إحدى أكبر الصعاب التي يُمكن أن تواجه الأهل هي عناد الأطفال ورفضهم الدائم لطلبات الأم والأب. يشعر الأبوان بالإحباط الشديد والعجز أمام الطفل في حالة عدم سماع الكلام والتجاوب مع أوامرهم، وقد يزداد الأمر سوءًا فتصبح العلاقة بين الأبوين والطفل متوترة مليئة بالغضب والصراخ. لكن يمكن كذلك التعامل الجيّد مع ظاهرة الِعناد والاستفادة منها في حياة الطفل لتعزيز ثقته بنفسه وإكسابه مهارات جديدة.
في سن السنة والنصف إلى سن السنتين يبدأ الطفل في تعلّم الحركة والتنقّل من مكان إلى مكان داخل المنزل بمفرده، ويبدأ كذلك في إطعام نفسه واكتشاف العالم من حوله. في هذه المرحلة أيضًا يبدأ الطفل بالشعور بالاستقلال، ويدرك أنه شخصية منفصلة عن أمه، وأنه يستطيع القيام بالعديد من الأشياء فيريد الطفل التعبير عن اِستقلاليته، وإحدى طرق التعبير تكون برفض طلبات الأبوين أو أوامرهم، وقد يتعلّم الطفل كلمة “لا” قبل أن يتعلّم كلمة “نعم”، ويستخدم كلمة “لا” كثيرًا في هذه المرحلة.
العِناد عند الأطفال هو رفض أوامر أو طلبات الأبوين والإصرار على هذا الرفض وعدم الطاعة، وأحيانًا اللجوء إلى البكاء والصراخ للهروب من تنفيذ الطلب.
بالرغم من أن العِناد صفة غير مُحبَبة للطفل ولنا أيضًا كأهل، إلا أنه يكون أحيانًا مفيدًا للطفل، وله نتائج إيجابيه لتنمية بعض جوانب في شخصيته. فمثلًا لو مارس الطفل العِناد لكي يتعلّم شيئًا جديدًا كَارِتداء ملابسه بمفرده أو إطعام نفسه أو أخذ حمامه بنفسه، وأحيانًا إصراره على تعلّم لعبة معينة أو إصلاح شيء مكسور، فكل هذه المجالات تكون إيجابية ويكون العِناد في هذه الحالات مفيدًا، ولا يجب أن نغضب منه بل نُشجّعه ونُنمّى مبدأ المُثابرة وعدم اليأس لديه. لكن إذا كان عِناد الطفل دائمًا، واِمتَد إلى أمور هامة في حياته وبدأ يُشكل إزعاجًا للأبوين، فيجب أن نبدأ في التعامل معه بشكل جيّد حتى نستطيع تقويم سلوك الطفل وإكسابه عادات جيّدة دون ترك آثار سلبية على شخصيته وحالته النفسية.
من أهم الخطوات التي يجب على الأبوين القيام بها حينما يشعرون أن الطفل قد بدأ في مرحلة العِناد المزعج أو السيء هي محاولة فهم أسباب عِناد الطفل. فمثلًا لو رفض الطفل الذهاب إلى المدرسة أو مكان معين يجب الذهاب إليه، علينا كأبوين محاولة معرفة سبب رفض الطفل. قد يكون هناك بعض المشاكل التي يجب التدخّل لحلّها أو هناك بعض الأشخاص الذين يتسبّبون للطفل بالأذى وعلينا محاولة فهم الأسباب أولًا لكي نستطيع أن نصل إلى العلاج.
أريد أن أشجّعكم كأبوين فالعِناد يُمكن أن يُقَوّم، وهو يُنمّي في الطفل حبّ الإصرار والُمثابرة إذا استطعنا أن نتعامل معه بهدوء وندرك أن كل الأطفال يمرّون بهذه المرحلة. لكن المهم الطريقة التي نَتصرّف بها فهي التي تحدّد النتيجة التي سنصل إليها. هل سَنُسيطر على هذا السلوك وننجح في التخلّص من العِناد غير الجيد، أَم سنتعامل مع الأمر بعصبية ولا نهتمّ بمشاعر الطفل فنُزيد الأمر سوءًا وُننمّي عند الطفل صفة العِناد المزعجة لنا كأهل، وله أيضًا كإنسان، وسوف يُقابل العديد من المشاكل في حياته ولا يستطيع أن يحلّها بهذه الطريقة.
اقرأ أيضاً: 9 حلول لتربية دون عصبية