المنافسة بين الأهل

طفل صديقي متفوّق…. لماذا لا يتفوّق طفلي أيضًا؟  بماذا هو أفضل منه؟ بماذا ينقص عنه؟ أنا لم أبخل عليه بشيء؟ لذلك يجب أن يكون هو أفضل من جميع أبناء زملائي، يجب أن يكون الأول هذا العام….

 هذه الأفكار تجسّد شعور ورغبة غريبين يعيشان بداخلنا نحن الأهل وهو أن يكون أطفالنا متميّزين ومتفوقين على أقرانهم، ربما لأن هذا الشعور يخفي رغبتنا بالمنافسة مع أقراننا نحن، فنجد أنفسنا نطلب من أطفالنا بأن يكونوا جزءًا من معركتنا مع الآخرين. الأمر الذي يدفعنا دومًا بأن نعمل كل ما بوسعنا ونضغط على أنفسنا وعلى صغارنا للوصول لهذا الهدف، لكن المشكلة تكمن بأن هذه الأفكار قد تتحوّل إلى واقع نطبّقه ونفرضه على أطفالنا.

مع بداية العام الدراسي أحببت أن أتكلّم عن تجربتي مع طفلي بما يخصّ موضوع المنافسة بين الأهل والتي أثرت عليه كثيرًا وبشكل سلبي…

في العام الماضي وقبل بدء المدرسة حاولت أن أزرع فيه روح المنافسة، وبدأت أتحدّث معه عن ضرورة أن يكون الأول في مدرسته وأفضل من أبناء زملائي في العمل وأولاد الجيران. زرعت فيه بأنه يجب أن يتفوّق من أجل كسب حبنا له واهتمامنا به، وأحضرت له كل ما يرغب به وما يحتاجه من أدوات مدرسية.

خلال العام الدراسي كنت أتابعه دومًا وأذكّره بضرورة أن يكون الأول في صفه، وأنتظر أن أرى نتيجة الامتحان لأقارنها مع أبناء زملائي وجيراني لأفتخر به وبدرجاته أمامهم…. لكن هذ الحالة لم تستمر طويلًا.

لأن الطفل يجد سعادته في إسعاد والديه، حاول طفلي القيام بأي شيء لإرضائي، لكنه وصل لمرحلة لم يستطع فيها أن يكمل طريقه بهذا الشكل وبدأت تظهر عليه علامات الحزن والكآبة وتصدر منه تصرّفات غريبة كالغضب والصراخ. أصبح هدفه هو تحصيل علامات أفضل وليس المعرفة والحصول على معلومات أكثر، وهذا سبّب له الضغط المستمر مشاكل نفسية وضغط نفسي وخوف من الفشل، الأمر الذي جعله يلجأ للغش والخداع أحيانًا من أجل الفوز. لم يعد سعيدًا ومرحًا كالسابق، فقد أصبح حزينًا في معظم الاوقات ودائم اللوم لنفسه وعلى أبسط الامور، واعتبر كل خطأ هو فشل، وأصبحت نظرته لنفسه أنه شخص فاشل، ولم يعد يحبّ أصدقاءه، وتولّد لديه شعور بالكره والحسد اتجاههم، حتى وصل لمرحلة تمنّى فيها لو لم يكن موجودًا بعد أن فقد ثقته بنفسه.

لندع أطفالنا يكبرون في بيئة صحّية يسودها التنافس الإيجابي والمفيد وليس المقارنة، ودعونا نركّز اهتمامنا على طاقات طفلنا ومواهبه التي تميّزه عن غيره ونشجّعه على أن يبدع ويتفوّق دون الضغط عليه حتى يقدّم أفضل ما لديه وليس الأفضل من غيره.

اقرأ أيضاً: المقارنة… أشد السموم في التربية

What do you think?

Written by لارا

عندي صبيين وبنت. درست هندسة حاسوب وأجد سعادتي في خدمة الآخرين. أحب أطفالي كثيرا وأعتبر دوري كأم هو أهم عمل أقوم به.

اترك تعليقاً

GIPHY App Key not set. Please check settings

تريس ليتشيس كيك

مقتطفات من المطابخ العالمية: تريس ليتشيس كيك

الفشل الكلوي: أعراضه، أسبابه وطرق العلاج

الفشل الكلوي: أعراضه، أسبابه وطرق العلاج