كيف أجعل طفلي يتقبّل اختلافات الناس؟
كثيرًا ما يأتي الطفل لوالدته بأسئلة غريبة، ولكنّها تكون أسئلة ناتجة من شيء حصل معه أو شيء رآه وأراد أن يتعرّف عليه أكثر. ولكن قد تأتي الأسئلة محرجة نوعًا ما للأم أو الأب، خصوصًا إن كان الموقف أمام الآخرين وهناك مَن سمع السؤال غيرهم.
في البداية مهما كان نوع السؤال المطروح من الطفل فلا بد لنا بقبوله؛ لأن الطفل بطبيعته يحبّ الاكتشاف، ويرغب بأن يعرف كل شيء خصوصًا الأمور التي تكون أمامه، ولا يجد لها تفسيراً إلا السؤال عنها.
من أكثر الأسئلة المحرجة التي يتعرّض لها الأهل هي الأسئلة التي تكون عن الأشخاص الآخرين، وعن اختلافهم عن الطفل من ناحية الشكل أو اللون أو الكلام وغيرها. فقد يأتي الطفل بسؤال أمه لماذا هذا الطفل لون بشرته أغمق من لون بشرتي أو افتح بكثير من لون بشرتي. يكون الطفل فقط يبحث عن إجابة، ولا يكون لديه أي تفريق عنصري، ولكن أراد أن يعلم ما هو سبب هذا الاختلاف. أو قد يسأل لماذا هذا الرجل لا يوجد لديه إلا يد واحدة أو أين ذهبت يده الأخرى وغيرها من الأسئلة التي مجدّدًا نقول إنها تسبّب الإحراج للأهل، ولكن دون قصد من الطفل.
ومن هنا سنقوم بالتحدّث عن بعض الأمور التي تساعدنا على مساعدة الطفل أن يتقبّل اختلافات الناس باختلاف طبيعته دون أيّ إحراج أو إزعاج للطفل أو لغيره:
من أهم الأمور هي تدريب الطفل منذ الصغر بالتحدّث إليه عن طريق قصص أو برامج تتحدّث عن اختلاف البشر في الشكل واللون. البشر يختلفون في شكلهم ولونهم كما تختلف الزهور بأنواعها ورائحتها، وكذلك الطيور فإن لها أشكالاً وألواناً مختلفة. هنا يبدأ الطفل يعتاد أن يرى أشخاصاً مختلفين، وقد لا يلجأ إلى السؤال لماذا؛ لأنه يعرف أن هناك بشر مختلفين. ومن الضروري أن يعلم الطفل أنه لا يوجد الأفضل بينهم من ناحية اللون أو الشكل، فنحن لسنا الأفضل؛ لأننا نملك شعراً ناعماً، ولا هم أفضل منّا لأن لونهم مختلف، بل لكلّ منّا ميّزة خاصة ميّزنا الله فيها عن غيرنا.
كما أنّه من الضروري التحدّث إلى الطفل عن أهمية التعامل مع الجميع بالطريقة نفسها؛ لأننا في نهاية الأمر كلّنا مختلفون عن بعضنا البعض. كما ويجب إعطاؤه أمثلة أن والده يختلف عن والدته، وأن الطفل نفسه يختلف عن أخيه، لذلك من الطبيعي جدًا التعامل مع الجميع بالطريقة نفسها، وأن يكون التعامل مع الجميع بإنسانية وبطريقة لطيفة، وأن نتعامل مع الآخرين كما نرغب أن يتعاملوا معنا.
من المهم جدًا على الوالدين الانتباه لطريقة كلامهم عن الآخرين؛ لأنه في معظم الأوقات لا يكون تصرّفات الأهل أو طريقة الكلام مقبولة للطفل، بالرغم من أنهم لا يقصدون أي شيء أو معنى آخر قد يفهمه الطفل بطريقة مختلفة. مثل التعليق على جسم شخص ظهر في شاشة التلفاز، وهذا قد يعطي الطفل فرصة للتأمل بالفرق في شكله، ويجعله يبحث عن أشياء في أشكال الآخرين ويبدأ بالنقد.
كما أنه لا مانع من أن يُحضر الوالدان القصص والكتب المفيدة التي تتحدّث عن الاختلافات في البشر والطبيعة والنباتات والحيوانات، حتى يتمكّن الطفل من أن يتفهّم الأمر بأن الاختلاف شيء طبيعي ولا حرج منه. وفي النهاية الطفل يتعلّم من الأهل أغلب الأمور في حياته؛ لأنه معظم الوقت معهم. الطفل بطبيعته يحاول التقليد دائمًا، ويعمل على اكتشاف المعلومات بطريقته الخاصة؛ ومن ثم هم أذكياء يتعلّمون بسرعة من والديهم لذلك علينا أن نكون القدوة في التعامل معهم ومع أنفسنا ومع الغير، حتى يتعلّموا منا كل ما هو مفيد لهم ولمستقبلهم، خصوصًا في التعامل مع الآخرين.
اقرأ أيضاً: كيف أزرع في أبنائي احتضان التنوّع والاختلاف؟