4 مصطلحات مهمّة ربما نسمعها كثيرًا وبلغات متعّددة في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في هذا الوقت، وقت انتشار وباء الكورونا (كوفيد19) المستجّد. ولهذه المصطلحات ارتباط وثيق ببعضها البعض، بل وأن كل مفهوم يعبّر عنه أحد من خلال هذه المصطلحات، وقد يؤثر على الآخر ويؤثر علينا كأفراد. ما يهّمنا في هذا المقال في النهاية هو تأثير هذه المصطلحات على ممارساتنا في البيت وعلى أبنائنا وعلى دورنا كعائلة صحيحة.
الذعر (بانيك)- Panic
يُعرف الذعر على إنه سيطرة مفاجئة لمشاعر الخوف من خطر ما على الشخص، ممّا يدفعه إلى أفعال معيّنة سريعة تجاه هذا الخطر. من المعروف أن تلك المشاعر تعطّل القدرة على التفكير المنطقي وعلى عمل العقل. مشاعر الذعر هي مشاعر طبيعية ومفيدة، حين تنقذنا من مواقف صعبة نحتاج فيها أنا نتصرّف بسرعة لتجنّب خطر ما مثل هجوم وحش ضاري أو المحتمل أكثر في عصرنا الحالي مثل حدوث تصادم أثناء القيادة.
لكن كما أشرنا لا يمكن أن نتبنّى الذعر كمشاعر دائمة فهو يعطّل التفكير المنطقي السليم.
هذا ما رأيناه بوضوح في هجوم أعداد كبيرة من الأشخاص على محال البضائع الاستهلاكية وشرائهم لما هو فوق احتياجهم، فهنا عطّلهم الذعر عن التفكير المنطقي. فالذعر كمشاعر بدائية حوّل تفكيرهم وأفعالهم إلى أفعال القطيع أو إلى تفكير حيواني مبني على أن الأقوى والأسرع هو الأحقّ في الحصول على السلع. ولا يُقصد بهذا الكلام إدانة هؤلاء، لكننا نصف هذا الخطأ في جعل مشاعر الذعر هي السائدة.
ربما يأتينا الذعر في أشكال أقلّ حدّية، ولكنه قد يؤثر على من حولنا في البيت بشكل سلبي جدًا. إليكم مثلين رأيتهم حولي وفي بيتي كوني أعيش في مصر -أحد البلاد التي تحاول أن تأخذ وباء كورونا بجدية-.
هذا المثل يعبّر ّعما أفعله أنا شخصيًا، فقد قادني اهتمامي بأخبارلوباء كوفيد19 الموجودة على مواقع التواصل الاجتماعي ومحاولة مواكبة الأفكار التي تناقَش عليه إلى تعطيل قدرتي على التفكير المنطقي. فقد تحوّل يومي لمتابعة الأخبار طول اليوم، رحت أنشر مقاطع فيديو أشجّع الناس على عادات صحية لا أمارسها بسبب إنهماكي في متابعة مواقع التواصل الاجتماعي، وهنا حذّرتني زوجتي من تأثير ذلك عليها هي وابنتي مصرّحة أن قلقي يقلقها. بعد بعض المقاومة مني أدركت ذلك وتوقّفت. بدأت ألعب مع ابنتي التي لا يزيد عمرها عن العام والنصف، ووجدت أن اللعب لا يهمّها بقدر إدراكها أنني بقربها.
المثل الآخر هو في أخذ الخطوات الاحترازية وغسيل اليدين، وأنا بالفعل أحاول وأشجّع الكل على عملها بشكل حريص، لكن لا تصاب بالذعر إذا أدركت أنك لم تكن تفعلها بالشكل الصحيح، أو أن أطفالك يقاومون غسيل اليدين، عليكم كعائلة إيجاد طرق لجعل هذه الفقرة المتكرّرة من اليوم ممتعة، وهذا ما فعلته أنا وزوجتي مع ابنتي، فقد أصبح لدينا أغنية خاصة لغسيل اليدين. فالذعر والغضب لن يصنع عادات جيدة.
وصمة العار (ستيجما) – Stigma
ولأننا تحدّثنا عن إدانة الآخرين في الفقرة السابقة، ولأن الذعر يقود إلى تعطيل التفكير المنطقي فاحذر من وصم الآخرين بالعار أو المسؤولية التامة عن شيء ما. هذا النوع من السلوك ضارّ جدًا لعائلاتنا وأطفالنا.
يتجلّى الوصم في الوقت الحالي وقت وباء الكورون اكوفيد19 بالكمّ الهائل من الرسائل والأفكار التي تدور حول مسؤولية الصينيين عن نشأة الوباء بشكل خاص وقاطني شرق آسيا بوجه عام. كمّ هائل من الفيديوهات غير الموثوق فيها تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي لأكثر من شهر، والتي كانت تصف عادات هذه المنطقة في الأكل وماذا حدث في سوق واهان المدينة التي بدأ فيها الوباء. وكان الهدف الوحيد منها هو وصم الصينيين بعدم الإنسانية وتحقير مجتمعهم وقيمهم فقط لنثبت لأنفسنا أننا أفضل. هذا ما أدّى في الوقت الحالي للعنف والعنصرية تجاه كل من يشبه الصينيين عرقيًا، وهو أمر غير مبرّر بتاتاً.
ضرر رمي اللوم على الآخرين يعطّلنا أيضًا في تحمّلنا نحن للمسؤولية، فطالما يوجد من نلومه، فنحن غير ملامين أو مسؤولين.
احمِ أطفالك وعائلتك من هذا السلوك والمشاعر التي تلازمة، لأنه قد يزيد من الذعر والإحساس بالغضب وهذا يعطّل أخذ قرارات سليمة.
لكن بعيدًا عن الوصم والعنصرية الموجهة للصينيين، توجد إدانة ووصم دائر داخل مجتمعاتنا للأفراد الذين يقاومون أخذ الاحترازات والبقاء بالبيت.
ولنا أن نقول في هذا أن لهؤلاء أسباب تمنعهم عن رؤية الصورة بنفس الشكل الذي نراه نحن، أو الحرص والحذر بنفس إمكانياتنا، وهنا يظهر أن وصمهم لا يفيد شيئًا. ما يفيد هو محاولة توصيل الصورة بشكل يناسبهم وتمكينهم من حماية أنفسهم مثلنا.
ويا للعجب فهذا ما تفعله الصين في الوقت الحالي. يوجد كمّ هائل أيضًا من التوجيهات والإجراءات المصوّرة المنتَجة في الصين لكي تساعد المجتمع العالمي على التصدّي للوباء.
اقرأ أيضاً: خمس طرق للتقليل من نشر الوباء المعلوماتي غير الصادق
التضامن (سوليداريتي)- Solidarity
إذا شاهدت أحد فاعليات بث منظمّة الصحة العالمية، فستجد هذه الكلمة تتكرّر أكثر من مرة على ألسنة مسؤولي المنظمة. فهم بها يصفون حالة تجمّع المجتمعات والدول حول التصدّي للفيروس. وهو أمر ليس بالهين أن نجد مَن كان لديهم خصومات وصور مختلفة عن الواقع يجتمعون ليساعدوا بعضهم البعض، إما بالمال أو التمكين أو الفعل المتزامن. على ما أعتقد لم يحدث ذلك بسهولة، فقد تصرّفت أغلب الدول مثل أمهات يحاولن إنكار أن أولادهن لديهم صعوبات تعلّم، وبالوقت يثبت فشل الطفل ويبدأوا متأخّرين. نحمد الله على الكثير من بلادنا العربية مثل الأردن والسعودية ومصر ممن أخذواالموضوع بجدية شديدة، وتضامنت جهود جميع القطاعات داخل هذه البلاد للتدّخل المبكر والتصدّي للوباء. مجتمعاتنا ليست مستثناة من تلك المعركة وعائلتنا ليست مستثناة. علينا الثقة بحكوماتنا وتبنّي وجهة نظر واحدة للواقع، واتباع نفس الاحترازات في بيوتنا. يجب أيضًا أن نتتضامن مع كل مَن هم على خط النار في هذه المعركة من أطباء وممرضين وعمّال نظافة، ويجب أن نؤيدهم ونشّجعهم ونحميهم. فإذا كان أحد أفراد عائلتك أو من تحتّك بهم من عاملي هذه القطاعات، فلا تمنع عنهم المؤازرة والتشجيع.
التباعد- Social Distancing/Physical Distancing
التباعد ولماذا التباعد؟ لماذا تصرّ الحكومات على إبقائنا داخل بيوتنا؟ لن أطيل في شرح ذلك لأني لست خبيرًا صحّيًا أو حكوميًا، ولأني أريد أن أتحدّث عن شيء آخر. ببساطة الفيروس ينتقل عن طريق القطرات أو رذاذ السعال والعطس وما عُرف عن انتقال القطرات في الهواء إنها لا يمكن أن تقطع مسافة أكثر من حوالي متر ونصف لذا يُنصح بالتباعد. وقد أطلقت منظمّة الصحّة على هذا التباعد مصطلح التباعد الاجتماعي، وهذا ما ترجمناه في أفعالنا بالبقاء بالبيت. لكن في بثّ قريب للمنظمة تم استبدال المصطلح بالتباعد الجسدي، لأن التباعد الاجتماعي له ذلك المعنى السلبي بالتباعد عن ما يحيينا ككائنات اجتماعية وهو التواصل والتفاعل الإنساني الحقيقي. وهنا نوّهت المنظمة عن أهمية الجانب الاجتماعي لصحّتنا النفسية -لأن صحّتنا النفسية تؤثّر على مناعتنا- ومن ثم أشارت إلى قدرتنا على التواصل حتى في ضوء هذا التباعد الجسدي من خلال الأدوات التكنولوجية ووسائل التواصل الاجتماعي. لذا فاستخدامنا لهذه الوسائط يجب أن يأخذ شكلًا جديدًا، فيصبح هو المكان الذي فيه نتحاور ونتحدّث بدلًا من الجدال وتناقل المعلومات الخاطئة.
لتجتمع مع عائلتك وأقربائك خلال مكالمات الفيديو، لتدع أطفالك يقابلون أجدادهم بشكل دوري فذلك مفيد لصحّة الجميع.
إذًا نحن نمارس التباعد الجسدي وليس الاجتماعي.
الخلاصة
من خلال هذه المصطلحات يمكن أن يكون لدينا صورة متكاملة بها نفهم:
– دور مشاعرنا وتأثيرها على من حولنا والأهم تأثيرها على عائلاتنا.
– كيف نقوم بدورنا بدون إشعال الغضب ووصم الآخرين.
– كيف نساعد بلادنا ونقف كعائلة فعاّلة مسؤولة.
– كيف نعيش في هذا الوقت الصعب ونستغل التكنولوجيا لإحياء تواصلنا الاجتماعي الذي توقّف بسبب الوباء.
اقرأ أيضا: 5 نصائح لتدبير أمور المنزل في فترة الحجر الصحي
GIPHY App Key not set. Please check settings