تحدّيات التعليم الإلكتروني وبعض الحلول لها
كان للوضع الراهن من حيث الالتزام بالتباعد الاجتماعي الدور في ظهور مجموعة من التحدّيات غير المتوقعة والصعبة بعض الشيء، والتي بدورها أثّرت على فئة مهمة جدًا في المجتمع وهي فئة الطلاب والمعلّمين. حدث ذلك عندما تحوّل التعليم إلى تعليم إلكتروني عن بعد من خلف الشاشات ابتداء من عمر ما قبل المدرسة وحتى طلاب الجامعات. وقد بدأ الفصل الدراسي الثاني بنفس الوضع، وبقيت الأمور على ما هي عليه من حيث التعليم الإلكتروني ممّا أدّى إلى وجود تحدّيات رئيسية سنقوم بعرضها هنا.
يعتبر قضاء الوقت الطويل أمام الأجهزة وشاشاتها التحدّي الأول الرئيسي لهذه الظروف، فقد أصبح ذلك عادة مكتسبة للجميع حيث نقوم بالربط في العلاقة بين التعليم والأجهزة. لا يمكننا إيقاف ذلك لأنها الطريقة التعليمية في هذا الوقت والظروف التي نمرّ بها، فهي أقوى من أن نسيطر عليها، ولكن هناك بعض الحلول للتعامل مع ذلك التحدّي.
بالرغم من أن الدراسات الحديثة قد بيّنت أن دماغ الإنسان يستطيع أن يتفاعل مع الأجهزة والشاشات بطريقة مختلفة عن تفاعله مع القلم والورقة، فالمادة المطبوعة على الورقة تؤثّر بشكل أكبر من الشاشات ولها طريقتها في اكتساب الطالب لثقته بنفسه، خاصّة عندما يتمكّن من لمس تلك الورقة وتتّبع الكلمات المطبوعة عليها. هذا يجعله يستكمل المهمة بطريقة أسرع وأكثر دقة في بيئة تعليمية مادية ملموسة وليس شاشات لا يمكن التغيير فيها عند لمسها. لذلك وبناءً على تلك الدراسات، فمن الأفضل تحويل الدرس الإلكتروني إلى ورقة للطالب إما عن طريق أن ينسخ ويلخّص أهم النقاط أو عن طريق طباعة المحتوى على ورقة لتكون الورقة هي المصدر الأول له، وبالتالي تسهيل العلاقة بين الطالب والحصول على المعلومة.
كما إن الفترة الزمنية التي يتواجد فيها الطالب أمام الشاشات يجب أن لا تزيد عن ثلاثين دقيقة متواصلة لكل جزء تعليمي، وذلك لحماية النظر والدماغ من التواصل الإلكتروني، وكذلك وضع فاصل لمدة دقيقتين بينهم والنظر حول الغرفة أو إغلاق العيون والاسترخاء حتى يستطيع الطالب التركيز أكثر ليعود بكل نشاط وتحفيز واستيعاب أكبر.
يعتبر فقدان وعدم القدرة على إيجاد مصادر التعلّم تحدّيًا كبيرًا بشكل خاص للطلاب الذين اعتادوا على ارتياد المكتبات ودور النشر والأرشيف للبحث عن مصدر المعلومة. فقد افتقد الكثير من الطلاب القدرة على الوصول إلى تلك المصادر المتوفّرة في العادة في مدارسهم وجامعاتهم، ليس فقط على شكل كتب وأوراق ومعلومات، بل كمصادر فنية للرسم والأعمال اليدوية، وكذلك ساحات وغرف الرياضة المجهّزة بكل ما يلزم للتعلّم، والأدوات الموسيقية، كل تلك اعتاد الطلاب على توافرها في نفس المكان الذي يتلقون منه العلم. ولكنّهم الآن داخل بيوتهم التي تفتقر لتلك المعدّات والمؤهلات التي يحتاجونها.
بنفس الوقت يكون الحلّ الأمثل هو البحث عن طريق المصادر الإلكترونية، حيث يمكن إيجاد الكتاب من المكتبات الإلكترونية والتي أغلبها مجانية بدلاً من المكتبة. هذا بالإضافة إلى مقاطع الفيديو التصويري الذي قد يفيد الطلبة الباحثين عن الفنون والموسيقى والرياضة، حيث نجد أن أغلب الحصص في تلك المجالات تقوم على مبدأ التصوير الصوتي والحركي على شكل مقاطع يمكن للطالب اللجوء إليها في أي وقت يريده لإتمام أعماله.
كما إن توفّر المساحة الكافية للتعلّم تعتبر من التحدّيات التي تواجه الطالب في زمن التعليم الإلكتروني خصوصًا للطالب الذي لديه عائلة كبيرة والعديد من الأخوة، وحاجة كل منهم إلى مساحة مقبولة للشعور بالحرية للتعلم. لكن نظرًا لأن أغلب الأهل قد انتقلوا كذلك إلى العمل عن بعد، نجد أن جميع أفراد الأسرة يبحثون عن مساحة كافية والتي يصعب جدًا توفّرها. لعلّ الحل الوحيد والأمثل هو العمل على مبدأ الأهمية والتأجيل مثلاً: إن كان عمل الوالدين أو أحدهما يتطلّب الإنجاز والإرسال فقط، فمن الأفضل تأخير ذلك العمل حتى ينتهي الطلاب من الدراسة لتوفير الوقت والمساحة لهم. بعد انتهاء الطلاب يستطيع الوالدان القيام بما عليهم فعله. كذلك الأمر مع الطلاب في المنزل ممن يتعلّمون من خلال الحصص المسجّلة وغير المباشرة، فلا بد من التعاون مع الطلاب ممن يتعلّمون من خلال الحصص المباشرة حيث من الضروري تواجدهم في المكان والزمان. ما يجعل الأمر أسهل على الجميع وأقل توترًا هو أن تقوم الأسرة بكتابة الجدول اليومي في مكان واضح ليستطيع جميع الأفراد التعاون فيما بينهم حتى لا يكون التعلم سببًا في مشاكل بين أفراد الأسرة. كذلك من الضروري منح المساحة الأفضل لمن يحتاجها على الأغلب والأكثر، فمثلاً الطالب الجامعي يحتاج إلى المكان المناسب الأوسع والأكثر هدوءًا أثناء فترة الامتحان أكثر من طالب المرحلة الابتدائية الذي يمكن أن يكون في أي مكان آخر مناسب له في البيت. بمعنى آخر لا بد من إعادة ترتيب الروتين اليومي حسب الحاجة، والتخصيص في الزمن والمساحة حسب الأولويات ممّا يقلّل من تفاقم صعوبة التحدّي والعجز عن التصرّف السليم.
اقرأ أيضاً: 6 نصائح للتعامل مع التعلم عن بعد
GIPHY App Key not set. Please check settings