يُعتبر الصراخ في وجه الطفل من أكثر الحالات التي يتعرّض لها الطفل أثناء مسيرة التربية من والديه ومع الأصدقاء والعائلة، حيث يُعتقد أن الصراخ يخيف الطفل ويجعله يلتزم بالقوانين ويقوم بتنفيذ ما يُطلب منه. ولكننا لا ننكر أن ردود فعل الأطفال هي الخوف والانجماد في نفس المكان بسبب الصوت العالي وليس خوفًا من الشخص نفسه أو محاولة لطاعة أوامره.

ولكن ما نجهله أنه كلما ارتفع الصوت في وجه الطفل فإن استيعابه يقلّ وتضعف قدرته على استقبال المعلومات. ولأن الصراخ في وجه الطفل هو أمر غير جيد ويضرّه نفسيًا ومعنويًا بالدرجة الأولى، لذلك سنقوم هنا بعرض أهم الأضرار الناتجة عن الصراخ في وجه الأطفال وهي كالتالي:

1.تحوّل الطفل إلى طفل عدواني: تبيّن من خلال الدراسات التي أُجريت حديثًا على الأطفال أن الطفل الذي تعرّض للصراخ وهو صغير ومنذ بداية حياته والذي اعتاد علىه على أنه أسلوب في التربية، يكون الطفل الأكثر عدوانية من الناحية الجسدية والنفسية. فالصراخ بالنسبة له هو هجوم عليه،وبالتالي ينقص شعور الطفل بالأمان تدريجيًا ليصبح طفلًا عدوانيًا لا يهتّم بمشاعر الآخرين لأنه فقد ذلك النوع من الاهتمام.

2.الضرر في الصحّة الجسدية: يعمل الصراخ في وجه الطفل وبطريقة مباشرة على زيادة تعرّض الطفل للقلق والتوتر خصوصًا في فترة النوم. وهذا يسبّب له القلق وقلة ساعات النوم، وقد يتطوّر الأمر تدريجيًا ليصبح التبول اللاإرادي أحد الأضرار الجسدية التي يتعرّض لها الطفل، بالإضافة للمشاكل الجسدية الأخرى مثل مشاكل النمو الناتجة عن عدم انسجام هرمونات الطفل مع وضعه نتيجة ذلك الخوف منه.

3.تصرّفات الطفل السيئة: بمجرد أن يبدأ الوالدان أو أحدهما بالصراخ على الطفل، يبدأ الطفل بالبحث عن طريقة أخرى غير الصراخ ليشعِر الآخرين أنه منزعج. قد يتخّذ الطفل أسلوب التصرّفات السيئة مثل الألفاظ التي منعه الأهل من التلفظ بها فهو يقولها فقط محاولًا التعبير لوالديه بأنه غير راضٍ عمّا يفعلونه من صراخ وغيره.

4.التأثير على الدماغ: هذا النوع من الضرر لا يمكن استيعابه بنفس السرعة. عندما قام المختّصون بعمل تحليل إشعاعي لأدمغة أطفال تمّ الصراخ عليهم في الصغر وأطفال آخرين لم يتعرّضوا للصراخ، وجدوا أن هناك فروقات واضحة جدًا في المناطق المسؤولة عن معالجة الصوت واللغة والقدرة على الاستيعاب بين نوعي الأطفال هذين.

5.احتمالية الإصابة بالاكتئاب: لأن الصراخ هو حالة مستمرة يستخدمها الأهل فإن نتائج استمرارها مضرّة جدًا ولها جوانب عميقة مثل الحزن والخوف الذي يتسبّب بالإصابة بالاكتئاب على المدى البعيد. أظهرت الدراسات أن هناك روابط بين الصراخ والاكتئاب، فأغلب الأطفال الذين تعرّضوا للاكتئاب هم نفس الأطفال الذين كان أسلوب الصراخ هو الأسلوب المتّبع في بيوتهم.

6.انعدام الثقة بالنفس: يؤدّي الصراخ المتكرّر ولأي سبب تدريجيًا إلى انعدام الثقة بالنفس. حيث يشعر الطفل بأنه مهما فعل ومهما قال فالصراخ هو الشيء الوحيد الذي سيقابله، وهذا يمنح الطفل انطباعًا سلبيًا بأنه طفل غير محبوب وغير مرحّب بوجوده، فهم يقابلون رفض وجوده معهم من خلال الصراخ عليه.

7.تعرُّض الطفل لمشاكل في التركيز: لأن الصراخ المتكرّر له أضرار على المدى البعيد، فإن إحدى الأضرار التي يتعرّض لها الطفل في حال استمرارية الصراخ عليه هي مشاكل في التركيز. تقل نسبة التركيز لدى الطفل تدريجيًا، حتى تصبح شبه معدومة وذلك نتيجة الصراخ عليه. فالطفل عندما يتعرّض للصراخ يحاول أن يتهرّب من الموقف نفسه فيجبر نفسه على تشتيت أفكاره. وهذه بالنسبة له طريقة للدفاع عن النفس وتجاهل الموقف الذي تعرّض له، ممّا يسبّب له قلّة التركيز لمجرّد هروبه من الواقع.

8.اعتياد الطفل على الصراخ كأسلوب: قد يكون استخدام الأهل للصراخ في المرّة الأولى فعالًا ويأتي بنتائج جيدة، نظرًا لخوف الطفل من الصوت العالي ومحاولته تلبية ما يرغب به والداه فقط ليتوقّفوا عن الصراخ. إلا أن هذه الفعالية ستقلّ تدريجيًا كلما تكرّر الصراخ، حيث يعتاد الطفل عليه قيصبح الأسلوب المتّبع من قبل والديه، فيصبح الصراخ في وجهه أمرًا عاديًا ويبدأ باستخدامه تدريجيًا دون الاهتمام لأضراره..

9.زيادة عصبية الوالدين: كما أن الحال بأن لكل فعل رد فعل، هكذا الصراخ، حيث يعتاد الأهل على الصراخ ويتوقّعوا من الطفل الطاعة وعمل ما عليهم عمله. إلا أنه ومع مرور الأيام وتكرّاره  في وجه الطفل يشعر الطفل بأنه روتين، وأن الصراخ أمر يومي، فيفقد رغبته بتقديم الطاعة. هذا يزيد من غضب الوالدين وعصبيتهم فيبدأوا بالبحث عن أسلوب آخر له ضرر أكبر من ذلك على طفلهم.

10.مشاكل بين الأب والأم: خصوصًا عندما يكون أحدهما غير راضٍ عن أسلوب الصراخ، وبنفس الوقت غير قادر على إقناع الطرف الآخر. تبدأ المشاكل بينهما بسبب قبول ورفض التصرّفات المتبعة في التربية، وكل هذا يكون أمام الأطفال فيشعر بأنه سبب ذلك مما يزيد الأمر سوءًا.

اقرأ ايضاً: 7 خطوات للتعامل مع شجار أطفالك بدون صراخ

What do you think?

Written by رولا

دوري في الحياة أم وأب
أم لولدين أعمارهم 19 و12 سنوات. دوري في الحياة أم وأب لأبنائي بعد أن توفي زوجي منذ 12 سنة. أحب القراءة والطبخ وعمل الحلويات. أتطلع لتربية عملية علمية سليمة لأبنائي.

اترك تعليقاً

GIPHY App Key not set. Please check settings

كيف نتخلص رائحة الأقدام الكريهة

كيف نتخلص رائحة الأقدام الكريهة

كلمات لنا كآباء وأمهات في رحلة التربية

كلمات لنا كآباء وأمهات في رحلة التربية