مرّت سنوات طويلة وكبرت الفتاة، تلك الفتاة التي كنا نراها صغيرة مع أمها، وكنّا نرى سلوكيات وتصرّفات وملامح شخصية أمها واضحة. ولكنّنا مع مرور تلك السنوات الطويلة لم نتوّقع أن نرى في تلك الفتاة ملامح شخصية والدتها التي كنا نعرفها من سنوات طويلة. فتربية الفتاة من قبل والدتها جعل تأثير شخصية الأم هو العامل الأكثر أهمية والأشد تأثيرًا فيها.

  • التربية رحلة: تعتمد تربية الأبناء لا على موقف واحد أو أكثر، ولكن على رحلة حياة ممتدة تشتمل على الكثير. فهناك الأحاديث العفوية والأخرى الجادّة، المخطّط لها والتلقائية، فيها لحظات الفرح والانسجام والأحاديث المنسجمة ولحظات الصراع والنزاع والأحاديث الصاخبة، وهناك الخبرات التعليمية التي جاءت نتيجة التجربة والفشل والأخرى التي جاءت بالكلام والتوجيه. كل تلك اللحظات تجتمع معًا في رحلة تمتدّ في حياة الطفل.
  • التربية رحلة تغيير: تهدف التربية في نهاية المطاف إلى التشكيل، تشكيل شخصية الطفل بما يتلاءم مع مواهبه وإمكانياته وشخصيته، وتوجيهه بما يتوافق مع القيم التي يتبناها. والجدير بالذكر أن التغيير لا يشمل الطفل فقط ولكن يشمل الوالدين. فإن أردت أن يكون طفلك أقل غضبًا أو أكثر اجتماعية أو أقلّ قلقًا أو أكثر انضباطًا فأنت بحاجة أن تتغيّر أولاً، فالتغيير يبدأ منك، والتغيير يتم بالمثال والقدوة والنمذجة. كثير من الآباء والأمهات اكتشفوا أن أبناءهم يغدون مع مرور الوقت نسخة مصغّرة منهم، فالأبناء يقلّدون والديهم دون أن يُطلَب منهم ذلك، فهو أمر عفوي تلقائي، تظهر نتائجه مع الوقت.
  •  التربية مبنية على العلاقة: ننشغل كآباء وأمهات بتقديم الأفضل لأبنائنا، وفي كثير من الأحيان ننشغل عنها ونحرمهم من قضاء الوقت معنا لأننا مشغولون بتقديم ما نظن أنه احتياجهم. هم بحاجة للوقت معنا أولاً، هم بحاجة لحضورنا وتواجدها، هم بحاجة أن ندخل عالمهم ونتعاطف ونشعر معهم، هم يحتاجون أن نلعب معهم لا أن نشتري لهم المزيد من الألعاب. هم بحاجة أن نقتل معهم الوحدة لا أن ننشعل عنهم في وحدتهم. فمن خلال تلك العلاقة الإنسانية يحدث التغيير، وتبدأ رحلة التشكيل وزرع القيم وبناء الشخصية.
  • التربية فرصة للمسامحة والبدء من جديد: لا بد أن تحدث الأخطاء، سواء منّا كأهل أو من أبنائنا. ولكن الرحلة يمكن أن تستمر نحو الأفضل إن مارسنا المسامحة، أن نسامح أبناءنا وأن نعلّمهم أن يسامحوننا وكذلك أن نسامح نحن أنفسنا. فالمسامحة تعني بدء صفحة جديدة، وهي لا تهتم بالتركيز على الماضي ولكنّها موجّهة نحو المستقبل.

فهذه الأفكار لنا كآباء وأمهات، وهي تجعلنا ندرك أن إنجاب الأطفال هو البداية، بداية رحلة تغيير نخوضها معاً. نحن لا نقف كالشرطي الذي يشير إلى المخالفات، ولا كالممرّض الذي يجري لإسعاف المريض، ولكن كالقائد المنضبط الذي يعرف الاتجاه، صاحب الرؤية الواضحة الذي يسير بخطى ثابتة للأمام ويتبعه الأبناء في رحلة تشكيل نحو أشخاص أفضل.

اقرأ ايضاً: 10 نصائح لمن أتعبتهم التربية

What do you think?

Written by شيرين

زوجة لزوج خفيف دم
وأم لطفل واحد ولكنه ليس وحيد، أحب الشوكلاته ولا أستغني عن القهوة، أتعلّم من النملة في نشاطها، أحب الكتابة ولدي شغف للمناهج والتعليم والتدريب

لماذا لم يعد طفلي يتحدث عن يومه

لماذا لم يعد طفلي يتحدث عن يومه

داء باركنسون..الأعراض والعلاج

داء باركنسون..الأعراض والعلاج