كيف أضمن صحّة نفسية متوازنة لطفلي

في هذه الظروف التي نمرّ بها، ومع اختلاف أساليب الحياة والتغيّرات التي تحصل في يومنا سواء داخل المنزل أو خارجه، واللجوء للتخلّي عن بعض الأمور التي اعتدنا عليها، والروتين اليومي المعتاد لحمايتنا وحماية أحبتنا، كان هناك تأثير قوي على صحّتنا النفسية كبارًا وصغارًا.

نجد أن الأب والأم مشغولون بالتفكير في توفير طرق الحماية من الأمراض والوقاية من كل ما قد يتسبّب بالضرر لهم ولأطفالهم، لينعكس ذلك بطريقة غير مباشرة على الطفل. فقد يتأثر بها، وقد يتسبّب ذلك القلق باضطرابات نفسية عند الطفل تؤدي إلى عدم توازن في صحّته النفسية.

ولأن الصحّة النفسية أمر مهم جدًا، ويوازي بكل المقاييس الصحّة الجسدية والعقلية للطفل، فيجب على الأهل اتّباع ما يضمن تنشئة الطفل بشكل سليم تتوازن فيه الصحّة الجسدية مع العقلية والنفسية. لذلك يجب الالتزام بأكثر الأمور التي يجب توافرها لضمان ذلك الاستقرار وتوازنه، ومن أهمها ما يلي:

  • في البداية وقبل كل شيء حتى يستطيع الأهل نقل ذلك التوازن للطفل، عليهم أن يتمتّعوا هم به أولاً. من الضروري أن ينشأ الطفل في بيئة تتمتّع بالاستقرار النفسي بحيث يكون دور الأب والأم واضحًا في البيت. فالطفل يستمدّ القوة والاستقرار من خلال أدوار والديه، وشعوره بوجودهم، وهذا ينعكس على الصورة الذاتية الداخلية له خصوصًا في العمر الذي تتشكّل فيه شخصيته. بالتالي يتحلّى الطفل باستقرار نفسي ويكون قادرًا على مواجهة التغيرات والتعامل معها بالطريقة الصحيحة.
  • كما أن للمدرسة والجهات التعليمية دورًا مهمًا في الاستقرار النفسي عند الطفل، خصوصًا في هذه الأيام مع تجربة التعليم عن بعد. فالعديد من الأطفال يرفضون الفكرة تمامًا ويعتبرونها وكأنها قصاص لهم. على المدارس والهيئات التعليمية التعاون مع الأهل في وضع خطط تعاونية بين البيت والمدرسة، لضمان تزويد الطفل بالمقدرة العلمية التي يحتاجها للتطوّر والقدرة على التواصل الاجتماعي بشكل صحيح حتى لو كان ذلك من خلال الشاشات. فمثلًا يشعر الطفل بالسعادة عندما تقوم معلمته في خمس دقائق بالسؤال عن أحوال الطلاب، وما إن كان هناك من يريد مشاركة أمر معين، هذا يجعل الطفل يشعر بالاستقرار النفسي نتيجة شعوره باهتمام المعلّمة به وبأحواله.
  • نعلم جيدًا أهمية اللعب عند الطفل، ومدى حاجته لتفريغ الطاقات التي بداخله بغض النظر عن الطريقة. أصبح من الصعب في أغلب الأوقات الخروج للأماكن العامة للّعب مع الآخرين وتفريغ الطاقات. لكننا ما زلنا نحظى ببعض الأماكن التي يمكننا الذهاب لها بعدد محدود من الأشخاص، ومن خلالها يمكن للطفل تنمية قدراته الذهنية عن طريق اللعب، وتفريغ الطاقات السلبية واستبدالها بالقوة والثقة وبالتالي الاستقرار النفسي.
  • من الضروري جدًا منح الطفل مساحة جيدة للتعبير عن كل ما يفكّر به ولا يستطيع التعبير عنه لأنه لا يمكنه التواصل مع الآخرين بشكل مباشر. فمجرد مشاركه أفكاره مع الآخرين تجلب له الاستقرار النفسي لأنه لم يعد يشعر بالضغط بسبب ما يحتفظ به لنفسه. التعبير عن المشاعر أمر ضروري كما إنه يزرع الثقة بين الطفل ووالديه، مما يجعله يخبرهم بكل ما يحصل معه، فهو طفل مستقر نفسيًا وعقليًا ولا يخجل من أفكاره بسبب معرفته التامة بأنه يتحدّث إلى أشخاص يهتمّون لأمره وقادرين على تقديم كل ما يحتاج من أجل البقاء.
  • على الأهل الابتعاد عن التعنيف الجسدي عن طريق الضرب، والمعنوي عن طريق الألفاظ والألقاب، فقد يظنّ الأهل أن الطفل يتعلّم من التعنيف وبالتالي يكرّر الخطأ. لكن ما يجهله الأهل أن الطفل حتى لو لم يكرّر الخطأ، فهو قد لا يفعل ذلك لأنه تعلّم أمرًا جديدًا بل لأنه فقد الاستقرار النفسي ولم يعد لديه أي اهتمام بعمل أي شيء. لذلك علينا الابتعاد عن أي تعابير لفظية مثل أن نقول أن الطفل كسلان أو أنت لا تصلح لشيء أو لن يمكنك الوصول إلى أي هدف. فالابتعاد عن هذا الأسلوب يضمن للطفل استقرارًا نفسيًا على مستوى عالي.
  • من أهم الأمور التي يلاحظها ويشعر بها الطفل هي مساعدة والديه له، والتي تمنحه الثقة العالية بالنفس خصوصًا إن كانت تلك المساعدة متعلّقة بمواهب الطفل واكتشافها وتقديرها. هذا يمنحه استقلالية ويمكّنه من اكتشاف نفسه وزيادة ثقته بنفسه، لأنه يفعل ما يحبّ وما يريد، وبتشجيع من والديه، وهذا يؤثّر لاحقًا على صحّته النفسية و يعزّزها. يجب أن لا يعمل الأهل على تقديم الأفكار والآراء جاهزة للطفل، بل منحه المساحة الكافية لاستخدام مواهبه والاستقلال بها حتى يتمتّع بشخصية مستقرة قوية.
  • كذلك التعامل بكل إيجابية حتى مع الأمور السلبية، خصوصًا التي تحصل لأول مرة في حياة الطفل، وعدم اللجوء للعقاب من أول مرة بل الاكتفاء بالتنبيه بالخطأ. ثم الشرح التفصيلي لما حدث وكيف حدث حتى ينظر الطفل بكل إيجابية ويتعلّم أنه مهما حصل فهناك إيجابية والديه التي هي بمثابة القوّة والسند له، وهذا يخفّف التوتر النفسي ويساهم في التوازن النفسي لدى الطفل.

اقرأ ايضاً: أهمية الحفاظ على الصحّة النفسية للطفل في زمن الكورونا

What do you think?

Written by رولا

دوري في الحياة أم وأب
أم لولدين أعمارهم 19 و12 سنوات. دوري في الحياة أم وأب لأبنائي بعد أن توفي زوجي منذ 12 سنة. أحب القراءة والطبخ وعمل الحلويات. أتطلع لتربية عملية علمية سليمة لأبنائي.

اترك تعليقاً

GIPHY App Key not set. Please check settings

التيراميسو الكلاسيكية

نصائح تساعدك في تربية الذكور

نصائح تساعدك في تربية الذكور