جميعنا نربط البكاء بمشاعر الألم والحزن، وكأن طفلنا لا يبكي إلا لأنه حزين أو متألم، ولا نحاول البحث عن أسباب أخرى لأننا نعرف السبب باعتقادنا. لكن حتى عندما نرى طفلنا يبكي ونسأله هل من شيء يؤلمك أو يحزنك ويجيب بالنفي، لا نتوقف عن البحث عن سبب البكاء لأنه غير حزين وغير متألم إذن هو يبكي بلا سبب ونقنع أنفسنا بذلك ويبقى الطفل حائرًا بين عدم قدرته على التعبير عن سبب بكائه وبين عدم قدرة أهله على تفهّم ما يدور بداخله.
ولكن ما نجهله أحيانًا أن البكاء له أسباب كثيرة ليس فقط الشعور بالألم أو الحزن، فبعضها قد نشعر بأنها غير حقيقية ولكن عندما نتعمّق في معانيها نكتشف أنها فعلاً لا تسبّب البكاء لدى الأطفال، وكثيرًا ما نسترجع ذكريات ومواقف لنجد أنها فعلاً كانت سببًا في ذلك الشعور لدى الأطفال.
ومن مسبّبات البكاء عن الأطفال:
1. الشعور بالكآبة
لم نكن نعتقد أبدًا أن الطفل قد يبكي عندما يكون كئيبًا، ولماذا يبكي كونه كئيبًا. لكن أثبتت الدراسات أن للكآبة دور كبير في جعل الطفل يبكي على عكس ما نعتقده بأن من يشعر بالكآبة يفضّل السكوت والجلوس وحده، فعند الأطفال ذلك الشعور يجعله يبكي. لأنه حين يشعر الطفل بالكآبة فإن ذلك يعني مواجهته لمشكلة كبيرة، ويطلب من خلال البكاء مساعدة الأهل له، فهو غير قادر على طلب المساعدة بشكل مباشر لأنه ربما تعرّض لمشكلة في المدرسة وواجه التهديد إن أخبر أحدهم، أو ربما لمجرّد حصوله على علامات غير متوقعة سبّبت له الاكتئاب مما سبّب له مشاعر البكاء.
2. الشعور بالملل
وهو يعتبر من أكبر الأسباب التي تجعل الطفل مستمرًا في البكاء، وقد لا يعلم الطفل نفسه لماذا يبكي لأنه عاجز عن وصف شعور الملل ولكنه يبكي. لذلك علينا كأهل عندما نجد أطفالنا عاجزين عن التعبير عن مشاعرهم وسبب بكائهم أن نحاول عمل نشاطات معينة معهم محاولة إبعادهم عن الملل قدر المستطاع حتى يتوقف عن البكاء. بمجرد توقّفه عن البكاء فذلك دليل على أن سبب البكاء كان الملل. وعندها سيتعلّم بأن ما كان يشعر به هو الملل، وأن اللعب وتغيير المكان سيوقفوا ذلك البكاء مباشرة.
3. الإفراط في دلع الطفل
في هذه الحالة يكون الأهل هم السبب في الإفراط في دلع الطفل، وهذا ينعكس على الطفل بأنه يستمر في البكاء دون أن يعرف الأهل السبب، ودون قدرة الطفل على التعبير عن ذلك لأن الطفل سيجد نفسه مدللاً في عائلته. عندما يشعر الطفل بالدلال، فإنه يستخدم البكاء سلاحًا ليعبّر عن ما يريد، ولأن الأهل أفرطوا في دلاله فإنهم سيستجيبوا لبكائه وسيعطوه ما يريد حتى وإن كان ذلك خطأ. لذلك حتى لا يخسر الأهل أبناءهم بسبب الدلال الزائد، عليهم أن يجدوا طريقة فعّالة أكثر للمساعدة في ضبط سلوك الأبناء حتى لا تنعكس الأمور سلبًا عليهم وعلى أبنائهم.
4. شعور الغيرة
وهو الأكثر شيوعًا بين الأطفال، فهم يغارون من الأخوة أو من أحد الأصدقاء أو الأقارب أو حتى من الوالدين. ولأن مشاعر الغيرة عميقة، يلجأ الطفل عندها إلى البكاء ليعبّر عمّا يدور بداخله، وتكون في أغلب الأوقات على هيئة عتاب للأهل دون إخبارهم السبب. قد يكون الخطأ بشكل مباشر من الأهل، لأن الطفل قد يشعر بالغيرة بسبب إهمال الاهل له وإنشغالهم بالطفل الآخر سواء كان مريضًا أو حديث الولادة….. على الأهل مراعاة مشاعر الأطفال وعدم التمييز بينهم حتى لو كان بدون قصد، وعليهم مراعاة مشاعرهم والتفكير قبل أي كلمة يقولونها أو أي تصرّف يقومون به.
5. شعور الإحساس المرهف
قد تكون طبيعة الطفل أنه مرهف الإحساس ويتأثر بكل شيء يدور حوله. قد يبكي على أمور لا تستحق فعلاً، ولكن لأنه مرهف الإحساس فإنه يبكي وقد يطيل البكاء. أن يكون مرهف الإحساس ربما يكون أمرًا إيجابيًا وجيّدًا، يجعله يشعر مع الآخرين. وقد يكون سلبيًا كذلك، لأنه في حال مواجهة صعوبات أو مشاكل، فإنه لن يتمكّن من التعامل مع مشاعره، ويكون دور الأهل تعليمه الشجاعة، والتصرّف بعقلانية قبل أن نسمح للمشاعر بالتدخّل.
كيف أتعامل مع طفل كثير البكاء؟
التحايل على الأهل
كثيرًا ما يستخدم الأطفال البكاء كحيلة على الأهل كي يحصلوا على ما يريدون، وهم بذلك يستغلون عاطفة الأهل. برغم صغر سن الأطفال إلا أنهم قادرون على استغلال الأهل، فهم أذكى بكثير مما نتوقّعه. لكن على الأهل الحيطة والحذر من ذلك الذكاء، لأنه قد يتعمّد الطفل على إيذاء نفسه من قصد أو دون قصد دون معرفة الأهل بذلك، وقد يكون لك فقط من باب الاحتيال على الأهل وجعلهم خاضعين لهم.
لذلك علينا أن نكون مدركين جيدًا لأسباب البكاء، وأن نقيس على الظروف التي تحيط بالطفل، وما الذي يجعله يبكي. فمهما كان الأمر صغيرًا بالنسبة لنا، إلا أنه أمر كبير بالنسبة للطفل، وعدم انتباهنا له في وقته المناسب يجعل الطفل يبحث عن أساليب للفت الانتباه لهم.
GIPHY App Key not set. Please check settings