يعتبر الحوار أول الطريق لمحاولة حلّ خلاف أو نزاع بين الأشخاص. إلا أن الحوار يجب أن يكون مبنيًا على أسس التفاهم بين الأطراف، على أن يكون الاحترام المتبادل هو أساس الحوار، ولا يتعدّى شخص على آخر بكلام غير مناسب، بحيث تكون النتائج مرضية للجميع. هذا ما يحدث في الحوار بشكل عام بين أغلب الأشخاص، ولكن على الصعيد العائلي بشكل خاص يكون هدف الحوار هو تقوية الروابط، والابتعاد عن أي مشكلة قد تتسبّب في التقليل من شأن هذه الأسرة. لذلك سنقوم بالتحدّث عن أهمية الحوار الأسري بين الوالدين والأبناء، وكيف نجعل وقت الحوار وقتًا جيدًا غير ممل.
يلعب الحوار الأسري دورًا مهمًا جدًا في التخفيف من النزاعات الأسرية والتي تتسبب في المشاكل بين أفراد الأسرة، والتي تتحوّل أحيانًا إلى مشاكل نفسية في حال رفض الحوار فتزداد الأمور سوءًا. لذلك فإن الحوار هو من أهم الأمور التي تحتاجها الأسرة في حال وجود نزاعات أو سوء تفاهم بين الأفراد.
ولأن الطفل يقتنع بأي فكرة بسيطة، بعيدًا عن الصراخ والصراعات، فإنه يجد من الحوار أمرًا مهمًا يودّ استخدامه لحلّ الأمور، خصوصًا إن كان قد اعتاد عليه. فبالتالي يصبح هذا الطفل في المستقبل طفلًا ناجحًا في حواراته قادرًا على استخدام الحوار بالشكل الصحيح.
كما أن الحوار يشجّع المحافظة على الاحترام بين الأطراف في الأسرة، مهما كانت الظروف. كما ويعمل على تشجيع الحرية في التعبير عن الرأي، وتبادل الأفكار بين أفراد الأسرة لمصلحة واحدة تحت سقف منزل واحد.
يمنح الحوار الحب بين الأبناء والأهل، ويعطي الأبناء الراحة في التحدّث كما يريدون. إن شعر الأبناء باحتواء والديهم لهم، فإن الحوار يتطوّر إيجابيًا، ويبدأ الأبناء بذكر أمور خارج موضوع الحوار لمجرد شعورهم بالراحة، فتزداد ثقة الأبناء بوالديهم واحتوائهم لهم.
يعزز الحوار قدرة الطفل على التواصل مع الآخرين، سواء في الوقت الحالي أو في المستقبل. من خلال الحوار يستطيع الطفل التعبير عن نفسه وعن الأمور التي تدور في مخيلته مما يساعده هذا الحوار الهادئ على الاعتراف بأخطائه. فالطفل الذي يعمل على تقليد والديه، وإن وجد والده يعترف بأنه اخطأ بشيء ما، وكان الحوار ناجحًا وحُلّت المشكلة، فإن الطفل سيقوم بنفس الموقف ويعترف بالخطأ. هذا التقليد الإيجابي بسبب الحوار سيعمل على حلّ أغلب المشاكل والأمور المعلّقة.
يعمل الحوار على المشاركة في القصص الشخصية والتجارب التي مرّ فيها أفراد الأسرة . حيث يتم التحدث عنها بشكل خاص في الأسرة، كون الجميع منتمين لها، وتبادل الأفكار سيساهم في الحلّ.
يكبر حماس الطفل في الحوار، فعندما تجتمع الأسرة ويتم سؤال الطفل عن رأيه ويُطلَب منه المشاركة، يظهر حماس الطفل القوي لشعوره بأهميته وضرورة أخذ رأيه. فبالتالي ينجذب الطفل للمشاركة وتزداد ثقته بنفسه مما يعزز العلاقات الأسرية.
يساعد الحوار الأسري على تفهّم الطفل ونفسيته. فإن شعر بالإحباط بسبب تصرّف ما، يمكن للوالدين معرفة ذلك من خلال حماس الطفل للحوار. فإن تعرّض الطفل لخيبة أمل أو إحباط من نوع معين، فهذا يظهر بكل وضوح في الحوار. كما ويمكن للوالدين من خلال الحوار تعليم الطفل كيفية التعبير عن المشاعر ومشاركتها وكيفية السيطرة عليها. وأنه من الطبيعي جدًا أن تكون له مشاعر حزن وخيبة أمل وقلق، فهي في النهاية مشاعر. ولكن إن ذكرها الطفل في الحوار، فهو يتعلّم أن هذه المشاعر لا تدوم وأنها تزول مع مرور الوقت. فعندما نتحدّث عنها تزول بشكل أسرع لأننا نشعر بأننا لسنا وحدنا من يحمل تلك المشاعر.
اما بالنسبة للوقت المناسب للحوار بين أفراد الأسرة فهو لا يعتمد على توقيت معين، بل من المهم تخصيص وقت خاص يكون للشخص حرية الاختيار فيه. مثلًا أن يأتي أحد الأبناء ويطلب من والديه أن يتحاور معهم في أمر ما يخصّه، فمن الأفضل أن يعطي الوالدان الابن حرية اختيار الوقت والتوافر في ذلك الوقت الذي يفضّل الابن التحدّث فيه عن ما يزعجه. على الوالدين الابتعاد على النقد المباشر أثناء الحوار والتعامل بكل اهتمام ولطف وأن تكون كلماتهم مدروسة، لأنه بالرغم من بساطة بعض الأمور عند الأهل إلا أنها كبيرة ومعقدة بالنسبة للطفل. لذلك إن تم تخصيص وقت محدّد للطفل مثلاً عشر دقائق قبل النوم ولكنّه رفض التحدّث، علينا التوقّف فهو غير مستعدّ. من الضروري تهدئة الطفل وإخباره بأن الأمور لا تدوم طويلا ً وإعلامه بوجود والديه لحمايته وتقديم كل ما هو أفضل له.
اقرأ أيضاً: كيف أعلّم طفلي الحوار في 9 نقاط
GIPHY App Key not set. Please check settings