خطورة الكذب على الأطفال
كلمات بريئة قالها طفلي لي جعلتني أعيد التفكير بسلوكي، وذلك عندما سألني “لماذا تكذبين علينا ونحن لا يجب أن نكذب؟”… هذا أثار بداخلي الكثير من التساؤلات، لأني أعتبر نفسي أتكلّم بالصدق دومًا، وهو أحد القيم التي لها أهمية كبيرة في حياتي.
عندما راقبت سلوكي وجدت أنه مهما حاولت تجنّب الكذب عليه فإن بعض المواقف تخونني، لأرى نفسي أكذب عليه دون قصد، إما هربًا من الإجابة لأنني أعتبره لا يزال صغيرًا بالسن ولن يفهمني، أو أنه غير مدرك لجوابي، أو لأن هذه الطريقة توفّر بعض الوقت والجهد علي، وتجعله يحسن التصرف، كما أنها الطريقة الأسهل من أجل تهدئته وضبط سلوكه. أظن أن التعامل معه بهذه الطريقة هو موضوع بغاية البساطة، وأن الأمر ليس سوى كذبة بيضاء صغيرة لن يدركها.
لكن الحقيقية التي كان عليّ إدراكها أنني غير قادرة على زرع أي قيمة أو سلوك إيجابي في طفلي إن لم يكن موجودًا في حياتي، لأن الطفل يتعلّم بالقدوة، وعندما نطلب منه تجنّب الكذب ويرانا نكذب دومًا هذا الأمر سيجعله يعيش في تناقض.
و الذي يحدث مع مرور الوقت أن الأكاذيب المتكرّرة التي يسمعها الأطفال منّا -والتي نعتبرها عفوية وعادية- مثل: “إن لم تسكت سأحضر لك الشرطة” أو “إذا لم تجهز بسرعة، سنغادر من دونك”، أو عدم الإيففاء بالوعود مثل “إن درست سأحضر لك هدية”…. هذه الطريقة بالكلام يدركها الطفل ويتأثر بها وفي نفس الوقت يسعى لتقليدها.
يظهر أثر الكذب على الأطفال المدمر في صورة فقدان ثقتهم بنا، عند عدم التزامنا بالوعد المقطوع، أو الردّ على أسئلته بطريقة خاطئة، الأمر الذي يجعله يشكّك في أي وعدٍ مستقبلي صادرٍ منّا، وعندها لن يصدّق كلامنا أبدًا.
حاولت البحث عن إجابات أكثر اقناعًا له، ومخاطبته بطريقة تناسب عقله وعمره دون اللجوء إلى الأكاذيب مهما كانت بيضاء وسخيفة، وأن أتأكّد من أنه اقتنع بوجهة نظري. كان عليّ أيضًا أن أغيّر طريقة تعاملي معه وعدم وعده بعمل شيء لا أستطيع القيام به، كأن أعده بنزهه أو مكافأة ولا أوفي بالوعد حتى لا يشعر بالكذب. أما في حال لم أستطع أن ألتزم بوعدي له لأن الظروف كانت معاكسة، عندها يجب أن أخبره سبب عدم التزامي له، وأعده أنني سأوفي بوعدي قريبًا في حال زالت هذه الأسباب.
الصدق فضيلة يمكن زرعها في حال تمت ممارستها كل يوم، والتربية ليست وعظ وتعليمات وإنما هي بالقدوة أولاً ثم بالتدريب والتعوّد على فعل الصح. تربية الأبناء وتنشئتهم على الصدق وهم صغار السن مسؤولية كبيرة لكنها ليست مستحيلة وتستحق المحاولة.
اقرأ ايضاً: كيف نتعامل مع الطفل الكثير الأسئلة
GIPHY App Key not set. Please check settings