ماما قيمتك لا تحدّدها إنجازاتك
كنت أقيّم نفسي كأمّ في الماضي بكمّ الإنجازات التي حقّقتها مع طفلي، والمستوى التعليمي الذي وصل له، وكمّ الألعاب التي يملكها، والملابس القيّمة التي يرتديها، والنادي الذي يشترك به وعدد التمارين الأسبوعية، والبيت الذي نعيش به، والأهم المستوى العالي للحضانة أو المدرسة!
بالإضافة إلى تقييمي لسلوكيّاته واتهام نفسي بها، ففور وجود سلوكيّات سيئة أقيّم نفسي بالفشل في التربية وتعديل سلوكه، وإذا كان في صحّة جيّدة فإذًا أنا نجحت في خلق حياة صحّية له والعكس صحيح.
ولكن مع الوقت وكسب الخبرات وقراءة الكثير عن الأطفال وتربيتهم وصحّتهم النفسية والجسدية وما هو مهم وما هو ليس مهم على الإطلاق، اكتشفت أن كلّ هذه الأشياء لا تحدّد قيمتي كأمّ ولا تقيّم نجاحي أو فشلي.
فهناك العديد من العوامل الأخرى المعقّدة التي تتداخل في تربية أطفالنا، كالصفات الوراثية وشخصية الطفل. فالطفل يولد بشخصيّة فريدة لا تتشابه مع غيره، والتعامل مع هذه الصفات على أنها سلوكيات ناتجة عن التربية خطأ كبير.
كيف لنا أن نلوم أنفسنا دائماً ونحن نفعل ما بوسعنا لتربيتهم تربية صحية! علينا أن نسلّم بأن بعض الصفات والطباع صعب أن تتبدّل، وعلينا تقبّل أطفالنا كما هم والتركيز على الجانب الإيجابي من هذه الصفات.
فالطفل قويّ الشخصية الذي لا يطيع والديه، ويجعلهم يعانون من هذا السلوك، يمكننا التفكير بالأمر بإيجابية بأن هذا الطفل على الأغلب سوف يكون قائدًا في المستقبل وسينعم بحياة عملية ناجحة.
أما عن المستوى الاجتماعي والمادي بكل تفاصيله، فهو أيضاً محكوم بالكثير من العوامل، وعدم مقدرتي كأمّ بتوفير بعض الرفاهيات أو مستوى عالٍ من المدارس لا يقيّمني بالفشل. فليس من الطبيعي أن ينعم جميع الأطفال بمستوى عالٍ جداً من كل شيء.
بل وأنه غير مطلوب أن يعيشوا قدر مبالغ به من الرفاهية في كل شيء لأن هذا سيربي أطفالًا غير مسؤولين واعتماديين على أهاليهم ولا يقدّروا قيمة التعب والعمل والمسؤولية المادية.
نسمع كثيراً عن عائلات فاحشة الغناء، ولكنهم يحدّدون عدد الملابس والألعاب والنقود التي يأخذها أبناؤهم كمصروف ليعلّموهم المسؤولية وقيمة ما يمتلكون.
في النهاية قيمتي كأمّ تتحدّد فقط بحبّي لأطفالي، ومحاولاتي الدائمة بأن يكونوا أصحّاء نفسياً وجسدياً وعقلياً. لا شك في أن كل أمّ لديها الكثير من الحب لأطفالها وتسعى دائماً لتربيتهم بأفضل حال، وهذا وحده يكفي.
اقرأ أيضاً: لا بأس يا ماما