في أثناء مسيرة التربية يقوم الأطفال بأفعال كثيرة منها الصحيحة، والتي يتم تعزيزها من أجل المحافظة على الاستمرار بتنفيذها، ومنها الخاطئة التي من جرّاء عملها يأتي العقاب عليه من قبل والديه. هذا الأمر يعتبر طبيعياً إلى حدّ ما؛ حيث إن العقاب إن كان صَحِيحاً، فإن الطفل حتمًا سوف يتعلم منه أن لا يقوم بتكراره، أو على الأقلّ الاستفادة منه، خصوصًا كما ذكرنا إن كان العقاب عقاباً صحيحاً.

ولكن من الضروري على الأهل، وقبل العقاب أن يراعوا أمرًا مهمًا وهو أن يكون العقاب الذي اتخّذوه على الطفل على قدر الخطأ الذي قام به الطفل، وليس على قدر غضب الوالدين من العمل الذي عمله. فَمَثَلاً لا أعاقب الطفل على أنه لن يلعب بلعبته المفضّلة لمدّة شهر كامل؛ لأن الطفل قام بكسر قطعة أثرية مهمة جدًا. نجد أنه لأن القطعة مهمة جدًا يأتي الغضب الكبير والعقاب الأكبر، ولكن بالنسبة للطفل فهو فقط لم يهتم جيدًا، ورمى الكرة بالخطأ، فكسرت تلك القطعة. هنا يجب أن يكون العقاب على قدر خطأ الطفل أنه لم يلتزم بالقوانين، ولعب بالكرة داخل المنزل؛ لأنه هكذا يرى الأمور لا غير.

لذلك من المهم قبل تنفيذ العقاب أن نسأل أنفسنا أسئلة مهمة جدًا، والتي من خلالها نستطيع أن نتعرّف لماذا يتصرّف الطفل بذلك الشكل، وهي تكون بسيطة جدًا، ولا يقصد الطفل فيها الإيذاء، بل هو يعيش تجربة، ويريد التعلّم والاستفادة منها.

  • قد يكون الطفل يقوم بعمل سلوك مزعج حتى يشبع احتياجات معينة يكون يبحث عنها؛ لأن الطفل لديه احتياجاته الخاصة في القبول والحب والفخر والاستقلال والأمان والحرية، فقد يكون يتصرف بأسلوب غير مناسب من أجل الحصول عليها. فعندما يريد الطفل تلك الحاجات، ولا يستطيع الحصول عليها يبدأ بالبحث عنها بطرق مختلفة قد تسبب الإزعاج للوالدين. قد يبحث الطفل عن حاجات معينة، ولا يستطيع الحصول عليها؛ لأنه تم رفضه أول مرة وثاني مرة ليبدأ بالتصرف بعناد من أجل لفت انتباه من هم حوله، حتى يستطيع الحصول على ما يرغب.
  • وقد يقوم الطفل بالتصرّفات المزعجة من أجل اكتشاف العالم من حوله، فهو يتصرّف بطريقة لا يعلم أنها تزعج والديه، ولكنّه في الحقيقة طفل يحاول اكتشاف العالم من حوله. قد يقوم الطفل بلمس الأشياء من حوله فقط لأنه يريد أن يعرف نوع الملمس، ولكنه بالخطأ قام كسرها فهنا لا يكون قصد الطفل أن يتسبّب في كسر تلك القطعة، بل هو فقط يريد أن يتعرّف إلى ملمسها وطبيعتها.
  • وقد يكون الطفل يريد فقط التعبير عن مشاعره بطريقة معيّنة، قد يشعر بالخوف من شيء ما، فيقوم بإصدار أصواتًا غريبة محاولًا التخلّص من الخوف. ولكن قد تُفسّر تلك الأصوات أنها صراخ من الطفل تم إزعاج الوالدين به. لكن الطفل بطبيعته يحتاج إلى التعبير عمّا يشعر به، دون أن يشعر بأن ذلك التعبير عن المشاعر قد يتسبّب له بالإزعاج أو العقاب؛ لأنه لم يتصرّف كما يجب.
  • لذلك من الضروري التعرّف على الطفل وشخصيّته وطريقته في التعامل مع الأمور والسبب في قيامه بالأمور التي تسبّب الإزعاج للوالدين قبل أن نبدأ كأهل بإصدار الحكم على التصرّفات وتنفيذ العقاب على الطفل الذي ينظر للأمور بكل استغراب؛ لأنه لا يجد نفسه مخطئاً بشيء، بل كل ما قام به هو محاولات اكتشاف الأشياء حوله أو محاولات للتعبير عمّا يشعر به، ولكن لم يتم فهمه بالطريقة الصحيحة وعليها تمّ توجيه العقاب له.

اقرأ ايضاً: كيف أعاقب طفلي دون إيذاء نفسيته

What do you think?

Written by رولا

دوري في الحياة أم وأب
أم لولدين أعمارهم 19 و12 سنوات. دوري في الحياة أم وأب لأبنائي بعد أن توفي زوجي منذ 12 سنة. أحب القراءة والطبخ وعمل الحلويات. أتطلع لتربية عملية علمية سليمة لأبنائي.

علامات تدلّ على أن الطفل يكذب

علامات تدلّ على أن الطفل يكذب

متى نلجأ إلى غسيل الكلية

متى نلجأ إلى غسيل الكلية