مرحلة المراهقة هي من المراحل التي تحصل فيها أكثر التغيّرات وأكبرها في جسم الطفل، خصوصًا إن بدأت المراهقة بعمر أقلّ من العمر المتعارَف عليه. من أكثر التغيرات التي تحصل مع الطفل في هذه المرحلة هو النمو الجسدي والذي يشمل وزن الطفل وطوله وتغيير ملامح وجهه وصوته، حيث يصبح جسم الطفل بشكل أقرب للشباب عند الذكور وأقرب للسيدات عند الإناث. وتظهر عليهم ملامح تجعل مِن حولهم يلتفتون إليهم منبهرين بالتغيرات التي طرأت عليهم.
يعتبر البعض التغيرات التي تحصل لدى المراهق وخصوصًا التغيرات السريعة في النمو الجسدي سببًا لمخاطر قد تؤذي المراهق أو مَن يحيط به ولكن دون قصد. ولكن هل هذه حقيقة؟ وكيف يمكن أن يتسبّب بها المراهق حتى لو بطريقة غير مباشرة؟ هذا ما سنقوم بالتحدّث عنه هنا لتوضيح الأمور أكثر لمساعدة المراهقين ومن حولهم في التعامل بعضهم مع بعض دون أيّ ضرر.
بعض الأمور التي يفقد فيها المراهق السيطرة التامّة، ويعتبر نفسه غير قادر على التحكّم بها، وهي تسبّب له الخجل، والانزعاج لمن حوله. ولكنه لا يستطيع تغييرها فهي المسيطر الأكبر عليه وعلى جسمه وعلى نموه. ومن أهم تلك الأمور هي:
- انعدام ما يسمّى بالتوازن الحركي: يعاني المراهق من فقدان في التوازن الحركي عندما تظهر عليه أعراض غريبة مثل حركات عشوائية غير متزنة لم يعتد عليها. تلك الحركات هي نتيجة النمو الذي يحصل بسرعة في جسم الطفل وفي أطرافه، حيث يشعر بأن يديه أطول ما بين الليل والصباح، حيث يبدأ بتحركيهم بكل الاتجاهات محاولًا استيعاب فكرة نموهم السريع. كذلك نمو الساقين بشكل ملحوظ وبطريقة سريعة حيث يشعر المراهق بأنه أطول وأن ساقيه قادرتان على الوصول إلى أماكن أبعد وهو جالس، فيرغب بمدّ ساقيه ليرى إلى أين يمكن أن يصل، وهذا قد يزعج الآخرين نتيجة إعاقة حركتهم. المراهق لا يعلم أن ما يقوم به من تجارب لاكتشاف نموه السريع تسبّب الانزعاج لمن حوله.
- خشونة الصوت وفقدان القدرة على ضبطه: لعل تغيير الصوت هو من أول العلامات التي يشخّصها الأهل على أنها علامة دخول طفلهم مرحلة المراهقة. وهي ناتجة عن التغيرات الهرمونية التي تحصل في جسد المراهق. يتغيّر الصوت ليصبح على شكل خليط بين صوت الأطفال من ناحية وصوت الشباب من ناحية أخرى فتجتمع نبرة صوت غريبة بين الرفيع والغليظ، مما يعرّض الطفل للسخرية ويسبّب له الإحراج والارتباك. قد لا يرغب بالتحدّث كي لا يتعرّض للإحراج. لذا يمكن اعتبار النمو السريع وتغيّر الصوت لدى المراهق من المشاكل الأساسية التي أثناء فترة المراهقة.
- اختلاط المشاعر: في مرحلة المراهقة يتعرّض جسم المراهق للعديد من التغيرات الناتجة عن تغيّر الهرمونات، ولأن الهرمونات تفرّز من الغدد الصماء في الدم فلا بد أن تتحكم بالمشاعر بالدرجة الأولى، حيث يفسد لدى المراهق انسجام المشاعر وتتضارب الأحاسيس لديه. فنراه سعيدًا مرّة وابتسامته لا تفارق وجهه ويمازح الجميع ويضحك ويعبّر عن كل ما يشعر به، ومرة أخرى نراه متشائمًا حزينًا قلقًا يبكي دون أي سبّب ولا يريد التحدّث مع أحد، ويشعر بأنه فاقد للأمل، ولا يستطيع فعل أي شيء، ويحتاج للمساعدة. كل هذا يعتبر طبيعيًا إلى حدّ ما بسبب التدفق السريع في هرمونات الجسم من الغدد المسؤولة. ولكن كل هذا يحدث بسرعة عجيبة ليجعل مَن هم حول المراهق يعتبرون ذلك مشكلة محرجة خصوصًا لوالديه لفقدانهم السيطرة على الأمور معه.
- الشعور بالغرور والقوة: عندما تبدأ الهرمونات بالتغير تبدأ من مكان ولكن لا تنتهي بل تأخذ طريقها مع كل نوع من المشاعر وتعمل على تغييره، ليصبح في شخصية المراهق. ليس من الغريب أن نرى المراهق وهو يشعر بالقوة التي امتلكها ليخبر العالم بأنه أقوى شخص على الأرض وهو أقوى من والديه ومن معلّميه ومن كل أصدقائة وأقاربه. هذا الحدث المفاجئ والسريع يتسبّب في المشاكل، حيث قد يدخل المراهق في مشاجرات ومصادمات لاعتقاده بأنه الأقوى وأن لديه القدرة على السيطرة، ولكنه سرعان ما يكتشف أنه قد بالغ في تقدير الأمور يشعر بخيبة الأمل نتيجة التسرع في الحكم على الأمور.
- الانحراف الأخلاقي والسلوكي: نعيد ونكرّر أن المراهق ليس بالمسؤول الأول عن أيّ تصرّف ينتج عنه خصوصًا في الفترة التي يتسابق فيها جسم المراهق مع هرمونات جسمه فيتصرّف بطريقة غريبة هو نفسه غير قادر على تحليلها. من الأمور غير المقبولة ولكن المتوقعة من المراهق والتي تحصل مع والديه وبشكل يومي هي الغضب والتسرّع والعناد والسلبية وكذلك المشاجرة المتواصلة مع إخوته سواء الأكبر منه أو الأصغر واستخدام الألفاظ والعنف البدني، والتكاسل عن القيام بالأعمال التي اعتاد على عملها منذ الصغر، فبسبب سرعة النمو الجسدي وعدم انتظام الهرمومات في جسمه يبدأ بالتكاسل عن عمل ما كان يعمل في السابق.
أقرأ أيضاً: تعديل سلوك المراهقين في 6 خطوات عملية
GIPHY App Key not set. Please check settings