تعديل سلوك المراهقين
منذ اللحظات الأولى لولادة أطفالنا، نبدأ بتخيّلهم في كل المراحل العمرية القادمة. ونتساءل: كيف سيكون شكل ابني، وكيف ستكون شخصيته، وكيف سأتعامل معه في كل مرحلة؟ وهل المراحل الأولى من حياة الطفل هي الأصعب أم عندما يكبر؟ ففي كل مرحلة عُمرية من حياة الطفل ننتظر بترقّب الخطوة القادمة، أملاً في راحة وهدوء أكثر، فكلّ مرحلة لها طبيعتها وخصائصها التي تجعل منها أسهل في بعض الصفات وأصعب في صفات أخرى. من أكثر المراحل العُمرية التي نخاف منها كأهل هي مرحلة المراهقة لما يدور حولها من آراء كثيرة ولما نسمعه من خبرات مختلفة من العائلات من حولنا أو حتى عبر شاشات التلفاز والإنترنت. عدم درايتنا بمرحلة المراهقة والتشتيت الذي نتعرّض له من كثرة الآراء حول هذه المرحلة يزيد من القلق والخوف على أبنائنا وسلوكياتهم وخصوصاً عند اقترابهم من سن المراهقة. لذلك أردنا أن نأخذكم معنا في جولة سريعة للتعرّف أكثر على بعض سمات هذه المرحلة وأيضًا كيفية التعامل مع أبنائنا وسلوكياتهم بشكل صحيح لتجنّب مشاكل مرحلة المراهقة بقدر الإمكان والاستمتاع بالعلاقة مع أبنائنا المراهقين والخروج منها بسلام دون خسائر.
ما هي المراهقة؟
المراهقة هي مرحلة عمرية انتقالية ينتقل فيها الشخص من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الشباب، وتحدث فيها العديد من التغيرات الجسدية والنفسية والاجتماعية، وتبدأ من سن الحادية عشر أو الثانية عشر سنة تقريباً وتنتهي من سن الثامنة عشر حتى سن الثانية والعشرين. يختلف السن التي تبدأ وتنتهي فيه مرحلة المراهقة من شخص لآخر حسب عدّة عوامل.
خصائص مرحلة المراهقة:
- تغير المزاج ويمكن أن يحدث هذا التغيير عدّة مرات على مدار اليوم.
- تغيرات جسدية حيث أن الجسم يبدأ في النمو بشكل كبير ومختلف.
- رغبة في المعرفة وفهم حقائق كثيرة عن كل ما يحيط به.
- محاولة تكوين آراء حول مجالات مختلفة، والتمسّك بالرأي وأحيانًا عدم الاهتمام بالآراء الأخرى.
- حالة من عدم الاستقرار في التصرّفات حيث أن المراهق لا يعلم كيف يتصرّف، هل يتصرّف كطفل أو شخص كبير.
- تمرّد على القوانين المحيطة به.
- محاولة فهم نفسه وتكوين هويته.
- أسئلة كثيرة وأحيانًا تكون محرِجة لنا كأهل أو لا نملك الإجابة عليها.
- رغبة في تجربة أشياء جديدة ويمكن أن تكون هذه الأشياء جيدة أو سيئة.
وقد تسبّب هذه التغيرات ارتباكًا وحيرة للأبوين، فيتولّد لديهم أسئلة كثيرة: لماذا أصبح ابني يتصرّف هكذا؟ وكيف أتعامل معه؟ وكيف أحقّق التوازن في أن أُنمى علاقتي به بالرغم من عدم إعجابي بسلوكياته في هذه الفترة؟ وإذا رأيت سلوكًا لا يعجبني كيف أساعده على تغيير هذا السلوك؟
كما ذكرنا سابقاً أنه يمكن أن تصبح هذه المرحلة فرصة جيدة جدًا لتقوية علاقتنا بأبنائنا المراهقين، ونخرج منها أصدقاء. يمكن أن يحدِث العكس وتتوتّر علاقتنا بهم، وهذا ما لا نريد الوصول إليه. سنحاول معًا في السطور القادمة أن نقدّم بعض النصائح التي يمكن أن تساعد الأب والأم في اجتياز هذه المرحلة بسلام والخروج منها بعلاقة جيّدة مع الابن أو الابنة المراهقين.
كيف نتعامل مع أبنائنا المراهقين؟
- يجب أن نعلّم جيدًا أن المراهق في هذه المرحلة يمرّ بالعديد من التغيرات، وأيضًا يواجه تحدّيات جديدة لأول مرة في حياته. هذه التغيرات والتحدّيات قد تسبّب له القلق والتوتر، وهذا سوف ينعكس على تصرّفاته فيجب علينا أن نتفهّم هذا ونحاول احتواءه وطمأنته.
- إن الصوت العالي والشجار الدائم سوف يأتي بنتيجة عكسية، وإن الهدوء ومحاولة التفاهم هو الاختيار الأفضل في هذه المرحلة.
- محاولة فهم كيف يفكّر ابني في هذا الموقف، ويمكن أن أسأله بشكل مباشر كيف ترى هذا وما رأيك فيه حتى لو لم يعجبني رأيه لا أغضب ولا أتشاجر معه، لكن أحاول أن أشرح له الأمر من وجهة نظر أخرى.
- أحاول أن أتفهّم مشاعره وأضع نفسي مكانه، يبدو هذا الأمر صعبًا علينا كآباء لكن هو أمر مهم أن ندرّب أنفسنا عليه.
- احترام رأيه وعدم التقليل منه.
- عدم إهانته وخصوصًا أمام الآخرين.
- يجب أن أعرف ما يحبّه ابني من طعام وهوايات وألعاب مع مراعاة أن كل هذا يتغيّر عدّة مرات خلال هذه المرحلة بسبب التغيرات الكثيرة التي تحدث له.
- اختيار هواية أو لعبة من المفضّلة عند ابني وممارستها معه.
- احترام خصوصياته بمعنى أن لا ادخل لأفتّش في غرفته وهاتفه المحمول كأني أبحث عن خطأ ما، لكن يمكن أن أسأله بشكل لطيف ماذا تفعل بهاتفك كل هذا الوقت، أو أرني صورك مع أصدقائك، وأحاول قراءة الموقف بدون إخافته مني.
وإذا استطعت أن أقوم بهذه الأمور مع ابني المراهق يمكن أن اتجنّب سلوكيات كثيرة غير مرغوب فيها، ولكن وارد جداً أن تبقى عدّة سلوكيات لا تعجبني وأريد أن أغيّرها. سنحاول في الفقرة القادمة أن نتكلّم عن كيفية تعديل سلوك المراهقين.
تعديل سلوك المراهقين في 6 خطوات عملية :
- أولاً: التحدّث معه بشأن السلوك غير المُحبّب وشرح أسباب رفضنا لهذا السلوك، ويجب أن يحدث هذا بهدوء، وأيضًا اختيار التوقيت المناسب للتحدّث حول هذا الموضوع.
- ثانياً: الاتفاق على الطريقة التي سوف نتخلّص بها من هذا السلوك تدريجياً.
- ثالثاً: الاتفاق على العقاب أو النتيجة التي سوف تحدث إذا لم يحاول الالتزام بما اتفقنا عليه بخصوص تغيير السلوك.
- رابعاً: المتابعة بمعنى التركيز في السلوكيات ومتابعة هل هناك جهد مبذول لتغيير السلوك حقًا أم أنه لا يهتم بما اتفقتا عليه.
- خامساً: التقييم… نُقيم التطوّر الذى يحدث وإذا وجدنا أنه يوجد تحسنًا نُشجّعه على هذا، وإن كان العكس نُحذّره أنه سوف تكون هناك عواقب على عدم الاهتمام بالتغيير.
- سادساً: العقاب ويكون العقاب متفقًا عليه من البداية بالحرمان من المصروف مثلاً أو أخذ الهاتف لوقت معين أو عدم السماح له بالخروج مع أصدقائه.
وأخيرًا نريد أن نترك معكم نصيحة مهمة… أن يكون الحبّ أساس العلاقة بيننا وبين أبنائنا، وخصوصًا في سن المراهقة ويكون التفاهم بيننا هدفًا أساسيًا لأن بدون التفاهم لا نستطيع التواصل مع أبنائنا وإذا شعر المراهق بالحبّ والقبول غير المشروط سوف يشعر بالأمان، وهذا سوف يؤثر على سلوكياته بشكل إيجابي.
اقرأ أيضاً: نشاطات داخلية وخارجية للمراهقين في العطلة الصيفية
GIPHY App Key not set. Please check settings