غالباً ما انتقدت طفلي الحساس على بعض التصرفات التي يقوم بها، والتي وجدتها غريبة جداً، وكنت أفرض عليه أحيانًا أن يغيّر هذه التصرّفات، وأحاول أن اشرح له وأقنعه أنها غير مرغوبة ويجب عليه تغييرها.
“… أحيانًا يشتكي من الطعام، ويرفض تناول أكلات معينة لأن قوامها غريب ويزعجه أو لا يعجبه لونها أو شكلها، وكان لديه مشكلة حقيقية مع درجة حرارة طعامه فيرفض تناوله (في حال كانت حرارته باردة أو ساخنة أكثر من حد معين).
ويشتكي أيضًا من اللباس في حال كان ملمسه خشنًا أو مزعجًا، ويفضّل ارتداء الملابس ذات الملمس الناعم، و استخدام الأغطية الناعمة، حتى الدمى يختارها بحيث يكون ملمسها يعجبه.
غالبًا ما تراه يبكي لأسباب (تافهة وصغيرة بالنسبة لي، لكنها بالنسبة له كبيرة)، وكانت تؤثر عليه بشكل كبير. وبما أنه لا يجد الكلمات التي تعبّر عن هذه المشاعر فهو يلجأ للبكاء…… “
لكن الصدمة كانت عندما قال لي أحدهم: “أهنئك على وجود هكذا طفل في عائلتك، إنه شخصية حساسة جدًا و عليكِ التعامل معه بحرص شديد”. وعندما فكّرت بهذا الكلام جيدا وقرأت كتبًا ومقالات عن هذه الشخصية، وجدت سببًا مقنعًا لهذه التصرفات …
فما معنى أن يكون طفلي حساسًا؟
“يعني أنه يولد بجهاز عصبي أكثر حساسية للمثيرات المحيطة، أي يتحسّس من أي كلمة تقال له أو أي انتقاد يوجّه له. يعني أن يغضب ويبكي لأبسط الاشياء. حساس جدًا للألم ويلاحظ الحزن بسرعة على وجوه الآخرين، و يفضّل اللعب الهادئ، والصوت المنخفض. وبما أن مستقبلاته من العالم تختلف عنا، فنجده لا يفتعل الحزن والغضب، وبنفس الوقت متسامح لدرجة كبيرة مع الآخرين”.
القاعدة الأساسية للتعامل مع الطفل الحساس هي محاورته والتعاطف مع مشاعره أولاً، وإعطاؤه الفرصة للتعبير عن وجهة نظره، والاستماع لما يقوله مهما طال حديثة أو كان غير مهم بالنسبة لنا. الأمر الذي يجعله يكتسب مهارة التعبير عن مشاعره بطريقة أخرى غير البكاء. ولا ينبغي إجباره على التوقف عن البكاء فوراً بل يتم استخدام بدائل لتهدئته. لأن مشاعره قوية جدًا، والمشكلة عدم معرفته بإدارة هذه المشاعر والسيطرة عليها. ومن الضروري تعليمه وتدريبه على التعبير عن مشاعره بطرق مختلفة عن البكاء.
كما أنه يجب أن يتعلّم ما هي المشاعر التي يحس بها ليتمكّن من التعامل معها دون أن يؤذي الاخرين ونفسه لأنه إن لم يعرف كيف يعبّر عنها لفظيًا فسيعبّر عنها بسلوكياته التي قد تكون خاطئة وبلا وعي منه. بالإضافة لضرورة تزويده بمهارات التفكير المنطقي ووضع خطوات محددة للتصرف في المواقف المحتملة، الأمر الذي يساعده كثيرًا في تخطي الأوقات الصعبة.
وبدلاً من التركيز على البكاء والتصرفات الغريبة يجب رؤية هذه الأمور بمنظور آخر، فهو يتميز بأنه طفل موهوب في مجالات مختلفة.
بالنتيجة الطفل الحساس هو طفل حواسه الخمسة متحفزّة باستمرار، تستثيره أبسط المنبهات الحسية لذلك يجد صعوبة في تنظيم انفعالاته العاطفية والسلوكية، ويجد صعوبة في التأقلم مع المتغيرات الجديدة. تبقى الشخصية الحساسة هي واحدة من اصعب أنواع الشخصيات وأكثرها تأثراً بسلبيات المجتمع، لذلك فهي بحاجة لاهتمام ورعاية كبيرين.
اقرأ أيضاً: 8 طرق للتعامل مع الطفل العنيد
GIPHY App Key not set. Please check settings