فرحتي ببدء عملي الجديد خارج المنزل كانت كبيرة جداً، وثقتي بنفسي أني قادرة على التوفيق بين عملي الجديد وعائلتي جعلني متحمسة جداً لفكرة هذا العمل. لكن مع مرور الوقت وازدياد المسؤوليات والمهام، أحسست أني أصبحت بعيدة عن أطفالي. لم نعد نجلس معاً ولا نتشارك أعمال المنزل سوياً ولا نلعب ولا نقرأ ولا نعمل نشاطات عائلية مع بعض…..
أصبحت المدة الزمنية التي أقضيها معهم قصيرة جداً وفي كثير من الأوقات معدومة، فأنا غير قادرة على توفير الوقت الكافي للجلوس معهم والتواصل اللازم لبناء علاقة بهم وتربيتهم وتنشئتهم تنشئة صحيحة، هذا الأمر الذي رتّب عليّ إعادة تنظيم وقتي بشكل أفضل حتى أستطيع تخصيص وقت لهم بشكل يومي، والهدف من هذا الوقت والنشاطات هو إيصال رسالة لهم وهي ” نحن نحبكم وأنتم مهمون بالنسبة لنا ونريد أن نقضي الوقت معكم”.
أدركت عندها أن أعظم استثمار يقوم به الإنسان في حياته هو أن يستثمر وقته مع أولاده، فكل وقت وكل عمل يقضيه معهم لا يساويه أموالاً طائلة طول العمر، لذلك كان من الضروري تخصيص وقت مميز ونوعي نقضيه مع أطفالنا، أما كيف نقضي هذا الوقت فقد خطر لي عدة أفكار، منها:
قضاء وقت مع الأشخاص الذين نحبهم أمرٌ لا يحدث تلقائياً، وبالرغم من تخطيطنا المسبق وترتيب أولوياتنا، هناك أمور تفرض نفسها وتؤثر على وقتنا الخاص، ولاحظنا أن أكبر معطل لهذا الوقت هو المكالمات الهاتفية، لهذا اتفقنا على إغلاق كل الهواتف المحمولة أثناء وقتنا الخاص.
النتائج الإيجابية لقضاء وقت مع الأولاد لا تنتهي، والتزامنا بهذه الأوقات كان يمثل لنا نوعًا من التحدي، بالطبع أخفقنا أحياناً في الالتزام لكننا لم نندم ابدًا عندما كنا نلتزم.
بعد عشر سنوات من الآن لن يذكر أحد ولن يهتم بما إن كانت الغرفة نظيفة دوماً أم لا، ما سيكون مهماً لهم هو إن كنت قد كرست وقتي لهم في ذلك اليوم أو في أي يوم آخر، فالوقت والحضور هو خير هدية نقدّمها لأطفالنا، وبناء مستودع ذكريات العائلة أمر غير قابل للتفاوض.