عندما تُذكر مناسبة عيد الأم أتذكّر موقفين حصلا معي منذ عدة سنوات، الموقف الأول كان لزميل عمل سابق وقد كان كبير في سن التقاعد، ما زلت أتذكّر الدمعة التي نزلت من طرف عينيه يوم عيد الأم، حيث قال: مهما مرت السنين ومهما كبرت في السن، يبقى هذا اليوم يومًا صعبًا بالنسبة لي. في ذلك الوقت كنت في بداية عملي، وكنت شابة صغيرة، لم أفهم مشاعره في تلك اللحظة، فهو كبير السن وربما هو جد لأحفاد، وكنت أتساءل: أما زال فقدانه لوالدته هذا التأثير عليه!

في موقف آخر، طلبت من مجموعة من الطلبة الصغار أن يكتبوا عبارات تبدأ بـ”أتمنى”، وإحدى الصغيرات كتبت: أتمنى أن أرى وجه أمي. في ذلك الوقت، ومع تلك العبارة التي قرأتها، شعرت بحزن شديد ومشاعر جياشة ما زال أثرها في أعماق نفسي مع أنه قد مرّ على هذه الحادثة سنوات عديدة.

والآن بعد مرور سنوات عديدة، وبعد أن أصبحت أمًا، وبعد أن رأيت وشهدت قصص أمهات عديدات من حولي، وبعد أن شهدت مشاعر فقدان أمهات بعض من الأصدقاء والأقارب، وعشت معه لحظات ألمهم وحزنهم. يمكنني أن أقول نعم دموع ذلك المتقاعد، وكلمات تلك الطفلة لها نفس القوة والتأثير. فالأم تبقى الأم للطفل الرضيع وللشيخ الكبير.

فالعلاقة التي تربطنا بأمهاتنا ليست كأي علاقة أخرى، فهي ليست كالزواج ولا الصداقة ولا الزمالة ولا أي علاقة أخرى. فكل منا حياته بدأت في ذلك الرحم، وتكوّنت في داخل تلك الأحشاء. وجوده ابتدأ هناك، مشاعره تكوّنت هناك. فهناك حبل سري ربطه كجنين مع أمه. نال غذائه منها. وعندما ولد خرج منها. وبدأ في علاقة تغذية وعناية خاصة مميزة ليس لها أي مثيل بأي رعاية أخرى، فالأم ترى ابنها وترضعه وتهتم به وتكرّس وقتها للعناية به. هذا الرابط هو رابط عجيب، يبقى هذا الرابط بين الأم وأبنائها.

عيد الأم

أفكّر أحيانًا بعيد الأم، الأم التي تقدّم ذاتها وجسمها من أجل تربية ورعاية أبنائها، أتحتاج لعيد أم لتكريمها! أتحتاج لهدية! دعوني أقول لكم سرًا: نحن نحتفل بعيد الأم ليس لأمهاتنا، ولا لتكريمهم، ولا لأنهن بحاجة لأي تقدير منا. نحن نحتفل من أجل أن نذكّر أنفسنا بروعة تلك الأمومة، نحن نحتفل بهن ونحتفل وبوجودهن وبكل ما عملن في حياتنا وفي حياتهن من أجلنا.

اقرأ أيضاً: 10 أفكار هدايا لعيد الأم

في هذا اليوم أحتفل بأمي وبكل أم وأحتفل بنفسي كأم، أستمتع بكل لحظة وبالهدايا التي أشتريها والتي أحصل عليها.

ولكنني بنفس الوقت أحتفل مع المتقاعد ومع الطفلة الصغيرة ومع كل من فقد أمه، أحتفل بكل ما فعلته تلك الأم مهما امتدت حياتها. قد يكون هذا اليوم صعبًا على كثير منا، ولكن تبقى الأم وكل ما فعلته في حياتها منبع فرح ومصدر احتفال لنا، طوال حياتنا، هي العيد في هذه الحياة وفي السماء. وكل عام ونحن محتفلون بالأمهات والأمومة وذلك الرابط العجيب الذي يربطنا بها.

What do you think?

-1 Points
Upvote Downvote

Written by شيرين

زوجة لزوج خفيف دم
وأم لطفل واحد ولكنه ليس وحيد، أحب الشوكلاته ولا أستغني عن القهوة، أتعلّم من النملة في نشاطها، أحب الكتابة ولدي شغف للمناهج والتعليم والتدريب

اترك تعليقاً

GIPHY App Key not set. Please check settings

10 أفكار هدايا لعيد الأم

10 أفكار هدايا لعيد الأم

لن اجبر ابني على مشاركة ألعابه

لن اجبر ابني على مشاركة ألعابه