كثيرًا ما يلجأ الأهل إلى أسلوب التهديد مع الأبناء كي يقوموا بما يطلبونه منهم، ومن أجل إتمام المهام الموكَلة إليهم. يكون ذلك عن طريق تهديد الطفل بأساليب مختلفة لنشر الخوف بداخله وحثّه على القيام بالعمل بطريقة أسرع، دون أن يقضي الأهل الوقت في الطلب مرارًا وتكرارًا من الطفل.
وهم غير مدركين أن هذا الأسلوب هو أسلوب قبل أن يؤثّر على الطفل باللحظة نفسها، ويجعل منه طفلاً خائفًا ليقوم بعمل ما يطلب منه، بل هو يبقى مع الطفل لفترة طويلة. فمع تكرار الأمر قد يعاني الطفل من أزمات نفسية بسبب تعرّضه المستمر للخوف من جرّاء التهديد من قبل والديه.
سنقوم هنا بالتكلّم عن التهديد ومدّة تأثيره على الطفل والأخطار اللاحقة له. من أهم النقاط هي كما يلي:
- يعتبر التهديد وسيلة سريعة جدًا يستخدمها الأهل مع الأبناء لتجنّب قضاء وقت طويل في الطلب منهم القيام بأي عمل، ويكون مفعول التهديد مؤقتاً لفترة وجيزة يخاف فيها الطفل؛ وبالتالي يقوم بما يريد منه والداه. من الضروري أن نعلم أن مجرّد أن قام الطفل بالعمل المطلوب نتيجة الخوف، فهذا لا يعني أنه لن يكرّر الأمر. لأن الطفل قام بالفعل بتنفيذ الأمر المطلوب منه فقط كي لا يقوم الأهل بتنفيذ التهديد الذي عرضوه للطفل. كأن يقوم سريعًا بترتيب غرفته تحت التهديد، حتى لا يتعرّض للحرمان من الأجهزة الإلكترونية، أو من الذهاب إلى حفلة صديقه أو غيرها من أنواع التهديدات التي يفرضها الأهل على الأبناء.
- التهديد يجعل الطفل يشعر بأن هناك قوة أعلى من قوة الوالدين في التربية. التهديد هو الرابح الأول والأخير كون الطفل لا يستمع لطلبات والديه إلا تحت التهديد. وعليه في المستقبل لا يصبح لكلمة الأهل أي فائدة بالنسبة للطفل وتعتبر لا قيمة لها. فيعتاد الطفل على العمل تحت التهديد؛ لأنها السلطة الأعلى في البيت قبل أي شيء أو شخص آخر.
- يفقد الطفل حاسة الأمان نتيجة التهديد المستمر ليشعر من خلال التهديد أنه معرّض للخطر في كلّ مرة يرفض أن يقوم بأي شيء، أو حتى عندما يقوم بشيء دون الالتزام بالقوانين. فيصل إلى مرحلة يعتبر الطفل نفسه بها أنه قد يكون محبوباً ضمن شروط معينة، مثلًا إن قمت بترتيب غرفتي دون تهديد فأنا محبوب. أما إذا تعرّضت للتهديد من أجل ترتيب غرفتي، فإن العقاب سينفّذ. هذا حتمًا بالنسبة له لا يعبّر عن أي نوع من أنواع الحبّ. نحن هنا نتحدّث عن الثقة والحبّ التي يجب على الوالدين أن يغمروا الطفل بها، ولكن للأسف هم من يعرّضونه للخوف من خلال التهديد.
- الطفل الذي يتعرّض للتهديد بشكل متواصل هو طفل يعمل على إرضاء الجميع من حوله بسرعة؛ لأنه أصبح مدركًا أنه حتى يصبح محبوباً مرغوباً به، فإن عليه تنفيذ ما يُطلب منه بسرعة حتى لا يتعرّض للتهديد والخوف والعقاب. لذلك قد يقوم بأعمال غير مناسبة له أبدًا، وقد تكون مؤذية بالنسبة له، ولكن لا يرفض مقابل أن يبعد الخوف والتهديد عنه.
- هذا الطفل أصبح يستخدم أسلوب التهديد مع غيره بشكل متواصل، وكأنّه روتين حياته فهو يبدأ باستخدام الأسلوب نفسه على إخوته الصغار، أو مع زملائه في المدرسة؛ لأنه لا يعرف أي طريقة أخرى للتفاوض؛ لأنه لم يتعرّض لأي أسلوب إلا التهديد. هذا يجعل منه لاحقًا شخصية غير محبوبة بين الجميع، ويصبح وحيدًا تدريجيًا نتيجة ابتعاد الجميع عنه؛ بسبب أسلوبه الذي يعتمد فيه على التهديد.
اقرأ أيضاً: أضرار استخدام أسلوب تخويف الأطفال