لا بدّ أننا أُجبرنا على الحجر الصحّي بحيث نبقى في منازلنا أغلب ساعات اليوم إن لم يكن اليوم بأكمله، ولأننا غير معتادين على ذلك الوضع فقد بدا لنا الأمر في البداية من أصعب الأمور التي علينا التأقلم معها فنحن غير جاهزين لتلك المرحلة.
فنحن هنا لسنا فقط مجبرين على البقاء في البيت، بل علينا أن نعتاد على أسلوب وروتين حياة جديد، بالإضافة إلى التعرّف أكثر على أفراد الأسرة وعلى طباعهم وإيجاد طرق للتأقلم معهم دون نزاعات خصوصًا الإخوة.
أصبحت أغلب الأسر شبه معتادة على الوضع، وأصبح لديها برنامجها الخاص لحياتها اليومية. لكن وبعد مرور عام وأكثر أصبحت هذه الأمور مملّة بالنسبة لهم، نظرًا لتكرارها، وخصوصًا أن أغلب الأسر اعتقدت أن هذه الأزمة لن تطول، ولكن ها قد بدأنا السنة الثانية، لذا لا بد أن نجد طرقًا أخرى لوقت الأسرة ويجب أن نحاول إيجاد أساليب الاستثمار الصحيحة لذلك الوقت.
في البداية وقبل البحث عن أساليب، فإنه من الضروري جدًا أن يوضّح الأهل للأبناء ما هو متعلّق بالتغيرات التي حصلت، والتي قد تستمر أكثر، وسبب تواجدهم في المنزل لفترات طويلة، وأن الطفل سيقوم بأغلب نشاطاته في البيت، وكذلك الدراسة والعمل، أي بمعنى آخر ستكون الحياة الخارجية داخل المنزل.
وعليه سنقوم بعرض بعض الخطوات التي قد تسهّل الأمور الأسرية أثناء فترة الحجر الصحّي والتي قد تكون بمثابة فرصة قوية ورائعة يمكن اغتنامها بالشكل الصحيح وحتى تصبح ممتعة أكثر بلا تردّد. من أهم هذه النصائح والطرق:
- أهم شيء هو الصدق في التعامل بين الوالدين وأطفالهم، وعدم استخدام أسلوب الكذب فقط لنزع الخوف من الأطفال، بل لا بدّ من قول الحقيقة التي يستطيع الطفل استيعابها بطريقة إيجابية بدلاً من عدم قول الحقيقة والتي تسبّب القلق عند الطفل. لا مانع من أن يخبر الوالدان أطفالهم أنهم سيبقون في البيت فترة من الوقت، وبأنهم سيكونون معًا وسيتجاوزونه معًا. إذًا الصدق في التعامل هو أهم تلك الأمور.
- استغلال الوقت بطريقة مباشرة وإعادة الروابط الأسرية بين الأفراد. من الطبيعي أن يكون هناك خلاف بين الأب وابنه أو الأم وابنتها أو الزوجين أو الإخوة، فكل هذا طبيعي. لذلك علينا استغلال الوقت في الحجر الصحّي من أجل استعادة تلك الروابط الأسرية فنستمع بعضنا لبعض، ونتحدّث بكل حرية، ونشارك ما يغضبنا لعلّنا نقوم بتسوية الأمور لمجرد أننا تحدّثنا فيها.
- يعتبر المطبخ المكان الذي قد يجمع الأسرة بكاملها لمدة ساعة على الأقل يوميًا، ولكن يمكننا أن نستغل هذا المكان لأكثر من ساعة في اليوم بين الحين والآخر وذلك بأن تقوم الأسرة بأكملها بتحضير وجبة الغذاء وصنع الحلويات سويًا وتقديمها وتناولها معًا. يمكن التحدّث معًا أثناء الإعداد وتناول الطعام، ومشاركة جميع أفراد الأسرة بموضوع الحديث ليتحوّل ذلك الوقت إلى أجمل أوقات الأسرة التي تجمعهم سويًا.
- كذلك فمن الضروري تنظيم الوقت بين العمل والدراسة، على أن تكون موزّعة بين الوالدين والأبناء، خصوصًا إن كان هناك أطفال يحتاجون إلى رعاية. على الوالدين، إن كانوا يعملون من المنزل، تنظيم الوقت بين العمل ومتابعة الأطفال حتى لا يشعر الطفل أنه وحيد لساعات. هنا يستطيع الوالدان بالتناوب استثمار ذلك الوقت مع الطفل في اللعب معه أو القراءة أو أي نشاط آخر أثناء انشغال أحد والديه.
- النشاطات الجماعية الأسرية خصوصًا بعد سؤال الأطفال عن أكثر شيء يحبّونه ويفضّلون عمله أثناء التواجد في المنزل، وتوفير الأجواء المناسبة لذلك النشاط بالتعاون بين جميع أفراد الأسرة. قد يكون الرسم الجماعي أو متابعة أحد البرامج العائلية أو قراءة قصّة ما بالتناوب أو الطبخ أو غيرها من النشاطات الجماعية التي يقوم بها الأطفال مع والديهم.
- من الضروري كذلك استثمار الوقت الكافي للتعرّف على إبداعات الطفل وقدرته على تنمية مواهبه، لذلك يجب ترك مساحة كافية من الحرّية للطفل حتى يعبّر فيها عن كل ما يريد. فهذه فرصة للأهل للتعرّف على مواهب الطفل التي لم يتوفّر له الوقت للإعلان عنها. فحتى لو قام الطفل بالتخريب في البيت واستخدام أدوات المطبخ، فلا مانع من ذلك طالما لم يؤذي نفسه أو غيره. فهو بهذه الطريقة يستطيع القول: أنا هنا وهذا ما أحبّ أن أعمل، فتبدأ قصة موهبة جديدة لطفل لم تظهر تلك الموهبة من قبل.
- محاولة البحث عن أماكن مفتوحة آمنة يستطيع أفراد الأسرة الواحدة الذهاب إليها ضمن توصيات الحماية والأمان. فمجرد المشي في مكان عام مفتوح بعيدًا عن جدران المنزل يسمح للطاقات السلبية بالخروج، ولا مانع من إحضار بعض الألعاب واللعب مع الأطفال في هذا المكان المفتوح، وترك المجال لهم بالركض والصراخ وعمل كل ما لا يمكنهم عمله داخل حدود المنزل.
على الأهل محاولة منع الطفل من عزل نفسه في غرفته لوقت طويل، فقط لمجرّد شعوره بالملل. جميعنا ندرك أن خدمات الإنترنت أصبحت أسهل، وأن مواقع التواصل الاجتماعي دائمة البث لكل ما يحصل حولنا بغض النظر صادقًا أم لا. ونحن لا نريد لأطفالنا أن يحظوا بتلك الآثار السلبية، بل نحاول أن تكون الساعات التي يقضونها على الأجهزة الإلكترونية ساعات دراسة وعمل واجبات قدر المستطاع لحمايتهم بالدرجة الأولى والأخيرة.
اقرأ ايضاً: 8 خطوات للتغلّب على مشاعر الاكتئاب أثناء الحجر المنزلي
GIPHY App Key not set. Please check settings