لارا
كيف أتعامل مع كثرة النسيان عند طفلي
سؤال يخطر ببالي دومًا… هل ينسى طفلي ما أقوله له من توجيهات وأوامر، أم يتناسى لأنه لا يرغب بالقيام بها؟ هذا السؤال طرحته على أحد الأخصائيين النفسيين والذي شرح لي آلية عمل الذاكرة عند الطفل، وقدّم لي العديد من النصائح التي ساعدتني على التعامل مع كثرة النسيان عند طفلي.
وقال لي: “تُسمّى الذاكرة المسؤولة عن تذكّر الأشياء اليومية -مثل تجهيز الحقيبة المدرسية- الذاكرة قصيرة الأجل، وتعني القدرة على الاحتفاظ بالمعلومات في الدماغ والعمل بها. فالذاكرة قصيرة الأجل تشبه طاولة صغيرة توضع عليها الأفكار والمعلومات لاستخدامها في مهمة ما، ومع مرور الوقت تصبح هذه الطاولة الصغيرة ممتلئة، فعند إضافة معلومة أو فكرة جديدة إليها تسقط أحدها من الطاولة حتى تستوعب الفكرة أو المعلومة الجديدة، وهذه هي آلية عمل الذاكرة القصيرة الأجل عند الطفل. بسبب ذلك ينسى الطفل تنظيف غرفته، أو ينسى تسليم واجباته في المدرسة. على سبيل المثال ربما يفكّر في حل واجبه المدرسي، لكن بعد مدة تمتلئ ذاكرته قصيرة الأجل بأفكار أخرى كالأصدقاء، أو مشاهدة فيلم كرتوني، أو مصروفه اليومي….. وبذلك ينسى الفكرة الأصلية وهي حلّ الواجب المدرسي، بسبب أنّ ذاكرته قصيرة الأجل أصبحت ممتلئة بأفكار جديدة.”
لكن هذا السبب ليس الوحيد بل يوجد أسباب أخرى تجعل الطفل ينسى مهامه الموكلة إليه، مثل:
- توتر الطفل هو سبب مهم لإنقاص الذاكرة لديه، وربما يعاني من التوتر والقلق بسبب كثرة الواجبات المدرسية أو بسبب قساوة المعلمة وخوفه منها.
- كثرة مشاهدة التلفاز لها مخاطر في تشتّت الانتباه وعدم التركيز، وبالتالي سيكون الطفل أثناء المذاكرة دائم السرحان لتعلّقه ببرامج التلفاز ممّا يؤدّي إلى قلّة المعلومات المستقبلة من قبل الدماغ وعدم التركيز فيها، فيؤدّي ذلك إلى النسيان.
وقدّم لي عدة نصائح لمساعدة طفلي على عدم النسيان وتدريبه على تذكّر فروضه ومهامه:
- من الخطأ الاعتماد أثناء الدراسة على الحفظ دون الفهم، لأن الفهم يجعله يسترجع المعلومة بسهولة عندما يحتاجها. ويمكننا مساعدة الطفل في إنشاء خريطة ذهنية للأفكار المختلفة، حتى تبدو هذه الأفكار مرتبطة بعضها ببعض، فذلك يساعد الأطفال في بناء الروابط بين الكلمات والموضوعات، وتجعل الطفل يفهم المواد بشكل أوضح.
- اتّباع بعض التمارين لتقوية ذاكرة الطفل، مثل تشجيعه على طرح الأسئلة، فذلك يساعده في فهم الموضوع بشكل أعمق وأوضح، أو الطلب منه أن يشرح المعلومات التي تعلّمها في المدرسة.
- الحوار الجيّد مع الطفل ومناقشة أحواله اليومية يعزز الثقة بينه وبيننا، ويعزز الأمان والاستقرار.
- توفير الجو الآمن الخالي من التوتر للطفل في المنزل والمدرسة.
- تحسين النمط الغذائي للطفل عن طريق احتواء الوجبات الغذائية الثلاثة على المكوّنات الأساسية جميعها كالخضروات، والفواكه، والمكسّرات، ومشتقات الألبان والأجبان، واللحوم.
- تعويد الطفل على ممارسة التمارين الرياضية اليومية في الصباح أو خلال النهار، لتحسين أداء الدورة الدموية، وضخّ الدم إلى الدماغ.
- جعل الطفل يأخذ قسطًا من الراحة خلال اليوم، والنوم في ساعات محدّدة من الليل.
- تقليل مشاهدة التلفاز و تعويضه عن ذلك بألعاب وواجبات وممارسة مهارات خاصة بدلاً من برامج الأطفال تلك التي تساعد في تثبيط الدماغ وتقليل التركيز والتشتّت.
- مراقبة استخدام الطفل للكمبيوتر والألعاب ومواقع التواصل الاجتماعي وتحديد أوقات لها، لأن هذه التكنولوجيا تعزل الطفل عن عالمه الحقيقي، وتُضعِف تركيزه خلال استخدامها مما يتسبّب في نسيانه.
- استخدام لغة إيجابية مع الطفل، كأن نستخدم عبارة (هل تتذكّر؟) بدلًا من (لماذا نسيت؟)، لأنه عند ذِكر عبارة (لماذا نسيت) فإنّ الطفل يركّز على النسيان. هذا الأمر يحتاج إلى الصبر لأن دماغ الطفل يستغرق وقتا للتبديل من عادة قديمة لعادة جديدة.
- مكافأة الطفل عندما يتذكّر شيئًا ما على الأقل مرة في اليوم.
- دعم الطفل بعبارات إيجابية، وإخباره أنه رائع لأنه تذكّر ترتيب حقيبته المدرسية قبل النوم وأنني فخورة به، ومحاولة مدح التصرّفات العادية والتفاصيل الصغيرة التي ينفّذها، والابتعاد عن عبارات الغضب والإحباط وتجنّب السخرية منه.
ساعدتني هذه النصائح على تقبّل فكرة النسيان عند طفلي والتعامل معها على أنها وضع طبيعي لدى الطفل يمكننا مساعدته على تجاوزها، وأنه من الضروري التعرّف على عالم الطفل حتى نتمكّن من التعامل معه بالطريقة التي تناسبه وتكون خيرًا له، و نكون الداعم والمساعد له بدلاً من محاسبته وعقابه على أمور لا يتمكّن من القيام بها.
اقرأ أيضاً: كيف نعالج ضعف الرغبة في الدراسة عند أولادنا؟
GIPHY App Key not set. Please check settings