“يظن الكثير من الآباء أنهم يفهمون شخصية أطفالهم، ولكن في لحظة ما وفي حدث ما يكتشفون أنهم لا يفهمونهم… أن نفهم أطفالنا أمر مختلف عن رأينا بهم وعن مشاعرنا اتجاههم. فالتفهّم يعني تقبّل اختلافهم عنّا واحترام تميّزهم.” قرأت هذه العبارة في أحد الكتب وقد جعلتني أعيد النظر بطريقة تعاملي مع أطِفالي، فجلست أتأمّل اختلاف شخصياتهم، وتمايزها وتفرّدها، وما الطريقة لأتمكّن من التعامل مع كل واحد منهم بالأسلوب الذي يناسب شخصيته.

أردت فهم شخصية كل طفل، بمعنى آخر حاولت دراسة شخصيتهم، وهذا الأمر ليس صعباً أو معقداً، إنما تطلّب مني الرغبة لتحليل تصرّفات كل واحد منهم. كان الهدف بالطبع ليس هو الدراسة أو الفهم وتحليل الشخصيّة لمُجرّد الفهم والتحليل، لكن الهدف هو تربيتهم بطريقة سويّة وسليمة، تناسب شخصيتهم، وتؤهلهم لمواجهة الحياة بصعوباتها وتعقيداتها بطريقة فعّالة وإيجابيّة.

 وهذا يتم من خلال مراقبة الطفل – دون أن يشعر إني أراقبه- أثناء تناوله للطعام، وأثناء اللعب وفي طريقته في التعامل مع الألعاب، وما نوع الألعاب التي يفضل اللعب بها، وما إذا كان يحب أن يرسم أم يفضّل الموسيقى؟ و معرفة الأنشطة التي يفضّلها هل هي رياضية أم حسية؟ وما نوع الكتب التي يحبّ قراءتها، وهل لديه ميل للكتابة؟

كما ويمكنني مراقبته من خلال دراسة المواد أيضًا، هل هناك مادّة يحبّها أكثر من غيرها أم لا ؟ هل يفضّل المواد العلمية على الأدبية؟ هل يفضّل الدرس في مكان هادئ؟

أما الوسيلة الثانية التي لجأت إليها هي  التحدّث إليه ومعرفة رأيه بكل وضوح تجاه أي مشكلة حتى ولو اضطررت أن أقصّ عليه قصة من وحي الخيال. كل هذا لكي أعرف طريقة تفكيره وأتمكّن من توجهيه إلى الصواب، فهذه المناقشة جعلته يفرح كثيرًا، ويرى أن له دور مهم في الأسرة لا يمكن أن يتجاهله أي شخص.

وحاولت العمل على فهم ما يزعجه، فإن كان هناك شخص ما لا يحبّه فلا أجبره على أن يتعامل معه، ولكن عملت على فهم سبب هذا الكره لكي أعرف ما يشعر به.

وانتبهت لردّات الفعل في المواقف الصعبة، فبينما يحاول طفلي الكبير مرارًا وتكرارًا حتى ينجح في إنجاز العمل يميل طفلي الثاني إلى البكاء وترك المحاولات والاستسلام والالتفات لشيء آخر.

كل هذه الأشياء لها أهمية كبيرة داخل الطفل وتجعلنا نفهم شخصيته بكل وضوح. من المهم أن ندرك أن أبناءنا متميّزون ومُتفرّدون ويختلف كل واحد منهم عن الآخر في الميول والطباع والتوجّهات. وهم بالطبع أيضاً مختلفون عنّا، ولم ولن يكونوا بأي حال من الأحوال نسخة مقلدة منا، كما ولا نستطيع أن نوجّههم كما نشاء، (وحتى لو قبلوا هم ذلك ظاهريًا أو تحت تهديدنا وضغطنا عليهم فإن ذلك لا يعني أنهم بقرارة أنفسهم مرتاحون لهذا، لكنهم مضطرون عليه، مما يسبّب لهم مشاكل لا تُحصى عندما يكبرون). لذلك فإنه يكون لزاماً علينا ألا نحاول أن نوحّد طريقة تعاملنا معهم، أو أن نعمل على تنشئتهم مثلما نرى نحن دون احترامٍ لتفردهم واستقلالهم وتميزهم.

أحيانًا كنت أجد أن أكثر الصفات المميزة لشخصية طفلي هي تلك التي أريده أن يتخلّص منها لأنها مخالفة لصفاتي. فعلى سبيل المثال  طفلي مليء بالحركة والنشاط وأنا في سنّه كنت هادئة، فليس من الصواب إجباره لأن يهدأ. وعلى صعيد آخر أنا اجتماعية وأحب الخروج والتعامل مع الناس بينما طفلي الثاني خجول بعض الشيء، وهنا أيضًا لا يجب أن أفرض عليه التخلي عن خجله هذا والتعامل مع الناس أكثر والاحتكاك بهم.

نصيحتي لكل أم أن تفهم طفلها وتحبه وتقبله كما هو، لتنمو شخصيته بطريقة سوية وتزيد ثقته بنفسه. فالشخصية لا يختارها الطفل ولا الأهل ولكنها تولد معه، وهي التي تجعله يختلف عن الآخر بتصرفاته وردات فعله وسلوكه. من المهم قبول شخصية الطفل كما هي، فلا توجد شخصية أفضل وشخصية أسوأ ولكن توجد شخصيات تحتاج لصبر وجهد في التعامل معها.

اقرأ ايضاً: أنماط شخصيّات الأطفال: ما هي شخصية طفلك؟

What do you think?

Written by لارا

عندي صبيين وبنت. درست هندسة حاسوب وأجد سعادتي في خدمة الآخرين. أحب أطفالي كثيرا وأعتبر دوري كأم هو أهم عمل أقوم به.

13 خطوة عمليّة لتهيئة الطفل لقدوم مولود جديد

13 خطوة عمليّة لتهيئة الطفل لقدوم مولود جديد

ما قبل تنفيذ العقاب على الطفل

4 طرق للتعامل مع نوبات الغضب عند الطفل