تأثير ترتيب الأولاد في العائلة على شخصياتهم
من الأمور التي تراها كل أسرة وبكل وضوح هي كيفية اختلاف شخصية الطفل حسب ترتيب الأولاد الأسرة. لعل الأمر غريب نوعًا ما، حيث لا نجد شيئًا يربط الأمور بالنتائج، ولكنه الواقع الذي تظهر به صفات كل طفل على حدى حسب ترتيبه في الأسرة.
أخذ هذا الموضوع حيزًا كبيرًا في تفكير واهتمامات المختّصين، كي يصلوا إلى الأسباب التي تجعل الطفل الأول للعائلة سواء كان ذكرًا أو أنثى يكون الأذكى والأكثر سيطرة والشخصية البارزة في كل المواقف. كذلك وضع الطفل الأوسط الذي يشكو دائمًا من قلّة الاهتمام، وأن رأيه غير مهم، وبالمقابل فإن الطفل الأخير في الأسرة هو الطفل الذي يحصل على كلّ الدلال الذي يحتاجه بل ويحصل على ما في أيدي إخوته أيضًا.
سنقوم بتحليل الشخصيات حسب ترتيب الأولاد في الأسرة الواحده، مما يجعل الأمر أسهل لفهم تلك الشخصية، ولماذا تتمتّع بما تتمتع به، وكيف يكون تأثيرها على باقي أفراد الأسرة:
الابن الأول للعائلة: هو الطفل الأول في كل شيء لتلك العائلة. لا يهتم الوالدان للوقت الذي يكرّسونه للتعامل مع ذلك الطفل، بل ويقومان باختصار العديد من الأمور الأخرى حتى يتفرّغوا لذلك الطفل. أثبتت أغلب الدراسات أن الطفل الأول في الأسرة هو طفل يكبر ليكون صاحب شخصية موثوق فيها، وهو من النوع المجتهد الذي يقوم بأعماله وحده. كما أوضحت الدراسات انه صاحب أعلى نسبة من الذكاء مقارنة بإخوته وصاحب شخصية قيادية يتعلّم من والديه كيفية التعامل مع الآخرين ويستخدمها مع اخوته وغيرهم.
الابن الأوسط للعائلة: هو الطفل الذي لا يحظى بنفس نوع الاهتمام من الوالدين مثل الأخ الأكبر منه، وفي أغلب الأوقات يعتمد على نفسه في كافة أموره في الأسرة أو في المدرسة. وعليه فهو يكون الأكثر مرونة في التعامل، ولديه حب التنافس والاستطلاع ليكتشف الأمور وحده، وهو طفل عادل لا يرضى بالظلم، ولديه مهارات خاصة تجعل منه شخصية مميّزة مقبولة من الآخرين، ولوجوده دور بين أصدقائه. على الرغم من أنه يشعر بأنه ليس المفضّل في البيت، إلا أنه على العكس من ذلك، فوالداه فخوران بشخصيته التي عمل على تكوينها باستقلالية.
الابن الأصغر للعائلة: وهو الطفل الأخير والذي يأتي عادة إلى الأسرة بعد أن يكبر الأبناء الأكبر منه، ويكون لدى الوالدين أشواقًا للطفولة فيطبّقون تلك المشاعر على آخر طفل لديهم. هذا الطفل هو شخص جذاب قادر على لفت الانتباه له بشخصيته المميّزة التي يتمتع بها بسبب الحرية الكبيرة التي حصل عليها من والديه. هو الطفل الذي يستطيع عمل ما يريد دون أن يسمع كلمة رفض من والديه، بل ويستخدمه إخوته الأكبر منه كوسيلة للحصول على موافقة الوالدين على أمور معينة.
يوضّح المختصّون إن اختلاف شخصية كل طفل تعود إلى طريقة تعامل الوالدين مع كل شخصية. فكما أن الطفل الأول يحصل على كل الاهتمام، وتتمّ كلّ تجارب التربية عليه إلا أن الطفل الثاني يحظى بجزء من ذلك فقط، وبعدها الطفل الأخير يتمتّع بكل الحرّيات. هذه الأمور ليست لأن الوالدين يريدون ذلك وحسب، بل هي جزء من الطبيعة، ومن طريقة التربية التي تسيطر على المشاعر في التربية والتنشئة.
أما بالنسبة للطفل الوحيد في الأسرة فهو طفل يتمتّع بشخصية وصفات بعيدة عن الأطفال الذين من عمره. فهو طفل يكبر وهو محاط بالكبار نتيجة عدم وجود الأطفال من عمره، وهو طفل يرافق والديه في كل مكان فيصبح أكثر نضجًا من الأطفال الآخرين، وهذا يُكسبه قدرات ومهارات تجعل منه قادرًا على القيادة نتيجة اعتماده المباشر على نفسه.
ولكن ومع وضوح تلك الشخصيات أمام الوالدين، فهم يعتقدون أنه ليس لديهم أي شيء يفعلوه لأن الشخصيات تكوّنت عند الأطفال. لكن في الحقيقة عليهم معرفة الصفات الخاصة لكل طفل والعمل على تنميتها ومحاولة جعلها واضحة أمام باقي الأبناء، لأنهم قد يستفيدون من شخصيات بعضهم البعض. ليس من الجيّد أن يلقي الوالدان المسؤوليات الكبرى على الابن الأكبر فقط لأنه الأكبر، بل عليهم أن يقوموا بتوزيعها على باقي الأبناء حتى يتعلّم الجميع ضرورة تحمّل المسؤولية والمشاركة فيها. كما إن عدم تبسيط الأمور على الطفل الأصغر وعدم تحميله أمور أخوته الأكبر منه، بل يجب أن نطلب منه المشاركة في ذلك حتى لا يعتاد على الدلال وقلّة العمل وحتى يشعر باهميته ودوره في الأسرة كذلك.
من أفضل الطرق التي على الوالدين اتّباعها حتى يستفيد جميع الأبناء من شخصيات بعضهم البعض هي النشاطات الجماعية للأسرة سواء داخل المنزل أو خارجة، ليتعرّف كلّ الأطفال على أساليب إخوتهم، ووضع الحلول مع بعضهم حسب اختلاف شخصياتهم حتى لو كان هناك فارق في العمر. فإن الوقت بين الإخوة هو من أثمن الأوقات التي يحتاجها حتى تثبت مكانتهم عند بعضهم البعض.
من الضروري جدًا عدم التفرقة بين الأبناء فقط بسبب اختلاف شخصياتهم وتقبّل كل طفل على ما هو عليه، خصوصًا إن كان هناك فارق في العمر وفي القدرة على الاستيعاب والتركيز وكذلك اختلاف الجنس. فكل هذه الأمور مجتمعة لها دور في استقلال شخصية الطفل وتحوّلها إلى شخصية أفضل بفضل دعم والديه بالدرجة الأولى.
اقرأ أيضاً: أضرار التفرقة بين الأبناء
GIPHY App Key not set. Please check settings