مصروف الطفل

جميعنا نعلم كم هي كثيرة طلبات الأبناء من الوالدين، فكلما كبروا في العمر ازدادت طلباتهم وحاجاتهم لشراء ما يلزمهم. لأننا نوفّر الأشياء لأبنائنا بسرعة؛ وبسبب عواطفنا من نحوهم فنحن لا نريد أن يشعر أبناؤنا بأي نقص عن غيرهم أو أن يكون لدى أصدقائهم أشياء لا يستطيعون هم الحصول عليها.

ولكن مع وجود أبناء آخرين ومصاريف البيت وما يلزم للمعيشة يجد الوالدان في أغلب الحالات أن الطلبات التي يتعمّد الأبناء السؤال عنها ما هي إلا كماليات ليس هناك داعٍ لوجودها. لكن لا يستطيع الوالدان فجأة انتزاع خاصية توفير الطلبات لمجرد اكتشافهم فجأة أنها كماليات.

الجدير بالمعرفة أن الأطفال لا يهتمون بما يملكون كما يجب، فقد يبدأون بالمحافظة على الشيء لفترة قليلة؛ وبالتالي يصبح في عداد الأشياء غير المهمة، بالرغم من أن الوالدين قد بذلوا قصارى جهدهم لتوفيرها. لذلك وعليه أجمَع أغلب علماء التربية أنه من أفضل الطرق التي من خلالها يتعلّم الطفل أهمية الشيء وطريقة المحافظة عليه هي بتقديم المصروف له وتوفير الأشياء حسب قيمة المصروف وبمساعدة الطفل كذلك.

قد يكون المصروف على شكل يومي أو أسبوعي أو حتى شهري، ولكن من الضروري أن يعرف الطفل أن هذا المبلغ المخصّص لتلك الفترة التي يختارها الأهل هو فقط ما يمكنه الحصول عليه. وأنه في حال طلب الطفل من والديه الحصول على لعبة أو قطعة حلوى إضافية لما يقدّمه الأهل بالأساس، فلا بدّ له أن يشتري من مصروفه الخاص حتى يتمكّن من معرفة قيمة المال قبل تبذيره.

من خلال إعطاء الطفل مصروفًا، فإنه يتعوّد تدريجيًا على إشباع رغباته حسب قدراته؛ وبالتالي يفكّر كثيرًا قبل شراء أي شيء؛ لأنه في حال قام بتبذير المال مرّة واحدة على شيء ما، فإنه سوف يدرك لاحقًا أنه لن يتمكّن من الحصول على المال مجدّدًا إلا بعد انقطاع الفترة والحصول على مبلغ آخر.

كما أن للمصروف قيمة كبيرة يتعلّم الطفل من خلالها مهارة التخطيط قبل صرف المال، وأنه من الممكن ادخّار المال، حتى يحصل في النهاية على مبلغ وافٍ لشراء شيء قد كان والداه عاجزين عن شرائه ودفع مبلغ كبير من المال دفعة واحدة.

قد نبدأ مع الطفل من عمر الخمس سنوات عن طريق إعطائه مبلغاً بسيطاً من المال لفترة يقرّرها الأهل، والتحدّث للطفل عن طريقة الصرف. قد لا يتعاون الطفل، ويحتاج وقتاً أكثر لمعرفة قيمة المال، ولكن مع الوقت سوف يصبح مدركًا أكثر.

لكن على الأهل أن يدركوا جيّدًا أنه لا يمكن لهم استخدام المصروف لعقاب الطفل على تصرّف ما في المدرسة، أو في البيت. فلا يجوز استخدامه كوسيلة؛ لأنه منذ بداية الأمر بدأنا بإعطاء المصروف كي نعلّم الطفل كيفية الادخار وتحمّل المسؤولية، وعليه عندما نأخذ المصروف منه عقابًا له، فإننا هنا نقتل فكرة الادخار والمسؤولية؛ لأنه لا بدّ للعقاب أن يكون مهمًا أكثر بالنسبة للطفل.

يتم تحديد قيمة المصروف ليس بناء على حاجة الطفل لاحتواء أكبر عدد ممكن من الحاجات، بل يكون بناء على المستوى المعيشي للوالدين، وعلى قدرتهم في تقديم المصروف للأبناء جميعهم بطريقة متساوية بناء على أعمارهم ومعرفتهم لحاجاتهم.

ومع الوقت يصبح الطفل قادرًا على معرفة قيمة المال، وقد يلجأ إلى الادخار في حال شعر بأنه قادر على توفير المال، فيصبح بالتالي مسؤولًا يعلم جيدًا الوقت المناسب لشراء ما يلزمه. وقد نجده بدأ يشارك بتوفير المال مع إخوته لشراء لعبة جماعية أو غيرها، ولكن من الضروري مراقبة ومتابعة الأهل بطريقة ذكية ليتمكّنوا من التأكد أن الأمور تسير كما يجب.

اقرأ أيضاً: كيف نعلّم أبناءنا الفرق بين الاحتياجات والرغبات

What do you think?

-1 Points
Upvote Downvote

Written by رولا

دوري في الحياة أم وأب
أم لولدين أعمارهم 19 و12 سنوات. دوري في الحياة أم وأب لأبنائي بعد أن توفي زوجي منذ 12 سنة. أحب القراءة والطبخ وعمل الحلويات. أتطلع لتربية عملية علمية سليمة لأبنائي.

أشعر بالندم بعد العصبية على طفلي

أشعر بالندم بعد العصبية على طفلي

5 نصائح لحياة أكثر بساطة

5 نصائح لحياة أكثر بساطة