نصيحة جدّي لنا في تربية الأطفال
أتذكّر دومًا لحظات الفرح والسعادة التي انتشرت بين أفراد عائلتنا عندما علموا بخبر انتظارنا للمولود الجديد. الكل بدأ بالتحضير لاستقباله، والكل محتار ماذا سيجلب له. فرحت بهذه التحضيرات كثيرًا وانشغلت مع زوجي بالتجهيز لاستقباله، فهيأنا له غرفته الخاصة وسريره وخزانته، وفي كل يوم كنا نترقب كل ما هو جديد في تطوره ونموه، ونفرح عندما نسمع دقات قلبه أو نرى صورته على جهاز الايكو.
في خضم هذه التجهيزات استوقفتنا نصيحة جدي عندما طلب أن يجلس معنا، وقال لنا: أرى تعابير السعادة والفرح عليكما، لكني أريد لفت انتباهكما لبعض النقاط الهامة وأتمنى أن تعملا بها حتى تتمكنا من بناء أسرة ناجحة ومترابطة:
“يا أبنائي تربية الأطفال مسؤولية مشتركة بينكما…. صحيح أن دور الحمل والإرضاع منوط بالأم من الناحية الطبيعية والبيولوجية، لكن بقية أدوار العناية والتنشئة تقع على عاتق الأب والأم معًا.
ومن الأمور الخاطئة قيام الأمّ بالاعتناء بالأطفال وتربيتهم وتدريسهم وبأعمال المنزل، نعم هذه الأمور واجب على الأمّ، لكنّها ليست حكراً عليها، بل من واجب الأب أيضاً أن يشاركها في كلّ هذه الأمور وفي تربية أبنائه.”
ونظر لزوجي وقال : يا ولدي…..
- لا تكن كالضيف الذي يحلّ على البيت ليأكل وينام فقط، ولا يعلم بالقرارات التي يتخّذها أبناؤه في غيبته، سواء في اختيار الملابس أو الأصدقاء، أو في تحديد مصيرهم التعليمي، أو في ما يرتكبونه من أخطاء.
- ولا تلقي مسؤولية التربية كاملة على عاتق زوجتك، بسبب انشغالك بتوفير لقمة العيش.
- لا تجعل دورك مقتصرًا على أن تكون مجرد بنك للتمويل، يكدّ ويشقى لتوفير لقمة العيش والرفاهية لعائلته، ويغيب لساعات طويلة عن المنزل.
- لا تتنازل عن دورك الحقيقي، فدورك في التربية لا يقتصر على الدعم المادي فقط وتأمين الملبس والسكن والمصاريف.
- وجودك في حياة أبنائك يعني الحماية والرعاية، يعني القدوة والسلطة والتكامل الأسري، فالأطفال بحاجة إلى أن يشعروا بأن هناك حماية ورعاية وإرشاد يختلف نوعاً ما عمّا يجدونه عند الأم، وبحاجة لأن يشعروا أن أباهم هو الراعي الأساسي لهم، وهو المسؤول عن رعايتهم، فوجود الأب كمعلم في حياة الطفل يعتبر من العوامل الضرورية في تربيته وإعداده.
- أنت كربّ للأسرة… لست ذلك الديكتاتور المتسلّط الحازم، إنما أنتَ الذي يستطيع تحقيق التوازن الأسري من خلال اهتمامك بأبنائك ومصاحبتهم ومعرفة أفكارهم وميولهم وهواياتهم. فإحساس الأبناء بوجود رادع لهم يجعلهم على حذر من الوقوع في الخطأ.
- يجب عليك الاقتراب أكثر من أبنائك، وتمضية الوقت الكافي معهم، وتعويدهم على أسلوب النقاش والحوار، مما يمنحهم الثقة بالنفس.
- كما أن وجودك معهم يمنحهم الإحساس بوجود الصدر الحنون الذي يلجؤون إليه عندما يصعب عليهم حل مشاكلهم بأنفسهم.
- خصّص وقتًا لهم ولا تدع مشغولياتك تُنسيك أطفالك، بل يجب أن تخصّص لهم وقتًا يوميًا للتحدّث ومشاركتهم في اللعب ومختلف الأنشطة.
- تحدّث معهم، واستمع إليهم وأخبرهم برأيك في مختلف المواقف، وكن صديقًا لهم وليس مجرد أب يفرض قراراته عليهم.
- كن مع أطفالك وشاركهم في مختلف الأنشطة والألعاب داخل وخارج المنزل، هذا له من أهمية في تطوير عقلية ومهارات الطفل وتعلّمه الكثير من السلوكيات مثل المشاركة وتكوين العلاقات.
- دورك في تربية أبنائك وفي حياتهم لا يتوقف عند نقطة معينة أو مرحلة ما بل يستمر مدى الحياة، فأنت القدوة ومصدر الأمان والحب والحنان والمرشد والناصح والصديق والسند في الشدائد والحاضر في اللحظات المهمة والفارقة، بحيث تعرف عنهم كل صغيرة وكبيرة.
- وجودك كأب يصنع اختلافات لا حصر لها في عائلتك، لكن مقدار هذا التأثير متروك لك….
وتابع كلامه لنا وقال: تربية الأطفال يجب أن تكون المشروع الأهمّ لكما، فالطفل يجب أن يحظى برعاية تامة من كلاكما، لأنّ هذه المشاركة تؤثّر تأثيراً كبيراً على نموه، وتسمح له بالنموّ في بيئة جيّدة متوازنة وسليمة، تمّهد لنشأته بطريقة سليمة، من النواحي العقليّة والنفسيّة.
ومن الأدوار المشتركة بينكما هي متابعة دراسة الطفل في المنزل ويمكن تقسيم هذه المتابعة وفقًا لخبراتكم ودراستكم.
أردت مشاركتكم خبرتي ومعرفتي التي اكتسبتها بعد هذا العمر وأريد أن تستفيدوا منها لتتمكّنوا من بناء أسرة مترابطة وأولاد ناضجين….. أطفالكم أمانة وهبها الله لكم، حاولوا بكل قدرتكم على تربيتهم بطريقة تليق بهم.”
اقرأ أيضاً: أهمية اتفاق الوالدين على طرق تربية الأبناء
GIPHY App Key not set. Please check settings