طرق للمحافظة على مشاعر الطفل البكر
جميعنا فرحنا بقدوم أول طفل للعائلة الجديدة، وكنّا حريصين جدًا على تقديم كل الحبّ والأمان والوقت له، لنكون واثقين بأن هذا الطفل سعيد. كم من الأمور التي قمنا باختصارها من برنامجنا اليومي حتى نبقى بجانب هذا الطفل مستمتعين بكل لحظة معه! لا نجد أي شيء يستحق الوقت والجهد مقابل وقتنا مع الطفل الجديد الذي أحضر معه كل أنواع الفرح والسعادة وخصوصًا عندما يبدأ بعمل حركاته الخاصة التي تجعلنا ننظر له لساعات طويلة دون ملل.
ولأن هذا الطفل يكبر يومًا بعد يوم، فإننا نشتاق لتلك اللحظات عندما كان رضيعًا، وعندما بدأ بالمشي ولمس الأشياء وكنّا نقضي الكثير من الوقت في ترتيب كل شيء من بعده، لكننا وجدنا أن هذه اللحظات قد أصبحت بعيدة عنّا وبشكل تدريجي، ليس لأننا لا نريد قضاء الوقت معه بل لأننا أصبحنا مشغولين بوجود طفل جديد يحتاج لنفس الاهتمام الذي قدّمناه للطفل البكر. هنا ومن الطبيعي أن يكون الوقت للطفل الجديد أكبر فهو يحتاج إلى اهتمام ورعاية، لكنّنا نجهل تمامًا مشاعر الطفل البكر في حاجته إلينا معتقدين أن ألعابه ووقته أمام الشاشات يتمّم المطلوب. الطفل البكر يشعر بمشاعر غريبة من الغيرة يبتعد فيها تدريجيًا عن والديه موجّهًا كل طاقاته للتعامل مع الطفل الجديد محاولًا لفت انتباه والديه إليه ولكن بطريقة مختلفة.
ولأن الطفل البكر يشعر وكأن حقوقه قد أُخذت منه، فإنه يبدأ بالتصرّف بطرق مختلفة، فقد يعاند والديه ولا يتبّع التعليمات والقوانين، وقد يبدأ بالتبول اللاإرادي، أو يقلّد الطفل الجديد، وقد يقوم بضربه لأنه السبب بما يشعر به من نحو والديه. كل هذه الأمور طبيعية إلى حدّ ما وسببها الغيرة، الا أن هناك طرق تساعد الوالدين على تجنّب كل ضرر نفسي قد يتعرّض له الطفل البكر، وتجنّب الضرر الجسدي الذي قد يلحق بالطفل الصغير.
ولتجنّب كل هذه الأضرار هناك بعض التعليمات على الأهل اتّباعها لخلق التوازن في التعامل مع الطفلين بنفس الوقت قدر الإمكان دون أي توتر وهي كالتالي:
- توزيع المسؤوليات: في حديث بين الوالدين والطفل الأكبر، يجب على الوالدين توضيح أن هناك أمور مشتركة يجب أن يتعاون فيها الجميع، مع عدم التركيز المباشر على الطفل الصغير. مثلًا إخبار الأب بأن الأم تحتاج إلى مساعدته في تحضير الطعام بينما تقضي الوقت في اللعب أو القراءة مع الطفل البكر ليشعر بأهميته وأهمية وقته مع والدته. وكذلك تطلب الأم من الطفل البكر مساعدتها مع ما يحتاجه الطفل الصغير والتي عملتها له عندما كان في عمره مثلًا عند تحضير وجبة الطعام تطلب منه الأم تحريك الطعام أو وضعه في طبق الطفل أو إحضار الحفاظ والمناديل لتنظيف الطفل الصغير أو تحضير واختيار الملابس عند التغيير للطفل. مع مراعاة مشاعر الطفل الأكبر في حال أنه رفض القيام بتلك الأمور، وعدم إجباره، والطلب منه بعد فترة وبطريقة مختلفة.
- التعاطف المستمر: اعتاد الطفل الأكبر على أن يكون له كل الوقت والاهتمام من والديه ومن الجميع، فهو أول فرحتهم، وأول طفل في حياتهم. لأن الأطفال أذكياء بطبيعتهم ويملكون العديد من المشاعر فهم يعرفون متى تتغيّر تلك الأمور فيشعروا بأنهم لم يصبحوا كما اعتادوا في السابق. لذلك على الأهل وخصوصًا الوالدين مراعاة تلك المشاعر، فالطفل مهما كبر لا زال يحتاج إلى تعاطفهم معه ومع مشاعره. فإن شعر الطفل بالغضب فلا يجب أن يقسو عليه لمجرد أنه لا يملك السبب الكافي لذلك الغضب، بل عليهم تركه يعبّر عن ذلك الغضب والتعاطف مع مشاعره وعدم الاستخفاف بها. قد يشعر الطفل بالغضب لأن والدته لم تمنحه الفرصة لتقبيل الطفل الصغير ظنًا منها بأنه قد يؤذيه، لذا عليها في البدايه ومجرد أن طلب أن يقبّل الطفل الصغير أن تشكره على مشاعره الجميلة وعلى محبته، فعندها سيشعر أن ما سيقوم به هو عمل جيّد، وسيتردّد في إيذائه إن كان ينوي ذلك.
- الوقت الكافي مع الطفل: على الوالدين وضع خطة جيدة تكون عادلة بين الطفلين مع التركيز على الطفل الأكبر لأنه يحتاج ذلك الاهتمام أكثر. وأهم شيء يحتاجه الطفل البكر هو الوقت الكافي من والديه ونقصد بذلك فقط هو ووالديه أو أحدهما دون تواجد الطفل الصغير، ليشعر بأنه لا يزال هناك الوقت له بالرغم من وجود طفل جديد في العائلة. قد يكون هذا الوقت داخل البيت عن طريق اللعب معه أو مشاهدة برنامجه المفضّل أو قراءة القصص له، ذلك بالإضافة لأهمية قضاء وقت للعائلة جميعها بوجود الطفلين مع الحرص على أن يكونوا بجانب بعضهم البعض مع مراقبة الوالدين ليشعر الطفل الأكبر بمسؤوليته تجاه أخيه الصغير كما هو الأمر مع والديه له، لتبدأ مشاعر المسؤولية تنمو تدريجيًا ويصبح وقت العائلة معًا هو وقته المفضل ويطلبه بنفسه ليشعر بأهميته وبثقة والديه فيه ليكون متحملًا المسؤولية.
هذه الأمور هي الأهم في حياة الطفل البكر وفي نفسيته وهي التي تبعده قدر المستطاع عن أي شيء يمكن أن يكون السبب في تحوّله إلى طفل عدواني، كل ما يريده هو فقط الانتقام من الوالدين ومن الطفل الجديد لأنه يرى أن كل الوقت بدأ يتحوّل له.
اقرأ أيضاً: مميّزات الطفل الأول
GIPHY App Key not set. Please check settings