نصائح عملية لتقوية علاقة الأب بأبنائه
تعوّدنا على قراءة مقالات كثيرة تتحدّث عن دور الأم في حياة الأبناء، وكيف نَردّ لها الجَميل أمام التضحيات التي تُقدّمها لأسرتها، وتَعوّدنا على الاحتفال بعيد الأم كل عام، ودائماً نُشجّع الأم على استكمال دورها في العطاء. في رأيي إن تفكيرنا مُنحصر في دور الأم فقط نتيجة الفكر السائد في المجتمعات الشرقية التي تسود فيها فكرة أن مسؤولية الأب تَنحصر فقط في العمل خارج البيت، ودور الأم هو تربية الأبناء وحدها وإذا تَدخّل الأب يكون دورهُ إشرافيًا صغيرًا لا يتعدّى التعليقات على تصرّفات الأبناء. للأسف هذا الاتجاه في التفكير أدّى إلى خلل في حياة الأبناء ونفسياتهم، لأن وجود الأب في حياة أبنائه مهم كوجود الأم تماماً، واِندماج الأب في اِهتمامات أبنائه سوف يُحقّق التوازن النفسي للأبناء وللأب أيضاً.
أعلم جيّداً أنك كأب عندما تقرأ هذه الكلمات يأتي إلى ذهنك البعض من الأفكار مثل: أنا أعمل طوال اليوم خارج المنزل لكي أسدّد احتياجات أبنائي المادية وهذا كافِ، أو أنا أبذل مجهودًا كبيرًا في عملي وعندما أعود إلى المنزل أحتاج إلى الراحة فليس عندي طاقة، أو ليس لديّ الوقت الكافي بعد ساعات العمل الطويلة لكي أقضيه مع أبنائي.
معك حق فعلاً، أنت كأب تبذل كل ما في وسعك كي توفّر حياة كريمة لأبنائك، وتقضى ساعات طويلة في العمل من أجل أبنائك، وبالطبع تحتاج إلى الراحة؛ لكن هل فكّرت في كمّ الأشياء الرائعة التي سوف تكتشفها وتتمتّع بها إذا غَيّرت القليل من أفكارك أو عاداتك اليومية كي تَندمج أكثر في حياة أبنائك؟
أنت قائد
أنت رمز القيادة في الأسرة، والاتجاه الذي تُحدّده أنت يكون هو اتجاه الأسرة كلها مثل قائد المركب؛ فإذا كان اتجاهك الحنان والتفاهم والحبّ سوف تقود الأسرة كلّها في هذا الاتجاه، ولكن إذا اخترت الغضب والانتقاد الدائم والصراع سوف ترى هذا بين أفراد أسرتك كذلك.
أنت القدوة
يتعلّم الأطفال بالمشاهدة أكثر من الكلام، بمعنى أن الطفل يكتسب سلوكياته نتيجة مشاهدته سلوكيات الوالدين وليس نتيجة كلامهم وتوجيههم فقط؛ فعندما يرى أبناءك أنك أنت الأب الذي يتصرّف باحترام مع من حولك وخصوصاً الأم وتحنو عليها، سوف يكتسبون هذه الصفات منك والعكس صحيح.
أنت مصدر الأمان
أب يعنى أمان… كيف يشعر أبناؤك عند عودتك إلى المنزل؟ هل يشعرون بالخوف لأن بابا أَتى وسوف يتشاجر مع ماما ويَنتقد تصرّفاتنا ويُعاقبنا على أخطائنا طوال اليوم؟ أَم… بابا أتى لِنَشعر بالأمان والدفء لأننا ننتظر هذا الحضن طوال اليوم؟
اقرأ أيضاً: لماذا لا يجب تهديد الطفل بالأب؟مشاكل قد تستمر…
أنت مصدر المَرح
هذه حقيقة علمية تعلّمناها في علم النفس، فالأب مصدر المَرح في المنزل؛ نتيجة وجودك الدائم خارج البيت يجب أن يكون موعد رجوعك هو موعد المَرح والسعادة والضحك. أتذكّر جيداً محاضرة تربية الأبناء التي دَرستها؛ حيث ورد في إرشادات الأب لتربية أبنائه نصيحة تقول: “لا تُوقِف الزَغزَغة” لأفراد أسرتك، بمعنى أن تكون سببًا دائمًا لسعادة وضحك أفراد أسرتك.
أنت البطل
أنتَ “السوبر هيرو” أو البطل الخارق، هذه الجملة دائماً ما نَسمعها في منزلنا لأن بناتي يُردّدونها بعد كل موقف يتدخّل زوجي فيه ليحلّ مشكلة كبيرة أو يُصلح شيئًا مهمًا في المنزل أو السيارة، أو حتى عندما يساعد الغرباء الذين لا نَعرفهم في الشارع؛ شيء مهم جداً أن يشعر أبناؤك أنك البطل الخارق في حياتهم حتى لا يبحثوا عن أبطال اّخرين كالشخصيات التي تُجسّدها الُمسلسلات والأفلام هذه الأيام، فيها البطل عَنيف أو قاتل أو ظالم أو أي من الشخصيات السيئة التي نراها.
أهمية دور الأب في حياة ابنته:
مثال: لماذا نقابل في حياتنا بناتًا من أُسر فاضلة، نحن نعرف الوالدين جيداً ومع ذلك نرى تصرفات الابنة سيئة، ونراها تدخل في علاقات عاطفية متعدّدة وأحيانًا يتطوّر الموضوع أكبر من ذلك؟
الإجابة ببساطة هي أنها تشعر بالجوع للاهتمام والحب؛ حتى إذا كانت الأم تجتهد في إعطاء البنت هذه المشاعر إلا أن تأثيرها أقل بكثير من أن يُسدّد الأب هذه الاحتياجات عند ابنته؛ فدورك مهم أن تكون الحبّ الأول لابنتك وتملأ عندها خزان الحب والاهتمام والقبول.
أفكار عملية لتقوية علاقتك بابنتك:
- اهتم باهتماماتها: حاول التحدّث معها دائمًا عن الأشياء المفضّلة عندها مثل: ما هي الألوان التي تحبّها، وما الألعاب التي تفضّل شراءها، أو أفلام الكرتون التي تريد مشاهدتها إذا كان سنّها صغيرًا، وإذا كبرت أكثر تحدّث معها عن من هم أصدقاؤها وكيف تقضى أوقاتها معهم وعن ماذا يتحدّثون ومن هم الممثلون أو المطربون التي تفضّلهم، وماذا تريد أن تصبح في المستقبل.
- اذهب معها للتسوّق: خذها معك إلى محلات الملابس والأحذية، وشاركها الاختيار معها، وحاول تَفُهّم اختلاف الأذواق والأجيال وتقبّل القليل من الأزياء أو الألوان التي لا تحبّها، طالما هذا لا يتعارض مع عاداتكم كأسرة. اقرأ هنا: ثلاث طرق لمساعدة ابنتك أن تشعر بالثقة بمظهرها
- اُخرج معها في موعد: خذ ابنتك في فسحة بمفردكما وتناول معها وجبة أو آيس كريم، واقضوا الوقت في المزح والكلام اللطيف.
- كُن أنت أول من يَمدحها على جمالها أو تَفوّقها في أي مجال من مجالات حياتها.
- كن أنت مصدر الأمان لها: حاول تَقبُّل كل ما تحكيه لك حتى لو كان الكلام لا يُعجبك، وحاول أن تنصحها بهدوء حتى تشعر معك بالأمان ولا تخاف أن تلجأ لك إذا واجهتها مشاكل.
أهمية دور الأب في حياة ابنه:
للأسف يلجأ الكثير من الآباء إلى التصرّف بشكل خاطئ مع أبنائهم الذكور، فإما أن يدلّلوهم بشكل زائد لأنه الولد أو يقسوا عليهم بشكل كبير خوفاً من أن يأخذوا وضع القيادة بدلاً منهم؛ لكن الاعتدال هو المطلوب يجب أن نكون حازمين لكن يجب أيضا ًأن نحترم طبيعة الولد أنه يريد أن يشعر بالمسؤولية وأنه رجل مثل أبوه.
أفكار عملية لتقوية علاقة الأب بابنه:
- تعامل معه باحترام ولا تقلّل منه أبداً سواء بمفردكما أو أمام الناس.
- حَملُه المسؤولية معك بأن تطلب منه أن يساعدك في أي عمل تقوم به فيشعر بأهميّته.
- العب معه بالألعاب المفضّلة سواء كرة القدم أو الألعاب الإلكترونية.
- اذهب معه للتسوّق: خذه إلى المحلات واشتري معه الملابس لك وله، وخذ رأيه في الاختيار.
- احكي له عن يومك وما يحدث معك في العمل.
- عرّفه على أصدقائك وأظهر له أنك فخور به أمامهم.
- تكلّم معه عن مستقبله وماذا يريد أن يكون.
- حاول فتح حوار دائم بينكما واستغّلّ أي فرصة لتقدّم له النصيحة بشكل غير مباشر. اقرأ أيضاَ: كيف أتكلم مع ابني؟ بدائل لسؤال: كيف يومك
وأخيراً أُشجّع كل أب أن يأخذ مكانه ومكانته في الأسرة كي تَتزن الأسرة وتُصبح بالشكل التي يجب أن تكون عليه.
GIPHY App Key not set. Please check settings