طفلي جريء جدًا اجتماعيًا ومندفع، فهو يفضّل الجلوس مع من هم أكبر منه سنًا ومشاركتهم الحديث وإبداء الرأي و طرح الأسئلة، ويفاجئني أحيانًا بأسئلته وتعليقه على أحاديثنا. تظهر هذه الجرأة بوضوح عند التعامل مع الغرباء من خلال سلوكه أو طريقة كلامه أو من خلال التعابير التي يستخدمها. عندما يرشده أحدهم في أمر ما يجيبه: لا علاقة لك بي، مما يسبب لي إحراجًا شديدًا، وأضطر أحيانًا لتجنب بعض الواجبات مع الناس والتي سوف تضعني في موقف محرج.

لا يمكنني تركه يتصرّف بهذه الجرأة، لأنه سيصبح في المستقبل شخصًا مندفعًا ومتهورًا في قراراته وفي علاقته بالآخرين، وربما يكون غير محبوب منهم. كما إنني لا أستطيع ردعه عند أي تصرّف مما سيسبّب له الإنطواء والخجل. فما حدود هذه الجرأة؟ وكيف أدرّبه وأرشده دون أن أؤذيه؟ كيف أعلّمه الفرق بين الاندفاع والتهوّر والجرأة؟

أخبرني أحد الأخصائيين أن الجرأة عند الطفل ليست سلوكًا سلبيًا بل هي دليل على شخصية قيادية واجتماعية، وأن الطفل الجريء يملك ملكات في الحوار والمناقشة، بالإضافة أن يتسم بالشجاعة فلا ينهار بسهولة، وأن الجرأة تعطي الشخص القوة لمواجهة المواقف المادية والاجتماعية الصعبة. إلا أن الأمر يحتاج إلى إرشاد لتهذيب هذا الطبع وتوجيه هذه المهارة بما يقدّم له الفائدة. فالجرأة ليست بالشيء السيء لأنها تساعد الإنسان على اتخاذ القرارات الهامة في حياته، و تمكّنه من الوصول إلى أهدافه التي من الصعب أن ينجزها إذا كان شخصاً خجولاً.

دورك كأم هو توظيف هذه الجرأة بالشكل الصحيح، و تهذيبها بحيث لا يحلّ محلها الخجل والخوف، ولا أن نطلق لها العنان فتتحوّل إلى اندفاع أو سوء أدب وربما وقاحة. هذا يكون من خلال:

  • تسليمه مسؤوليات تناسب سنه، وإشراكه  في أنشطة تلائم ميوله.
  • إذا صدر عنه أي تصرّف غير لائق أو قال كلمة غير مناسبة، فمن الأفضل تجنّب توبيخه ومعاتبته أمام الناس وتأجيل الموضوع والتحدّث به على انفراد، أما في حال الضرورة يجب أن لا يكون ذلك أمام الآخرين.
  • يجب تشجيعه عندما يختلف معي أو مع شخص آخر بالرأي، هذا يعلّمه الاستقلالية بالتفكير، وأن لا ينقاد لأحد وأن يتمسك بمبادئه، وتعليمه أدب الاختلاف من خلال التحدث بالوقت المناسب وبالأسلوب المناسب.
  • كما يجب وضعها في إطارها الصحيح، لأن الفرق بين الجرأة والوقاحة شعرة، وليس من الأدب أن يتلفظ بألفاظ غير مهذبة أو يفشي أسرار بيته، أو يتدخل في شؤون الكبار ولا أن يرد عليهم بطريقة سيئة، فهو قادر على التحاور معهم بأسلوب راقي ومهذب.

يبقى الطفل الجريء والشجاع هبة من الله، وهو لديه قدرة كبيرة على تحمّل الصدمات والضغوط، وهو شخص لا يسهل هزيمته ومن واجبنا كوالدين تدريبه وتعليمه لينمو بطريقة سليمة بنّاءة تساعده في توظيف قدراته بما يناسبه ويبني المجتمع.

اقرأ أيضاً: كيف أُعلِّم طفلي احترام غيره وعدم مقاطعة الحديث؟

What do you think?

Written by لارا

عندي صبيين وبنت. درست هندسة حاسوب وأجد سعادتي في خدمة الآخرين. أحب أطفالي كثيرا وأعتبر دوري كأم هو أهم عمل أقوم به.

اترك تعليقاً

GIPHY App Key not set. Please check settings

المعكرونة المصنوعة في البيت

طريقة عمل المعكرونة المصنوعة في البيت

صراخ الأطفال

أسباب صراخ الأطفال من عمر سنة إلى 4 سنوات