من منّا كأهل لم يتعرّض لمواقف مع أطفاله عن الكذب؟ وكيف تعاملنا مع الأمر؟ هل قمنا بمعالجة الكذب عند الأطفال لأمر بالطريقة السليمة وأبعدنا طفلنا عن الأمر؟ أم كنا على العكس تمامًا وتعاملنا بأسلوب تربوي خاطئ؟
كل هذه الأسئلة قد نسألها لأنفسنا بعد أن نتعرّض لمواقف كاذبه من أبنائنا، وقد نلوم أنفسنا أحيانًا أو الطفل أو من حوله، وقد نلوم الموقف الذي تعرّض له الطفل والذي يجعله يستخدم أسلوب الكذب معنا. لكن في الحقيقة لا داعي لأن نبحث عن من نضع اللوم عليه، أو نبحث عن الخاطئ لنعاقبه ونعبّر عن غضبنا. فالأمر بسيط في البداية إن استطعنا أن نحدّد موقفنا ونحدّد الطريقة التي علينا استخدامها.
قد يلجأ الطفل إلى الكذب محاولة منه للهروب من عقاب متوقّع، نتيجة ما قام به وهو يدرك تمامًا أنه مرفوض من قبل والديه، فهو يختصر الأمر بأن يكذب ويقول أنه ليس الشخص الذي قام بذلك. أو قد يلوم غيره مباشرة ويتهمّه محاولًا وضعه في خانة الشك من قبل والديه أو ممن هم أكبر منه، لأنه ببساطة ينتقم من موقف تعرّض له وكان الطفل الآخر السبب في ذلك.
قد نبدأ بالبحث عن طريقة معالجة الأمر بعد أن نعرض الموقف مع أبنائنا، ولكن الأهم من ذلك هو أن نقوم بالخطوات قبل أن يكذب أحد الأبناء علينا أو يستخدم الكذب كوسيلة للهروب من مشكلة معينة. لذلك سنقوم بعرض بعض الطرق التي يمكننا اتباعها لتجنّب الكذب عند الأطفال واعتباره أمرًا عاديًا في حياتهم. وهي تتلخّص كالتالي:
- أن نكون قدوة لهم: وهذه من الأساسيات والأهم لأننا في نظر أبنائنا قدوتهم، وهم يحبّون تقليدنا في كثير من الأعمال والتصرّفات لأنهم يقتدون بنا، لذلك علينا أن نكون حذرين بخصوص الكذب وأساليبه في حياتنا اليومية حتى لو كانت على سبيل المزاح. فمثلًا العديد من الآباء يطلبون من أبنائهم الرد على هاتفهم وإخبار المتصّل بأنهم نائمون أو يستحمّون أو أي شيء آخر. يكون هدف الوالدين هنا هو تجنب إجابة الاتصال فقط في هذا الوقت، وينوون معاودة الاتصال لاحقًا. إلا أن هذا في نظر الأبناء كذبة للهروب من أمر ما، مما يجعل الطفل يستخدم الكذب لاحقًا للهروب من أي موقف حسب ما عمل والداه، وبنظره نجحوا في ذلك.
- التحدّث عن قيمة الصدق: ليس بالضرورة أن يحدث الكذب عند الأطفال في وقت معين ليتحدّث الأهل عن أهمية الصدق وقيمته، إلا أنه من الضروري تعزيز فكرة وقيمة الصدق وأهمية قول الحقيقة مهما كان الأمر صعبًا، ويبدأ هذا منذ الطفولة عن طريق اللعب ومن خلال قراءة القصص التي تعبّر عن أهمية الصدق. لأنه بمجرد سماع الطفل عن أهمية الصدق وفرحة والديه بسلوكه الإيجابي وقول الحقيقة يجعله يبتعد عن الكذب وأساليبه فهو عكس الحقيقة وقولها. قد نبدأ باللعب معهم ونقول الحقيقة حتى لو أن ذلك يجعلنا نخسر في اللعبة. كما وتؤثر القصص في نفس الطفل، وطريقة السرد تجعلهم يريدون تطبيقها بأسرع وقت ممكن.
- التعرّف على أصدقاء الطفل: ومن الأفضل قبل أن يصبحوا أصدقاء مقرّبين لبعض، لأننا كما نعلم جميعًا فإن أغلب الأطفال يتأثرون ببعضهم البعض خصوصًا الأصدقاء فهم يقلدون بعضهم بشكل مستمر. لذلك علينا أن نهتم باختيار الطفل ومعرفته لأصدقائه، وكذلك معرفة عائلاتهم، خصوصًا إن شعرنا بأن الطفل متعلق جدًا بصديقه وبدأ يقلّد تصرفاته. فإن كان الطفل الآخر يستخدم الكذب في البيت والمدرسة، فلا بد لطفلنا أن يقلّده، ولا بد أنه شهد له موقفًا كذب فيه ونجا، مما يدفع طفلنا لتقليد الناجح فصديقه نجح ونجا من العقاب من خلال استخدام الكذب.
- معرفة سبب الكذب: قد نشعر بالغضب عندما نسمع طفلنا وهو يكذب، وخصوصًا لأول مرة، ولأننا لسنا معتادين على ذلك. من الضروري متابعة الطفل بهدوء لمعرفة الأسباب التي جعلته يكذب، بشرط أن نكون هادئين بعيدين عن الصراخ حتى لا يخفي الأمر علينا ويحاول تبرير موقفه بكذبة أخرى. علينا تجنّب اتهام الطفل بكلمة أنت كاذب أو لماذا تكذب؟ أو من أين تعلّمت الكذب؟ فهذا قد يجعله يشعر بانعدام الثقة ويفقد الجرأة في التحدّث عن الأمر والمصارحة. قد يكون سبب الكذب لأنه كان السبب في إيقاظ أخيه الصغير من النوم، ومقصده الحقيقي هو اللعب مع أخيه، إلا أنه كذب خوفًا من رد الفعل ونيله العقاب على ذلك.
- تعزيز الطفل عند قول الحقيقة: ليس فقط إن قال الحقيقة بعد أن اكتشفنا الكذب، لكن في كل مرة فيها نسأل الطفل ويجيب بالحقيقة، علينا شكره. هذا الثناء والشكر يجعله يعلم أن قول الحقيقة أمر جيّد، وعليه الالتزام به لأنه يعود عليه بالتعزيز والكلمات الجميلة التي يرغب بسماعها. هذه الأمور تجعل الصدق وقول الحقيقة من أهم صفات الطفل.
ولا ننسى أنه من الضروري تعويد الطفل على أن يعتذر عندما يكذب مهما كان الأمر صعبًا عليه، وعلينا تعزيز الطفل بعد الاعتذار ليشعر بأن اعتذاره كان تصرّفًا صحيحًا.
اقرأ أيضاً: أسباب التمرد عند الأطفال
GIPHY App Key not set. Please check settings