لعلّ جلوس الأطفال في المنزل لساعات طويلة أثناء فترة الحجر الصحّي قد أدّى إلى تغيير في العديد من العادات داخل الأسرة، والتي بدورها أدّت إلى اضطراب الأطفال والأهل كذلك. وذلك لعدم قدرتهم على ممارسة الحياة التي اعتادوا عليها بشكل طبيعي نتيجة التزام المنازل لأكبر عدد من الساعات لتوفير الحماية الصحّية لهم وحمايتهم من آثار العدوى والإصابة بالمرض.
هذا جعل الأهل يبحثون على طرق واستراتيجيات جديدة للتعامل مع الحجر بالدرجة الأولى والتي من خلالها يحافظون على الصحّة النفسية للطفل، وإيجاد أفضل الوسائل لجعل الأمور أبسط ممّا هي عليه. لأنه وفي ظل كل هذه التحويلات التي تسير على كل نواحي الحياة فقد وجد الأهل أنفسهم أمام أمور لم يعتادوا عليها، وهم غير قادرين على تقبّل الأمر مما يجعل الأمر أصعب عليهم لمساعدة أبنائهم.
ولأن الطفل اعتاد على أن يكون الاتصال مع العالم الخارجي جزءًا من نمّوه وتعليمه وتطبيقه لكل ما يتعلّمه، إلا أنه يجد نفسه عاجزًا على الاكتشاف والتعلّم بالطريقة التي اعتاد عليها. سنقوم بتقديم أبرز الاستراتيجيات التي قد تساعد الأهل على مساعدة أبنائهم في تجاوز شعور العجز والملل الذي يعيشونه بسبب الحجر الصحّي.
من أهم الطرق والتي تبدأ بالوالدين هي زيادة التثقيف الذاتي للوالدين في الأمور التربوية. كما نعلم فإن التربية في مفهومها للجميع هي عبارة عن توجيه الوالدين للأبناء من خلال السلوكيات التي يقوم بها الأبناء والتعامل على مبدأ: هذا صحيح استمر به وهذا خاطئ لا تكرّره. لكن هذا النمط الروتيني في حياة الأبناء أصبح مملًا أكثر لهم خصوصًا أنهم يشعرون بأنهم مراقبون في سلوكياتهم لأنهم يقضون ساعات أطول في البيت بين والديهم أثناء فترات الحجر الصحّي.
لذلك على الأهل إيجاد طرق مختلفة غير مملّة حتى لو كان ذلك ليس بالأمر السهل في زمن انتشرت فيه وسائل التواصل الاجتماعي وأصبح التقليد من أكثر ما يقوم بها الطفل. من الأمثلة على ذلك:
- قضاء الوقت الكافي مع الأبناء عن طريق اجتماع الأسرة على قراءة قصة أو موضوع تربوي يستطيع إيصال الرسالة التربوية بطريقة غير مباشرة مع فتح المجال للنقاش بين الأسرة بأكملها، بحيث يرد موضوع تعديل السلوك بطريقة غير مباشرة عن طريق مفاهيم جديدة يتم استخدامها للوصول إلى تربية صحيحة بالدرجة الأولى مبنية على التفاهم حتى نستطيع إيصال الأمور الأخرى بسهولة أكثر.
- وضع خطط مسبقة وتخطيط واضح لأي خطوة أو عمل تقوم به الأسرة وذلك بمشاركة الأبناء بتلك الخطة وتاريخ بداية العمل بها والأهداف المرجوة منها، وذلك عن طريق تحديد أوقات الدراسة وأوقات لإنجاز الواجبات المدرسية والأسرية، واللهو كفريق أسري واحد عن طريق ممارسة نشاطات جماعية. ستكون الخطة أقوى وأكثر نجاحًا إن تم وضعها بالتشاور مع الأبناء حتى يعتبرون أنفسهم جزءًا منها ويتحمّلون المسؤولية التي ستنتج منها.
- الابتعاد عن الحبّ المشروط ولإبداله بالحبّ بلا حدود فهو من أقوى الأمور التي ستعزز الصحّة النفسية للطفل وبالتالي تزيد نسبة عطائه. حتى لا يشعر الطفل بأن والديه يحبّونه فقط لأنه متفوّق أكاديمياً مثلًا بل لأنه ابنهم وهم يحبّونه بكل الأحول، فعندها تكون النتيجة عند الطفل الشعور بالأمان والقدرة على العطاء والإبداع والسعادة، فينطلق من جديد أقوى من السابق. فكلما شعر الطفل بالحرمان العاطفي تقلّ ثقته بنفسه وبوالديه بسبب قلة التوازن الفكري لديه، وكأنه لا يعلم أي عمل عليه عمله ليحظى بحبّ والديه. لأن توفير الطعام والشراب والألعاب ليست فقط ما يحتاجه الطفل بل هي أبسط الأمور بعد محبة والديه له.
- فتح مجال الحوار على صعيد الأسرة بكاملها وكأنهم شخص واحد، وأن لا يتولّى الوالدان دور الحاكم والقاضي واعتبار الأبناء أتباع عليهم التنفيذ فقط، بل يجب أن تكون العلاقة مبنية على أسس المحبة والحوار المستمر والتفاهم وتقبّل الآخرين على ما هم عليه ومساعدتهم على التغيير، حتى يتعلّم الأبناء ذلك ويستخدمونه في المستقبل في تعاملهم مع الآخرين. من الضروري معرفة أن الحوار مع الأبناء لا يقلل من أهمية دور الأب أو الأم بل هو من أكثر الأساليب التربوية الصحّية والذي يعمل بالدرجة الأولى على تعزيز ثقة الطفل بنفسه وبالتالي يتعرّف على قيمته وأهميته.
- محاولة السيطرة على عدد الساعات التي يقضيها الطفل على الأجهزة الإلكترونية واستبدالها بأمور أخرى، لأن الطفل يقضي ساعات طويلة في متابعة الدراسة عن بعد ولا يحتاج لوقت آخر يقضيه على الأجهزة. تكون تلك السيطرة عن طريق تحديد ساعات اللعب واستبدال الساعات الأخرى بنشاطات فردية أو جماعية مثل القراءة أو ألعاب التركيب أو الطبخ أو حتى الخروج لمناطق آمنة مع الالتزام بجميع ما يلزم من أجل الوقاية واللعب مع الأطفال بعيدًا عن الأجهزة حتى يشعروا بأهمية الأسرة بالدرجة الأولى، وحتى لا يصلوا إلى مرحلة الإدمان في استخدام تلك الأجهزة.
- اللعب الحرّ والذي يعتبر الجزء الأهم في مرحلة النمو الجسدي والعقلي عند الطفل. يعتقد العديد من الآباء أن أفضل حالات اللعب للطفل هي إعطاؤه شيء وهو جالس ليلعب به لساعات طويلة، فهذا يقتل قدرته على الحركة ويعتاد على الجلوس. لكن الطفل يحتاج إلى ما هو أكبر من ذلك، ففي اللعب الحرّ إبداع وتطوّر اجتماعي وعاطفي حتى لو كان هذا اللعب بالنسبة للطفل هو التنقل بلعبته من مكان لآخر في المنزل، فهذا يجعله يشعر بالراحة أكثر وبأنه غير مقيّد.
هذه الطرق التي اعتاد الأهل عليها وبتغيير بسيط فيها تصبح الأمور أسهل وأكثر تقبّلاً للأبناء خصوصًا في ظل الظروف التي يمرّ بها الجميع على مستوى العالم بأجمعه.
اقرأ ايضاً: 30 فكرة عملية لقضاء الإجازة بسبب فيروس الكورونا
GIPHY App Key not set. Please check settings