز الذي يريدون شراءه؛ لأنه لا يعقل أن يذهب الوالدان إلى مكان بعيد عن الأبناء لأجل أمور بسيطة مثل هذه. لا مانع للطفل أن يتعرّف أن هناك أكثر من رأي قد يكون حول الموضوع نفسه، وأنه من الطبيعي جدًا أن يحصل له هذا الشيء لاحقًا عندما يكبر. لكن يكون دور الأهل هنا إعطاء صورة جيّدة للطفل، وأن يتعلّم كيف يكون الحوار السليم، حتى لو كان هناك اختلاف في الرأي.
- عدم الخلاف على أمور تخصّ الأبناء: مهما كانت الأمور بسيطة حتى لا يشعر الأبناء بأنهم السبب في خلافات والديهم؛ لأن أغلب المشاكل التي يتسبّب فيها الأبناء لا تكون مقصودة؛ مما يجعل الأبناء يشعرون بالذنب؛ وبالتالي يتصرّفون على غير طبيعتهم لاحقًا، حتى لا يتسبّبوا بأيّ مشاكل لوالديهم. أما المشاكل بين الأبناء معًأ فلا مانع من التصرّف أمامهم عند حلّها؛ لأنه قد يتطلّب الأمر من الوالدين حلّها مع الأبناء.
- عدم محاولة كسب الأبناء لصالح طرف معيّن أثناء الخلاف: قد يبدأ النقاش والحوار بين الأبناء، وإن اشتدّ الأمر، وشعر الوالدان أن الأمر ازداد سوءًا فمن الأفضل التوقّف قبل أن يزداد الأمر سوءًا. من الضروري أيضًا عدم محاولة كسب الأبناء لطرف أيّ من الوالدين، في محاولة منهم الحصول على تعاطف الأبناء، لأن الأبناء يحبّون والديهم بالمثل، ولا يريدون أن يشعروا أنهم السبب في كسب عاطفة أحدهما فوق الآخر.
- عدم استخدام أسلوب التهديد: من المهم جدًا عدم نزع الأمان أثناء حوار الأهل والجدل عن طريق التهديد، مثلًا أن تقول الأم بأنها سوف تترك المنزل، وتذهب لوالديها أو أصدقائها. أو مثلاً يقول الأب أنه سوف يبحث عن بلد آخر للتخلّص من المشاكل، حتى لو كان مجرّد كلام عادي، فإنه بالنسبة للأطفال مصدر خوف وتهديد للأمان عندهم. لذلك من الضروري أن يكون النقاش مع الأطفال بهدف معين وهو توجيههم بأنه من الطبيعي جدًا أن نتعرّض لمثل هذه المواقف في المستقبل، وأن الحوار بهدوء والنقاش هو الحلّ لكلّ الأمور. من الضروري جدًا عدم إنهاء الحوار بين الوالدين دون إيجاد حلّ، ولو مبدئياً حتى لا يتسبّب ذلك بالقلق للطفل، ويصبح يفكّر بالأمر لفترة طويلة حتى يصل إلى نهاية المشكلة.
اقرأ أيضااً: 6 آثار سلبية يسببها شجار الأهل أمام الأطفال