لا نستطيع إنكار حقيقة أن أزمة فيروس كورونا قد أثّر على العالم أجمع في مختلف المجالات، وتسبّب في خسائر مادية كبيرة على مستوى الدول والأشخاص أيضاً؛ للأسف هناك الكثير من الأشخاص قد فقدوا عَملهم بسبب هذه الأزمة وآخرين قَلّت دُخولهم اليومية أو الشهرية بشكل كبير، وقد أدى هذا بالتأكيد إلى حُزن وقلق العديد من العائلات بمختلف المستويات الاجتماعية فالخسارة أثّرت على كل المجالات، لذلك سوف نجد أن أصحاب الأعمال في أزمة وأيضًا مَن يشتغلون في الوظائف في أزمة، وخصوصاً مع غلق العديد من الأماكن وعدم ذهاب الأشخاص إلى أعمالهم.
هناك صراع يواجه الجميع من حيث كيف سنواجه الغد؟ وهل ما نَملُك اليوم سوف يَكفي لنعيش غداً؟ وهل ما ننفقه اليوم سوف يأتي بدلاً منه في الأيام القادمة؟ فبسبب هذه الأسئلة التي تدور في أذهاننا جميعاً نقع في حيرة هل نساعد بعضنا البعض أم نحتفظ بما نملك كي لا نندم إذا طال وقت الأزمة.
من منصّتنا هذه نودّ أن نُشجّعكم على مبدأ المساعدة وتقديم لكم أفكار للتكافل الاجتماعي لكي نستطيع عبور هذا الوقت وتأثيراته السلبية الكثيرة والخروج منه بدروس جيّدة، وسوف أشُارككم ببعض الأفكار التي وردت إلى ذهني أنا وعائلتي، وأيضًا من بعض الأصدقاء لنا عن كيفية مساعدة بعضنا البعض أو مساعدة من هُم في ظروف أصعب منا.
أولاً يجب أن ننظر إلى حياتنا بمنظور مختلف؛ فوجُودنا في الحياة ومع من نحبّ أهم وأعظم بكثير من شراء أو امتلاك أي شيء آخر.
ثانياً علينا ترتيب أولوياتنا من جديد: ما الذي أحتاجه فعلاً، وهل أستطيع الاستغناء عنه أم هو حاجة مُلِحة؟
ثالثاً الامتنان لكل النِعم التي أتمتّع بها والتي كنت أتعامل معها في الماضي كأنها أشياء عادية.
رابعاً الخروج من نفسي وعالمي وإدراك احتياجات ومشاكل الآخرين.
اقرأ أيضاً: التكافل الإجتماعي في عصر الكورونا
وإذا اقتنعت أني أحتاج إلى هذا التغيير في حياتي وتعلّم مبادئ جديدة؛ وإذا قرّرت أن أحاول الخروج من هذه الأزمة ببعض الأشياء الإيجابية فيجب البدء الآن بالتغيير والتفكير فيمَن حولنا ممن تضرّروا بشكل واضح من نتائج انتشار الفيروس ومن غلق الكثير من الأشغال.
لنبدأ بالدائرة المحيطة بنا ممّن نتعامل معهم عن قُرب ونَعرف ظروفهم جيداً مثل:
- السيدة التي تأتي للمساعدة في الأعمال المنزلية.
- السائق سواء كان سائقًا شخصيًا أو سائق حافلة المدرسة أو العمل.
- حارس العقار الذي نعيش فيه أو الحارس الذي يحرس مكان العمل.
- عامل توصيل الطلبات الذي نتعامل معه.
- مِن يعملون في أماكن العبادة التي نذهب إليها سواء المسؤولين عن نظافة المكان أو حراسته.
- العاملين في حضانات أو مدارس أبنائنا.
- أفراد أسرتنا الذين فقدوا وظائفهم.
- جيراننا الذين تأثّروا بشكل سلبي من الناحية المادية.
- وإذا كنّا من أصحاب الأعمال ولدينا موظفون.
- زملائنا في العمل.
يجب أن يكون لنا دور مع هؤلاء الأشخاص أن نحاول المساعدة؛ فمثلاً إذا تكلّمنا عمّن يعملون لدينا بشكل مباشر وبسبب الظروف لا يستطيعون المجيء إلى مكان العمل إذا كان لمنزلنا أو مكان العمل الذي نمتلكه، فيجب علينا الالتزام بدفع الراتب لهؤلاء الأشخاص حتى دون تأدية هذه الأعمال؛ لأن هؤلاء الأشخاص قد رتّبوا حياتهم والتزاماتهم المادية بناء على دخلهم وإذا كنا نحن المسؤولون عن دفع هذه الرواتب فيجب الالتزام بها.
أما بالنسبة لأفراد اُسرنا أو جيراننا الذين تأثّرت دُخولهم المادية، فيجب علينا الوقوف معهم ومساعدتهم؛ قد يبدو هذا الأمر تنفيذه صعبًا ولكن يجب علينا التصرّف بحكمة حتى لا نؤذي مشاعرهم، فلا نذهب ونقول لهم بشكل مباشر أننا نعلم ما حدث وأنك تركت عملك وأنا أريد أن أعطيك المال؛ لكن يمكن مثلاً:
- أن أقوم بشراء بعض الأشياء أو الأطعمة التي تحتاجها هذه الأُسر وأقدّمها لهم وأقول أني قمت بشراء بعض الاحتياجات لأسرتي وفكّرت أن أوفّر عليكم النزول وأحضرت لكم أيضًا معي.
- ويمكن أيضًا دفع إيجار المنزل للمؤجّر مباشرة نيابة عن هذه الأسرة.
- إذا كانت هناك فواتير للكهرباء أو ما شابه أدفع عنهم عندما أدفع فواتيري الخاصة.
- أيضًا شراء الأدوية من الصيدلية بدلًا منهم إذا كنت أعلم أن الشخص يأخذ أدوية بشكل مستمر ولا يستطيع العيش بدون هذه الأدوية.
- إذا كان هناك صعوبة في تكرار شراء الأشياء وإعطائها لهم يمكن استبدال الفكرة بطهي بعض الطعام أو الحلوى وتقديمها لهم بشكل لطيف على سبيل أخذ آرائهم بهذه الأكلات.
ولا ننسى أقاربنا أو جيراننا من كبار السن أو الذين يعانون من بعض الأمراض التي تضعف مناعتهم، فنحاول الخروج بدلًا منهم لشراء احتياجاتهم حتى لا نعرّضهم لخطر العدوى بسبب خروجهم من المنزل.
هذه أفكار للتكافل الاجتماعي تخصّ الأشخاص الذين نتعامل معهم عن قرب ونعلم احتياجاتهم، لكن هناك بعض الأشخاص الآخرين أو الهيئات والمؤسسات التي تحتاج المساعدة مثل:
- المستشفيات العامة التي كانت تعتمد بشكل كبير على التبرعات الخيرية.
- دور المسنين غير المُمَوّلة والتي تهتم بكبار السن بدون مقابل أو بمقابل بسيط.
- دور الأيتام.
- أماكن استقبال أطفال الشوارع.
كل هذه الأماكن تَضرّرت بالتأكيد لأنها تعتمد بشكل أساسي على التبرّعات، وبسبب الظروف التي نمرّ بها وانشغال الأشخاص وعدم الخروج بسهولة فلم يصل إليها المبالغ المطلوبة لتكفي احتياجات هذه الأماكن.
في هذه الحالة نحاول الوصول إلى أرقام هواتف هذه الأماكن لنتواصل معهم ونسأل عن احتياجاتهم وما هي الطرق التي نستطيع بها توصيل مساعداتنا سواء بالمبالغ المادية أو بشراء احتياجاتهم من طعام وأغطية أو أدوية.
وأخيرًا يجب علينا جميعًا معرفة أن فَقدان الفرد لمصدر دخله أو إغلاق بعض أماكن العمل لا يقلّل منّا كأشخاص، لأن ما يحدث هو كارثة عالمية تمرّ بها كل البلاد حتى البلاد العظمى، وإن عدم استمراري في عملي ليس نتيجة تقصير مني لكنه نتيجة خسائر اقتصادية على مستوى كبير وبالتأكيد كل المنظومة الاقتصادية قد تأثرت.
ونتمنى أن ينتهي هذا الكابوس سريعًا، ونكون قد استفدنا منه أشياء إيجابية بقدر الخسائر الكثيرة التي تعرّضنا لها.
أقرأ ايضاَ: كيفية تنظيم اليوم لعمل وجبات صحيّة واقتصادية
GIPHY App Key not set. Please check settings