يعتبر تواصل الوالدين مع أبنائهم مهارة من مهارات التربية التي تؤثّر على الطفل، وعلى شخصيّته، وعلى ثقته بنفسه. فهي مهمّة جدًا بالنسبة له، حيث يرغب بأن يتواصل الأهل معه دون أن يطالب هو بذلك كي يشعر بقيمة التواصل أكثر. ولكن في الوقت نفسه يعتقد أغلب الأهل أنها أمر غير مهم لدرجة كبيرة، وأن التواصل هو أمر ثانوي يكون فقط لضرورة معينة وشيء مؤقت مثل التواصل مع الطفل وسؤاله عن المدرسة أو عن أمور داخل البيت.
ولكن الطفل بطبيعته يريد أن يتواصل مع والديه بشكل أكبر، فهو يريد أن يدخل والداه إلى حياته بكل تفاصيلها، وأن يتواصلوا معه بكل الأمور الكبيرة والصغيرة. بمعنى آخر يريد الطفل وجود أهله في حياته بكل التفاصيل والأوقات.
التواصل الفعّال الجيّد له دور كبير في الأسرة واستقرارها النفسي؛ فعن طريق التواصل يتعرّف كل أطراف الأسرة على حاجات الآخرين، وعلى الأمور التي تفرّحهم وتزعجهم، حتى لو كانت بسيطة جدًا، ولكنها تكون بمثابة أمر ضروري عليه يتم الاعتماد على ثبات أسرة سعيدة مستقرة نفسيًا.
ولكن تكمن المشكلة في طريقة التواصل؛ حيث إن أغلب الأهل قد لا يعلمون الطريقة المثلى للتواصل مع أبنائهم، فيصبح التواصل بطريقة مختلفة قد يعتبرها الأبناء ليس تواصلًا بقدر ما هي تدخل في أمورهم. لذلك على الأهل اختيار الطريقة المثلى للتواصل مع الأبناء. يكون ذلك بالدرجة الأولى عن طريق:
- إشباع رغبات الطفل العاطفية، فهذا يعتبر تواصلاً، حيث يشعر الطفل أن والديه يوفّران له استقراراً لمشاعره وعواطفه.
- إشباع رغباتهم الاجتماعية في حال أن الطفل كان يرغب بالجلوس معهم ومشاهدة التلفاز ولم يرفض ذلك بحجة أنه لن يستمتع بالوقت مع والديه، فنحن بهذا نمنح الطفل الفرصة ليشعر بالتواصل الاجتماعي.
- كذلك الأمر في التواصل الثقافي، والذي بدوره يجعل الطفل يشارك في رأيه في كل الأمور التي قد تكون عن طريق طرح موضوع معين للأسرة للنقاش والتواصل وتبادل الأفكار.
لعلنا نسأل أنفسنا عن أهمية التواصل، وهل يفيد الطفل بطريقة ما؟
الإجابة هي نعم وبكل قوة، فمن خلال التواصل يستطيع الأهل الدخول إلى عالم الطفل الذي يخيفنا يومًا بعد يوم؛ بسبب التطوّرات الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي التي تجعل الطفل يرغب بالتعرّف على ثقافات الغير وتقليدها. بالتواصل نستطيع الدخول إلى عالمهم، ونكون مساعدين لهم في الأفكار، ولا نكون مثل القاضي الذي فقط يصدر الأحكام.
كما أن تواصل الأهل مع أبنائهم يعتبر أمرًا مهماً جدًا؛ لأنه يساعد الطفل على اكتساب الخبرات والمعرفة؛ فمن خلال التواصل يبدأ الطفل بطرح أسئلة كثيرة يتعرّف من خلالها على ما يدور حوله، ويصبح قادرًا على التجاوب مع الأمور. وكذلك تنمو شخصيته الاجتماعية، وتزيد ثقته بنفسه؛ مما يتسبّب عنها الاستقرار النفسي، وتتوازن الصحّة النفسية لديه؛ مما يزيد من شعوره بالانتماء إلى أسرته أكثر؛ لأنه يجد من خلالهم الأمان والاستقرار.
يكون التواصل مع الأبناء على عدّة أشكال، تساعد من خلالها على فهم الوالدين لأبنائهم وحاجاتهم وطريقة تفكيرهم التي تتغير وتتبدّل حسب المرحلة العمرية التي يكون فيها الطفل. وأغلب أشكال التواصل يكون على هيئة حوار بين الأهل والطفل والتشاور فيما بينهم، ومشاركة الأفكار ومحاولة التفاهم على الأمور التي غالبًا ما يكون عليها خلاف بين الوالدين والطفل. يتعلّم الطفل من خلالها الاستماع، ويستطيع الطفل بعدها أن يكون قادرًا على قيادة موقف مع زملائه أو إخوته ليكون القائد، ويقدّم الحوار والتواصل بالطريقة نفسها التي اعتاد عليها من والديه.
ولا نستطيع أن ننسى أن التواصل يبني جسور الثقة بين الطفل ووالديه، ويعمل على تقوية العلاقات فيما بينهم ليشعر الطفل من خلالها بالأمان. كما وتجعل منه طفلاً صاحب شخصية اجتماعية قوية يستطيع أن يتكلّم دون خجل؛ لأنه اعتاد على هذا الموقف.
لذلك من الضروري جدًا أن يكون للوالدين دور كبير في حياة أبنائهم، خصوصًا تفاصيلهم الصغيرة التي قد لا نشعر بأنها مهمّة بقدر أهميتها عند الأطفال. وذلك عن طريق المبادرة بالحديث والسؤال عنهم وفتح المجال للحوار والتواصل على نحو دائم. لا مانع من أن يشارك الوالدان أبناءهم عن يومهم ومشاكل العمل البسيطة ومحاولة سؤالهم إن كان لديهم حلول ليشعر الطفل أنه مصدر ثقة لوالديه، وأنهم يرغبون بسماع رأيه.
اقرأ أيضاً: 11 خطوة لكسب ثقة أبنائك