حُبّ التَملُك عند الأطفال
نتعرّض كلّنا كآباء وأمهات لهذا الموقف: نذهب لزيارة أحد الأقرباء أو الأصدقاء ونجلس معًا للحديث وقضاء وقت ممتع، وفجأة نسمع بكاء أحد الأطفال حيث يبدأ الشجار بين طفلنا والطفل الذي نزوره في منزله؛ وعند محاولة معرفة سبب هذه المشاجرة والبكاء نسمع جملة “قد أخذ مني لعبتي”. وأحيانًا تمضي الزيارة بسلام، لكن عند لحظة الخروج من المنزل تبدأ المشكلة عندما يأخذ طفلنا لعبة الطفل الآخر ويريد أن يأخذها معه إلى منزلنا ويُردّد جملة هذه لعبتي وأريد أن آخذها معي.
في العادة يطلب منّا أصحاب المنزل الذي نزوره أن نسمح لطفلنا أخذ اللعبة التي يبكي بسببها، ويقولون لنا إن طفلهم يملك لعبًا كثيرة وأنه لا يجب أن نترك طفلنا يبكي بسبب شيء بسيط كهذا، وأحيانًا يحدث هذا السيناريو بالعكس ونكون نحن المُستضيفون ونُحاول مساعدة العائلة الأخرى في هذه الأزمة بأن نعرِض عليهم أخذ لعبة طفلنا لابنهم الذي يبكي عليها.
فماذا نفعل؟ هل نقبل أخذ اللعبة أم نرفض ونتركها وندع طفلنا يبكي؟
فلنبدأ أولًا بالحديث عن حُبّ الامتلاك؛ ونُجاوب على هذا السؤال لاحقًا.
حبّ الامتلاك عند الأطفال هو التمسّك بالأشياء والرغبة في تَملُّكها دون إدراك مفهوم الملكية وأن لكل شخص أغراضه الخاصة ولا يجب التَعدّي على أشياء الأخرين.
يبدأ حبّ التَملُك عند الأطفال من سن السنة تقريبًا عندما يبدأ الطفل بالحركة بشكل أفضل وباللعب بألعابه، ويزيد أكثر عند بلوغ العامين لأن إدراك الطفل يزيد وقدرته على اللعب تصبح أفضل.
حُبّ التَملُك عند الأطفال صفة طبيعية تَتكوّن داخل الإنسان كما ذكرنا بدايًة من سنّ العام أو أكثر قليلاً، فكلّ الأطفال يمرّون بهذه المرحلة ويتصرّفون بهذه الطريقة، وبالفعل يمكن أن نرى طفلًا يزيد عنده حُبّ الامتلاك أكثر من طفل آخر لكن بشكل عام هذه صفة سائدة لدى الأطفال في هذا السن.
نعم يُمكن أن يكون حُب الامتلاك صفة جيّدة لدى الأطفال إذا كان الطفل سيتعلّم فكرة أنه يَملُك أغراضًا خاصة به ويجب عليه أن يحافظ عليها، وبنفس الوقت يفهم أن الآخرين أيضًا يَمتلِكون أغراضًا خاصة بهم ويجب علينا احترام هذه الحقيقة؛ وعندما يدرك الطفل هذه الفكرة نبدأ في شرح فكرة أننا في بعض الأوقات يُمكن أن نَتشارك مع بعضنا البعض فيما نَملُك.
اقرأ أيضاً: أضرار تلبية كلّ طلبات طفلي
الإجابة هي لا؛ مهما كان الطفل الآخر يملك ألعابًا كثيرة ولا يحتاج هذه اللعبة فما زالت اللعبة مِلَكهُ ونحن نحاول أن نُعِلّم طفلنا احترام مِلكية الآخرين، ومهما اشتدّ بكاء وإلحاح الطفل فلا يجب أن نستجيب لأننا إذا استجبنا نُعَلِّمَهُ أن مِن حقّه أن يأخذ أيّ شيء لا يَخصُّه بمجرّد الضغط علينا بالبكاء.
يجب أن نتذكّر جيدًا أن ما يَتعلّمُه الطفل ويَتعوّد عليه في صغره سيكبر وهو مقتنع أن هذا هو التصرّف الصحيح وسوف يتصرّف بهذه الطريقة طوال عمره؛ ولا أعتقد أننا كأباء وأمهات نريد رؤية أطفالنا في المستقبل شخصيات أنانية غير مِعطاءه، لكننا جميعًأ نريد أن يكون أبناؤنا في أفضل صورة مُمكنة ومحبوبين ممّن حولهم لأنهم غير أنانيين ومعطاءين.
اقرأ أيضاً: طرق معاقبة طفل الثلاث سنوات دون ضرب