هل فكّرنا يومًا ما كأهل بأطفالنا بعد أن قمنا بتفريغ غضبنا عليهم بالضرب! هل فكّرنا كيف يشعر هذا الطفل وبماذا يفكّر؟ نعلم جيدًا أن الكثير من الأهل يشعرون بالندم بعد ضرب الطفل ولكنهم في نفس الوقت يقنعون أنفسهم بأن هذه الطريقة الوحيدة التي جعلت الطفل يتوقف عما يقوم به.

ولكن في الحقيقة مشاعر الطفل والتي يعجز عن التعبير عنها هي مشاعر خوف، خوفه من والديه مصدر الأمان له. لا نستغرب من تحوّل هذا الخوف إلى كره وعدم الشعور بالطمأنينة، خصوصًا أنه تعرّض للضرب من الأشخاص المفترض أن يقوموا بحمايته ومحبته.

في هذه اللحظات لا يستطيع الطفل التركيز واستيعاب أي رسالة أو توجيه من والديه، لأن عقله يحاول استيعاب ما قد حصل. كما ويقوم بتحويل مشاعر الخوف تلك إلى سلوكيات مختلفة مثل التبول اللاإرادي والخوف المستمر من الآخرين والانعزال والخجل.

هنا سنقوم بعرض أهم وأكثر الأضرار انتشارًا لضرب الطفل بشكل عام، وضرب الطفل على الوجه والرأس بشكل خاص، وهي كالتالي:

1-الضرر الجسدي: يكون الأهل في حالة فيها لا يدركون ماذا يفعلون من شدّة غضبهم، إلا أنهم سرعان ما يضربون الطفل دون النظر إلى أين تتجّه أيديهم، فقد تصل الوجه حيث الأعصاب الحساسة وقد تصل الرأس مركز العصب المتحكّم بكل جسم الطفل. هذا قد يتسبّب للطفل بأمراض عصبية على المدى البعيد مثل الزهايمر، وكذلك قد يؤثر على وظائف المخ في الإدراك ممّا يقلّل من قدرات الطفل العقلية وذكائه. إن كان الضرب شديدًا وقويًا فإن قد يصيب الطفل بنزيف في الدماغ، نظرًا لقوة يد الأب أو حتى لو استخدم الأب أي أداة أمامه لتصل الطفل أو أنه ضربه بالحائط أو الأرض.

2-الضرر النفسي: الضرب هو إجراء سريع لا يشعر الوالدان متى يقومان به، ولا يشعر الطفل أنه سيتعرّض له. لذلك فإن ضرره النفسي كبير نظرًا لخوف الطفل من المفاجأة التي حلّت عليه. هذا يجعل الطفل يفقد الثقة بوالديه، كما ويشعر بأنه قد يتعرّض لذلك في أي وقت ممكن مما يجعل الخوف ملازمًا له. كذلك يشعر بعدم الثقة بوالديه، وليس فقط بوالديه بل بنفسه أيضًا، كما ويشعر بأنه غير محبوب وغير مرغوب به لذلك هو يتعرّض للضرب، خاصة لأن أغلب الوالدين لا يفسّرون ردود فعلهم لأطفالهم ولكنهم سرعان ما يتخّذون الإجراءات ويبدأون ضرب الطفل .

3-الضرر العاطفي: عندما يتعرّض الطفل للضرب يزداد عنده الشعور بعدم حب والديه له ورفضهم وعدم قبولهم له كما هو. وإن عدم توضيحهم لما جرى وتصحيحه ليتعلّم منه الطفل كي لا يكرّره يجعل الطفل يفقد إحساسه بالراحة بقرب والديه، لأنهم لم يعودوا مصدره الأساسي للحبّ والثقة والأمان. هذا يتسبب بأن يفقد الطفل حبه لوالديه واحترامه لهم في المستقبل، لأنهم السبب في فقدانه لكرامته وعدم ترك المجال له كي يعتّز بنفسه. ولأنه يشعر بأنه قد تدمر عاطفيًا يصبح غير قادر على التعبير عمّا يدور بداخله بطريقة سليمة، بل تكون ردود فعله سيئة مثلاً تجد أنه يتعامل بالضرب والكذب على الآخرين، وقد يخدعهم حتى يحاول الهروب من واقعه وتمثيل كل ما يشعر به وتطبيقه على غيره.

4-الضرر الاجتماعي: يحاول الطفل قدر المستطاع أن ينعزل عن المجتمع ويبتعد عن مواجهة الناس، لأنه كما ذكرنا فإن الطفل لا يعرف متى سيقوم والداه بذلك التصرّف السريع ويبدأون بضربه. الضرر في ذلك هو إذا شاهد هذا الطفل طفلًا آخر مع أهله يلعب ويضحك ولا يتعرّض للضرب كما الحال معه، فتتولّد عنده مشاعر غريبة مثل الحقد على ذلك الطفل ورغبته في الانتقام منه بسبب غيرته منه. وقد يتعرّض الطفل ووالداه إلى مشاكل مع أهل الطفل الآخر بسبب رغبته في التعبير عن غضبه لما يفتقده من مشاعر يحملها الطفل الذي يراه.

5-الضرر الفكري: قد نقول إنه طفل صغير لا يدرك وأنه سوف ينسى ما حصل له من ضرب والديه، إلا أننا نجهل أن ذلك يسبّب الكسل عند الطفل وقلّة حركته خوفًا من عمل شيء خاطىء يسبّب له الضرب دون إدراكه ما فعل. فهو يفضّل الركود وعدم عمل أي شيء وبالتالي عدم تحمّل مسؤولية أي شيء حتى لو كان مجرد ترتيب مكان ألعابه. فهو يشعر بالخوف من أن يضع اللعبة في مكانها الخاطئ فيتعرّض للضرب، لذا فهو يفضّل عدم تحمّل مسؤولية ترتيب الألعاب على أن يقوم بها ويخطئ بها ويضرَب.

من المهم جدًا على الأهل أن يستوعبوا فكرة أن الطفل لا بدّ أن يقوم بسلوك خاطئ، لأن هذه هي الطريقة الوحيدة التي يتعلم بها. لو رفض الطفل أن يتعلّم، فعلينا أن نكون صبورين ولا نجعله يستفزنا ويغضبنا فنقوم بتصرّف سلبي كأن نصرخ عليه أو نضربه.

لا مانع من استخدام أساليب عقاب مع الأطفال، ولكن يجب يكون عقابنا هذا على قدر الخطأ وليس على قدر غضبنا من الطفل. لذلك لا ذنب للطفل عندما يكسر قطعة ثمينة جدًا وهو يلعب بالكرة داخل البيت فنحن من سمحنا له باللعب.

كما ولا بد من الابتعاد كل البعد عن منطقة الرأس والوجه حتى في وقت اللعب مع الطفل، لأننا لا نعلم اتجاه الطفل وسرعته في الحركة، فقد نتسبّب له بضرر يلازمه حياته كلها دون أن ندرك ذلك.

اقرأ أيضاً: 6 آثار سلبية يسببها شجار الأهل أمام الأطفال

What do you think?

13 Points
Upvote Downvote

Written by رولا

دوري في الحياة أم وأب
أم لولدين أعمارهم 19 و12 سنوات. دوري في الحياة أم وأب لأبنائي بعد أن توفي زوجي منذ 12 سنة. أحب القراءة والطبخ وعمل الحلويات. أتطلع لتربية عملية علمية سليمة لأبنائي.

اترك تعليقاً

GIPHY App Key not set. Please check settings

أهمية قضاء وقت مع الأبناء

أهمية قضاء وقت مع الأبناء

أضرار هزّ الطفل الرضيع

أضرار هزّ الطفل الرضيع