لا نستطيع أن نكون برفقة أبنائنا بشكل يومي، حتى نحميهم ونحمي مشاعرهم من التعرّض لحدث صادم من خلال مواقف يتعرّضون لها، ولكن نستطيع أن نكون متواجدين عندما يحتاجون للتعبير عن الأمور التي تعرّضوا لها، والتي تسببت لهم بالتأثير النفسي.
قد يتعرّض الطفل لأمور كثيرة، سواء كان في المدرسة، أو في البيت بين أسرته أو حتى مع العائلة والأصدقاء، وقد يجهل الطفل طريقة التصرّف الصحيح أثناء ذلك الموقف. ولكنه إن كان يشعر بثقة والديه فهو حتمًا سوف يعمل على إخبارهم بما حدث له، وهنا يأتي دور الأهل في التعامل بطريقة صحيحة مع الطفل، حتى يتجاوز ذلك التأثير عليه.
وهنا سنقوم بعرض أفضل الطرق للتعامل مع الطفل بعد حدث صادم، والطرق السليمة للتفاعل مع الطفل مهما كان مستوى تأثّره بذلك الموقف بَسِيطاً أَوْ قَوِيّاً فلا بد للأهل أن يكونوا ملجأ الطفل الوحيد؛ لأنهم لن يقدّموا له سوى ما يحتاجه. وعليه يجب أن نكون على قدر كافٍ من المعرفة لتلك الطرق في التعامل، حتى ننجح بنزع التأثير النفسي على الطفل.
ومن أهم هذه الطرق هي كالتالي:
- عندما يبدأ الطفل بالتحدّث عن الأمر الذي تسبّب له بالإزعاج، هنا على الأهل الاستماع له بكل انتباه. وإن حاول الطفل تكرار نفس العبارة أو الكلمات، وحتى لو توقف لدقيقة لا نطلب منه الاستمرار، بل نترك له المجال الكافي للتحدّث عن الأمر الذي أزعجه، وأن نعطي اهتماماً كبيراً للأمر، حتى لو كرّره مرارًا على الأهل الاهتمام بالأمر وكأنهم يستمعون له لأول مرة. لأنه غالبًا ما يجعل الطفل يشعر بالارتياح لأكبر درجة هو فقط التحدّث عن الأمر. مع مراعاة عدم إيقاف الطفل عن الحديث لسؤاله أي شيء. بل الانتظار إلى حين الانتهاء من الحديث، حتى يتمكّن الطفل من إخراج جميع المشاعر السلبية التي يشعر بها من ذلك الموقف.
- من الضروري هنا على الأهل العمل على التأمين على مشاعر الطفل، مثلاً أن يقولوا له مهما كان الأمر، ومهما كانت مشاعرك تجاه ذلك الأمر فنحن هنا نشعر بك ونحن معك حتى النهاية ولن نتركك. لأنه ومجرد أن الطفل شعر بالأمان هنا يبدأ الدماغ يترجم نوع المشاعر عن الطفل، ويبدأ بالتعبير عنها. فقد يكون الطفل خائفًا وهو لا يعلم أن ما يشعر به هو الخوف، ولكن لمجرّد شعوره بالأمان، فإنه يبدأ بالتعرّف على نوع المشاعر والإفصاح عنها. فالخوف يختلف عن الخطر، فقد يكون الطفل خائفًا من أن يتعرّض للخطر وهو لا يعلم كيف يترجم تلك المشاعر إلا عندما يشعر بالأمان. مع مراعاة التعبير بالكلمات مثلاً أن نقول له أنا أفهمك جيّدًا، وأتفهّم مشاعرك، ولو كنت أنا مكانك شعرت بالشيء نفسه، وأنها مشاعر قد تزول، ولكن علينا التعامل معها بالطريقة السليمة. ذلك الأمان في المشاعر يجعل الطفل يتحدّث بطريقة أفضل عن ما يحدث معه.
- في حال وجد الأهل أنه من الصعب على الطفل التحدّث عن الحدث الصادم الذي يسبّب له القلق والألم، هنا يجب أن نطلب من الطفل أن يقوم على تمثيل ما حصل معه. خصوصًا إن كان الطفل لا يتحدّث جَيِّداً ولا زال صغيرًا على الكلام وترتيب الأحداث؛ لأنه عن طريق التمثيل لما حدث تظهر مشاعر الطفل الحقيقية، فقد نراه يشعر بالغضب من موقف ما أثناء التمثيل، أو يشعر بالخوف من شيء آخر هنا تكون مشاعره قد ظهرت على شكل تعابير وجهه الصغير. وكذلك الأمر الطلب من الطفل تمثيل الدور الذي قام به هو أيضًا عندما تعرّض لذلك الموقف لنجد طريقة دفاع الطفل عن نفسه، ونعرف مدى حاجتنا لتطوير ذلك الدفاع إن لزم الأمر. من ضرورة توفير الأمان أثناء التمثيل، حتى لو بدأ الطفل بتمثيل موقف لم يعجبنا من الضروري المحافظة على هدوء الأعصاب، حتى يشعر الطفل بالأمان، ويستمر بالحديث دون قلق.
- وبعد كل ذلك على الأهل متابعة الحالة النفسية للطفل، والتأكّد أنه لم يتم التأثير عليها بشكل كبير. ويتم ذلك عن طريق متابعة الطفل اليومية وإشراكه في نشاطات يقضي فيها وقت كافياً يُبعده عن التفكير بما حدث معه ومراقبة الطفل إن كان قد يتأثّر ولا يظهر، فقد تكون عن طريق التحدّث أثناء النوم أو أن يتعرّض الطفل للتبوّل اللاإرادي مع مرور الوقت.
اقرأ أيضاً: 6 إقتراحات يمكننا كوالدين القيام بها لمساعدة أنفسنا خلال الأزمات الصادمة