أشعر وكأني في حرب مستمرة بيني وبين الأجهزة الإلكترونية وألعاب الفيديو وغيرها من تكنولوجيا، ليس المفيد منها بل ما هو ضارّ مما سبّب إنعكاسات كبيرة على مجرى حياة أبنائنا.
لا شك بأننا في تطوّر مستمر وهائل في عالم ومجالات التكنولوجيا، ولا شك بأن تلك التكنولوجيا أثرت في حياتنا سواء بالشكل الإيجابي أو السلبي، والدليل على ذلك أنها أثرت في نمط حياتنا وأصبحنا معتمدين عليها بشكل كبير جدًا. بالرغم من أن الانسان لا زال في تطوّر كبير وبشكل مستمر ودائم ولا زلنا نسمع حتى يومنا هذا بأن هنالك اكتشافات واختراعات توصّل لها العلماء من خلال البحث والمعرفة، إلا أن التكنولوجيا كان لها أثرها الإيجابي في تسهيل الحصول والوصول إلى تلك الاكتشافات والاختراعات.
لا نستطيع أن ننكر سهولة الحياة بسبب التكنولوجيا، ولكن بسهولتها تلك جعلت أبناءنا رهائن لها، وسيطرت عليهم بشكل مخيف عن طريق الأجهزة الإلكترونية التي يلجأ لها الأطفال لتسهيل أمور حياتهم. أصبح الطفل يعرف أن اللون الأصفر مع اللون الأحمر ينتج لونًا برتقاليًا، ولكن ليس بالتجربة عند دمج الألوان بل بالبحث عن النتيجة مستخدمين تلك الأجهزة. وهنا يبدأ الخوف والقلق بأن تصبح التكنولوجيا سببًا في سجن أبنائنا خلف قضبان الأجهزة الإلكترونية.
تلك الأجهزة والتي من خلالها يستطيع أبناؤنا التعلّم والبحث والمعرفة واللعب وغيرها الكثير من الأمور التي تجعل الطفل رهينة لديها لأكثر وقت ممكن، لأنها ومن خلالها يستطيع أن يقوم بواجباته المدرسية والتعرّف على أناس جدد واللعب وحده أو اللعب الجماعي وغيرها الكثير. لماذا يتوقّف الطفل عندها وهي تزوّده بكل ما يريد في جهاز واحد. هل هناك آثار سلبية لتلك التسهيلات؟
نعم، هنالك الكثير من الآثار ومنها على الحياة الاجتماعية بشكل أولي وأساسي مما لذلك من أثر على العلاقات الاجتماعية والتنمية، سواء للأطفال أو حتى للبالغين. هنالك دراسات عديدة أُجريت على عدد كبير من الأطفال، وكانت تعتمد هذه الدراسات على مدّة اعتزالهم وابتعادهم عن الأجهزة الإلكترونية، وتبيّن أن الأطفال الذين ابتعدوا عن الأجهزة لمدة خمسة أيام فقط قد أظهروا تحسنًا واضحًا جدًا في تحديد المشاعر لديهم من خلال الصور التي عُرضت عليهم.
كما إن هناك آثار سلبية على التعليم، فبالرغم من أن أحدث الأساليب التعليمية الحديثة تعتمد وبشكل كبير على البحث عن المعلومة من خلال الأجهزة الإلكترونية، إلا أن ذلك قد رافقه بعض الآثار السلبية. لأنه يجعلنا نطلب من أبنائنا البحث عن المعلومة من خلال الأجهزة، فبذلك نقلّل من استخدام المهارات التعليمية. من أبسط الأمور هو اعتماد أبنائنا على الأجهزة بشكل مباشر لتصحيح الأخطاء الإملائية التي قد يواجهونها أثناء كتابتهم لتقرير معين، غير مدرِكين نوع الخطأ الذي قاموا به، لأن برنامج التدقيق الإملائي قام بها دون أن يعلم الطالب بذلك. كما إن اعتماد الطلاب على الآلات الحاسبة الفورية والسريعة الإجابة قلل من قدرتهم على اكتساب مهارة الحساب. بالإضافة إلى نقص قدرة الطالب على تخزين المعلومة في دماغة وذلك لأنه لم يبحث عنها بين الورق والتجارب بل لوجودها جاهزة له من خلال الأجهزة.
من أكثر الأشياء التي يلجأ لها الأطفال من خلال الأجهزة الإلكترونية هي الألعاب الإلكترونية. كما نعلم جميعنا فإن أغلب الأطفال في الوقت الحالي يملكون أجهزة خاصة بهم، وقد تكون رغمًا عن الأهل بشكل أو بآخر بسبب مقارنة الطفل بغيره من الأطفال في المدرسة وبين الأصدقاء أو الأقارب، فيلجأ الأهل لتقديم ذلك الجهاز الذكي لطفلهم حتى يشعر بأنه مثل غيره من أطفال جيله دون إدراك منهم لمدى خطورة ذلك وعدم متابعتهم لطرق و مجالات استخداماته.
لتنزيل ميثاق ألعاب الفيديو الألكترونية، اضغط على الصورة في الأسفل
لتلك الألعاب تأثير على الطفل ومستواه الدراسي، وذلك بسبب إنشغاله بها وترك الدراسة، مما يؤثر أكاديميًا وسلبيًا عليه وبشكل مباشر. كذلك تعلّم تلك الألعاب الطفل السلوك العدواني لما في معظم تلك الألعاب من عنف وتفكير سلبي ومشاهد عنيفة من استفزاز وقتل وحروب. فكل هذه السلبيات قد تؤثر على الطفل ليستمر في استخدامها في حياته اليومية بسبب كثرة الوقت الذي يقضيه وهو يلعب تلك الألعاب.
لنكن واقعيين متابعين لما يقوم به أطفالنا، ولنتابع ما يقومون به من أعمال ومشاهدات وألعاب. إن لم يكن لدينا الوقت الكافي للمتابعة، فمن الأفضل عدم تزويدهم بتلك الأجهزة. فالقليل من دموع الطفل وبعض الكلمات الجارحة منهم أفضل بكثير من دموعنا على خسارة أطفالنا ولومنا لأنفسنا لعدم سيطرتنا الكافية وتفادينا للمصائب من الحدوث.
اقرأ أيضاً: طفلي مدمن أجهزة إلكترونية
GIPHY App Key not set. Please check settings