كيف يكتسب طفل السنتين الثقة بالنفس؟

قد نتوقّف هنا لنفكّر بالمعنى الحقيقي للثقة بالنسبة للأطفال بشكل عام، ولأطفال السنتين من العمر بشكل خاص. نتساءل كيف يكون ذلك الأمر حقيقيًا؟ فهو طفل بالدرجة الأولى، وهو شخص قد لا يكون قادرًا على فهم كل ما حوله ليكتسب بها الثقة بالنفس، وبنفس الوقت قد لا يكون قادرًا على الكلام ليعبّر عمّا يشعر به لنحكم عليه وعلى ثقته بنفسه.

إلا أننا لا ندرك أن إنجاز الطفل للمهام الموكلة إليه بل والاستمتاع بما يعمل وكفاءته في العمل بالرغم من صغر سنّه ربما قد حصل فقط لأنه يشعر بثقته بنفسه ويشعر بأنه قادر. وخاصّة عندما يرى التشجيع ممن حوله وممن يؤيدون عمله، فهذا يشعِره بالفخر لما قام به. هنا وبدون أن ندرك نكون قد ساهمنا في بناء وتعزيز تلك الثقة بالنفس لدى الأطفال.

لكن كيف يمكننا وبطرق مباشرة مساعدة أطفالنا، خصوصًا في عمر السنتين، في منحهم الثقة بالنفس؟ هنا سنعرض أهم الأمور التي يمكننا عملها لنكون عونًا وسندًا لهم في هذا الأمر، وأبرز تلك الطرق هي:

1- البحث عن الإيجابيات فيهم: لا يميّز الأطفال جانبهم الإيجابي من جانبهم السلبي، ولكن يشعرون به من خلال كلماتنا البسيطة التي تناسب عمرهم وردود فعلنا لأعمالهم. مثلًا: اُنظر لقد ارتديت قميصك وبنطالك بشكل صحيح جدًا وأنا فخورة بك، ولكن أعتقد أنه من الأفضل أن تختار جوارب أخرى، ما رأيك يا عزيزي؟ بذلك هو سيفرح بالمديح الذي حصل عليه لما أحسن اختياره، وسيعيد النظر في رأينا، ولكن قد يصرّ على رأيه وهذا بالتأكيد لا مانع منه.

2- مدح جهودهم مهما بدت صغيرة: من المهم جدًا أن نمدح حتى أصغر أعمالهم، فليس هناك الكثير أمام طفل السنتين لفعله، ولكنه قد يفعل أشياء اعتاد على عملها تدريجيًا. مثلًا مجرد أنه وضع ألعابه في مكانها المناسب بعد الانتهاء من اللعب، فهذه جهود علينا أن نمدحه عليها. كذلك إذا قام بترتيب أحذيته ووضعها بالشكل المناسب، وحتى لو قام بإعطائنا طبق الطعام بعد الانتهاء من الأكل، فكل هذه بالنسبة له جهود وعلينا أن نخبره بأنك حاولت قدر ما استطعت وأعتقد أنك أحسنت جدًا في محاولاتك.

3- إخباره وبشكل مستمر بأنه مهم: علينا أن نخبره بأنك مهم جدًا، وأنا محظوظة بك وسعيدة لأنك ابني، وأنت مميّز جدًا وقادر على فعل الأمور بشكل صحيح. كل هذه الكلمات الإيجابية ستزيد من ثقته بنفسه وتجعله يعمل بطريقة إيجابية، وستأخذ بيده نحو الكثير مما سيجعله يستمر بالعمل حتى لو لم نكن بجانبه، فهي ترسّخ في ذاكرته لأنها كلمات أشعَرته بالسعادة، مثل عندما يذهب إلى الروضة فلن يشعر بالنقص وعدم القدرة لأنه طفل يمتلك ثقة بالنفس وقادر على الاعتماد على هذه القوة بكل جوانب الحياة.

5- لا نستسلم لما يرفض: قد نطلب منه شيئًا ليقوم بعمله لأول مرة ولكن قد يرفض، لأنه يجده صعبًا، فعلينا أن نخبره أنه ربما يكون هذا الأمر جديدًا عليك ولكني على ثقة أنك قادر على عمله. سأحاول أول مرة معك وعندما تصبح متمكّنًا ستكمل العمل. مثلًا: وضع الجوارب بعد غسلها في مكانها المناسب، فقد يكون صعبًا على الطفل مطابقة الجوارب لبعضها لاقتراب ألوانها، لذا نطلب منه التركيز على اللون والرسومات حتى يكون قادرًا على وضع كل جوربين متطابقين مع بعضهما البعض.

6- لا نبخل عليه بتوقّعاتنا الإيجابية: علينا دائمًا أن نعبّر عن السلوك الجيّد منه بالطريقة الصحيحة، وأن نشعِره به وأنه ليس مجرد كلام. مثلاً: كنت أعلم أنك ستكون قادرًا على تجميع المكّعبات ووضعها في المكان المناسب ولكني لم أتوقّع أن تقوم بترتيبها حسب اللون والحجم، أنا فخورة جدًا بك. أو عندما يعيد أقلام التلوين إلى علبتهم الخاصة حسب مكانها.

7- أن نستخدم كلمة شكرًا، ولو سمحت: عندما نريده أن يفعل شيئًا ما، فعلينا أن نبدأ بكلمة “لو سمحت”، وعندما ينتهي نقول له “شكرًا”، حتى لو كان العمل هو تحريك اللعبة من مكان لآخر. لأن الطفل لا يدرك ما قام به إلا من خلال طريقتنا في التعامل مع الأمر، والكلمات هي التي تؤثر أكثر من الأفعال على الأبناء وعلى ثقتهم بأنفسهم. فكلماتنا تبقى راسخة في عقولهم وهم قادرون على استرجاع تلك الكلمات وتقديمها لنفوسهم في الوقت الذي يحتاجونها.

كثيرًا ما يتعرّض الأطفال لمواقف في الحضانة أو الروضة أو المدرسة فيها يشعرون بعدم الراحة لما تلقّوه من كلام أو طريقة الطلب منهم عمل أمر ما، ولكنهم دائمًا يتذكّرون الكلمات الإيجابية التي يأخذونها من والديهم. فإذا حاولت إحدى المعلمات إحراج الطفل وإخباره بأنه غير قادر على عمل معين، فإنه يبدأ بأن يقول لنفسه: أمي قالت إني أقدر وأنا مميّز، عندها سيعاود المحاولة وسينجح.

مساعدتنا لأطفالنا تكون من خلال الثقة والإيمان بهم مهما كانت قدراتهم على فعل الأشياء، فنحن بذلك نعكس السلوك عليه دون علمهم، فيؤثر عليهم بشكل كبير، ويكون ذلك مصدر ثقتهم بأنفسهم. لا نستغرب أننا نفعل ذلك في عمر السنتين، فالأطفال أذكى بكثير مما نتوقع ولكن حتى ينجح التواصل معهم علينا أن تختار كلمات يعرفون معناها ليدركوا مدى أهمية الموقف الذي تعرّضوا له والذي من خلاله اكتسبوا تلك الثقة.

اقرأ أيضاً: أفكار ألعاب للأطفال من 12 إلى 18 شهرًا

What do you think?

Written by رولا

دوري في الحياة أم وأب
أم لولدين أعمارهم 19 و12 سنوات. دوري في الحياة أم وأب لأبنائي بعد أن توفي زوجي منذ 12 سنة. أحب القراءة والطبخ وعمل الحلويات. أتطلع لتربية عملية علمية سليمة لأبنائي.

اترك تعليقاً

GIPHY App Key not set. Please check settings

حساسية العين من الضوء (رهاب الضوء)

حساسية العين من الضوء (رهاب الضوء)

الدجاج الكريمي بالفطر والسبانخ