مساعدة الأطفال الصغار أو الأطفال في المرحلة ما قبل المدرسة في مواجهة الأزمات الصادمة
بقلم: سميرنا خلف
أخصائية في الزواج والعائلة
في الآونة الأخيرة، مررنا كعائلة بحدث صادم في بلادنا. لقد تأثر أولادي به وأنا واثقة من أن اولادا كثير قد تأثروا أيضًا به. يشكل الأطفال الصغار في مرحلة ما قبل المدرسة، الجزء الضعيف من التعداد السكاني الذين يتأثرون بالصدمات؛ ويصعب جدًا على الوالدين أن يتعاملوا مع أطفالهم في هذه المرحلة لأنهم لا يملكون الوسيلة أو اللغة للتعبير عن مشاعرهم واختباراتهم.
سوف أتناول بعض ردود الأفعال أو السلوكيات التي قد يُظهرها الأطفال الصغار في مرحلة ما قبل المدرسة بعد حدوث الأزمات الصادمة وسوف أذكر طرقاً مفيدة يمكن للوالدين استخدامها للتعامل مع هذه المشاكل.
- مشاكل تتعلّق بالنوم: مثل عدم رغبة الأطفال في النوم بمفردهم، أو رغبتهم بالنوم بجانب أحد الوالدين
من المهم جدًا أن يُطمئن الآباء الأطفال بأنهم في أمان وأن يحاولوا إعادتهم إلى حياتهم الليلية الروتينية في أقرب وقت ممكن بعد الحدث الصادم. إن وجودكم كأهل بجانبهم مهم جدًا، لذلك جيد أن تسمحوا بإضافة وقت إلى الوقت المميز قبل النوم. يمكن أن يشمل هذا الوقت المميز قبل النوم أنشطة مهدئة مثل سرد قصة مفضّلة عندهم أو الصلاة معهم أو همهمة أغنية للتنويم أو معانقتهم.
- مشاكل تتعلّق بتناول الطعام: فقد يعانون من زيادة أو نقصان في الشهية بسبب التوتر الذي قد يشعرون به
أيها الأهل، يجب عليكم ادراك أن هذه ليست سوى مرحلة عابرة وسيعود بعدها أطفالكم إلى عاداتهم الغذائية بمجرد أن ينخفض توترهم. يمكن أن تتضمن المساعدة: تناول الطعام معًا وجعل أوقات الوجبات ممتعة – مثلاً، يمكنكم أن تغنّوا أو أن تسردوا لهم القصص المضحكة أو أن تلعبوا لعبة ما. فكرة أخرى هي تحضير وجبات صحية خفيفة تكون متوفرة خلال النهار لاولادكم حتى يتمكنوا من تناولها عندما يشعرون بالجوع.
- التمسك بأحد الوالدين: قد يكون بسبب خوفهم من عدم إمكانية رؤية والديهم أو خوفهم من فقدان أحدهما
هذه قضية شائعة بين الأطفال الصغار. من المفيد جدًا أن تبقوا قريبين من أطفالكم وأن تتجنبوا الانفصال عنهم. ولكن إذا كان لا بدّ من الانفصال، فمن المستحسن أن يكون لوقت قصير. عندما يضطر أحدكم كوالدين على الانفصال، يجب عليكم التحدّث مع أطفالكم عما قد يشعرون به عند رحيلكم، والمهم ان تتعاطفوا مع مشاعرهم، وان تخبروهم أنك تحبونهم، وأنكم ستعودون قريبًا. إذا كنتم تحتاجون أن تقضوا وقتاً طويلاً بعيدًا عن أطفالك، فيمكنهم البقاء مع أشخاص مألوفين لديهم، مثل أفراد الأسرة كالجدة او الخالة، الخ… .
- الخوف من أصوات أو أشياء معينة لم تكن تخيفهم من قبل
يمكن لهذه الأصوات أو الأشياء أن تذكّرهم بالحدث الصادم، أو حتى مجرد الضجيج العالي مثل الصراخ أو الصياح يمكن أن يزيد من التوتر لدى الأطفال. لذلك، عندما يصاب الطفل بالذهول بسبب الضجيج، حاولوا أن تشرحوا له ما يحدث. قد تستغرق محاولة افهام أطفالكم هذه الأمور عدة مرات. أكدوا دائمًا لأطفالكم أنكم موجودون قربهم وستحافظون على سلامتهم.
- مشاكل تتعلّق بالتراجع في أداء مهارات مكتسبة: مثل، إذا كان الأطفال مدربين على استخدام الحمام، فقد لا يتمكّنون من ضبط أنفسهم، أو إذا بدأوا يتحدثون بطلاقة، قد يتراجعوا إلى مرحلة لا يرغبوا فيها بالتحدث ويستخدمون أصواتاً بدلاً من الكلمات، إلخ …
التراجع في أداء المهارات المكتسبة هو عندما يفقد الأطفال مؤقتًا قدرة أو مهارة ما كانوا قد تعلّموها مؤخرًا. عندما يرى الوالدان طفلًا يتراجع، فهذه علامة على أن شيئًا ما يحدث وأن هناك حاجة للمساعدة. تذكّروا دائمًا أن أطفالكم لا يتراجعون في أداء مهاراتهم المكتسبة عن قصد. انهم يحتاجون لتفهم ولدعم والديهم في هذه المرحلة وليس للنقد أو للخجل. إذا انتقدتم أطفالكم أو أجبرتموهم على أداء هذه المهارة، فسيؤدي ذلك إلى صراع بينكما ولن يساعد في ادائهم. يحتاج الوالدين أن يسمحوا لأطفالهم أن يشعروا بالحب والقبول والدعم، وهذا سيساعدهم على العودة إلى المسار الصحيح بمهاراتهم بشكل أسرع.
- مشاكل تتعلّق بالتركيز: من حيث أنهم قد لا يتمكنوا على الجلوس لفترة طويلة أو لا ينتبهوا للامور حواليهم
عندما يخاف الأطفال، تزداد طاقتهم ولا يعرفوا ماذا يفعلون، ويمكن أن يفقدوا التركيز. هذا مشابه جدًا لما يحدث للبالغين عندما يكونوا خائفين. يمكن على الأهل مساعدة أطفالهم على التخفيف من مخاوفهم من خلال تشجيعهم على ممارسة الرياضة وتعليمهم كيفية التنفس العميق. اللعب معهم بعض الألعاب الممتعة والبسيطة قد يساعدهم كثيرا في هذه المشكلة.
- إظهار العدوانية من خلال ضرب أحد الوالدين أو الآخرين من حولهم
الضرب عند الأطفال هي وسيلة للتعبير عن غضبهم. ساعدوا أطفالكم أن يفهموا أن ضرب الآخرين أمر غير مقبول، فيمكنكم القول لهم: “بدلاً من ضربي أو ضرب أي شخص آخر، يمكنكم ضرب الوسادة”. إذا كان بإمكانهم الكلام، ساعدوهم على أن يعبّروا عن مشاعرهم بقول أشياء مثل: “يبدو أنك غاضب” واطلبوا منهم أن يعبّروا عن ما يشعرون به بالكلامات بدلاً من ضرب الاخرين .
بعد معالجة بعض ردود الفعل والمشاكل التي يواجهها الوالدين مع أطفالهم الصغار بعد الأزمات الصادمة. أود أن أشجعكم على محاولة التزام الهدوء مع أطفالكم. إذا كنتم متوترين، فسوف يلاحظوا ويصبحوا هم متوترين أيضًا. حاولوا أن تبقوا بالقرب منهم، وأن تظهروا حبكم الدائم لهم، وأن تعانقوهم، وأن تدعموهم، وأن تفهموهم – فهم بحاجة إلى ذلك في مثل هذه الاوقات.
اقرأ ايضاً: مساعدة الأبناء في مواجهة الصدمات
GIPHY App Key not set. Please check settings