“سأخبر والدك عندما يعود إلى البيت ليضربك ويعيد تربيتك من جديد”، كلمة تقولها معظم الأمهات عندما يسيئ الطفل التصرّف، أو عندما يغيظها، أو في حال القيام بأي سلوك ممكن أن تراه الأم خطأ ولو كان بسيطاً. لكننا لا نعلم أننا بهذه العبارة نرسّخ في ذهن الطفل أن الأب هو “البعبع” في المنزل، وأنه مصدر تهديد الطفل والضغط لتعديل سلوكه بالعنف والترهيب، فيجعل الطفل يكره رجوع والده للمنزل حتى لا يقع عليه الوعد الذي تقوله الأم.
كما أنه يجعل الطفل في حالة من التوتر والعنف إلى أن يأتي والده إلى المنزل. ومع مرور الأيام قد تجد أن الطفل أصبح لا يخاف التهديد ولا العقاب…. هذا بالإضافة لما تسببّه هذه العادة من عدم استقرار نفسي وعدم الشعور بالأمان مما يؤدي لمشاكل عديدة كالتبول اللاإرادي أو اضطرابات النطق أو قرض الأظافر، ومثل هذه المشاكل من الممكن أن تستمر معه مدى الحياة……
من الأمور المهمة في التربية معرفة أن الأصل في التربية هو المشاركة بين الأب والأم، فعندما يصل الأب للمنزل نخبره بالمشكلة التي حصلت، وذلك لتأديب الطفل دون اللجوء للصراخ أو الضرب. فالطفل ينتظر والده ليلعب معه ويحكي له ما حصل معه من أحداث، لكننا بفعلنا هذا ربطنا حضور الأب بالعقاب والحرمان من تلك اللحظات التي يشعر فيها بوجود أبيه، وهذا أمر بمنتهى الخطورة لأننا بكلامنا هذا جعلنا الأب كالشرطي الذي يعاقب الجاني مما يسبّب كره الولد لأبيه بدلاً من أن يكون صديقاً له.
كما أن فكرة التهديد خاطئة تمامًاً وهي حل مؤقت للتخلّص من نشاطهم الزائد أو مشاغبتهم المستمرة في المنزل، وبالتالي ليست حلاً جيداً، ويمكننا استبدالها بالمنع والحرمان من الأشياء المادية التي يحبها الطفل كالحلويات أو الألعاب أو مشاهدة الكرتون أو….. أي شيء يحبه الطفل ويخاف أن يحرَم منه.
أكّدت الدراسات أن الطفل الذي حظي بوجود فعّال للأب في طفولته تكون لديه مشاكل سلوكية أقل من غيره ويتميّز اجتماعياً ودراسياً عن أقرانه ممن يفتقدون دور الأب، أو الذي يكون تأثيره سلبيًا على اولاده.
وبخصوص هذا الموضوع أتذكّر دومًا صورة الطفل الذي يمسك به والديه -الأب بيد والأم باليد الأخرى- ليساعداه في المشي، ويكونان كليهما سندًا وعونًا له في حياته.
GIPHY App Key not set. Please check settings