كيف أساعد ابنتي على إدراك أن قيمتها تتعدى مجرد مظهرها؟ هذا سؤال حيرني جداً فأذكر بوضوح إحدى الأمسيات التي قضبتها في مخيم صيفي وأمضيتها في الحديث مع فتاتين بعمر الحادية عشرة. كنّ يجهّزن أنفسهن للدخول إلى المدرسة الإعدادية وكنا نناقش كل الأمور التي تجعلهن يشعرن بالتوتر أو الحماس. وكنت أشرح لهن كيف كنت أتمنى لو عرفت الكثير من الأمور قبل الدخول إلى المدرسة الثانوية وقلت: “الخلاصة هي أن أهم شيء هو أن تكوني ..” وقبل أن أتمكن من إكمال عبارتي قالت واحدة منهما “… جميلة؟ .. معروفة؟”

سكتُّ للحظة، فقد انكسر قلبي! هاتان الفتاتان اللتان راقبتهما ينميان منذ مرحلة الطفولة المبكرة مذ كانتا ترتديان ملابس الكبار إلى أن أصبحتا شابتين يافعتين متفوقتان علمياً وتتعلمان ثلاث لغات وتشاركان في المسرحيات المدرسة وتوسِّعان آفاقهما المشرقة جداً – هاتان الفتاتان صدّقتا أن أهم شيء هو أن يكونا ملفتتين للنظر وموضع الإعجاب. بالرغم من كون والديهما والدان يحبان الله ويشجعانهما ويحبانهما، إلا أنهما لم تتمكنا من رؤية أن قيمتهما تتجاوز المظهر الجميل.

هذا هو واقع حال الكثير من الشابات اللاتي أصبحن يخلّدن الجمال كأهم شيء يمكن أن تصل إليه المرأة، وذلك بسبب تعرضهن الزائد لصور وسائل الإعلام المختلفة، التي جعلت من النساء والفتيات موضوعاً رائجاً، وشوّهت صورتهن من خلال أدوات تحسين الصور، فقدّمت صورة غير واقعية لما ينبغي أن تكون عليه المرأة. إلا أن هذا التأثير لا ينحصر بتأثير صور الإعلام التي تحيط بهن من كل جانب، بل يمتد أيضاً إلى البالغين من حولهن. لا يمكنني تعداد المرات التي كان فيها أول تعليق يصلني من أحد البالغين أثناء نشأتي تعليقاً يتعلق بجسدي: “أنت نحيلة جداً! ما شاء الله!”، أو “واو، عليكِ أن تأكلي أكثر لتزيدي من وزنك”، أو “كان شعرك أجمل عندما كان طويلاً”. رويداً رويداً أصبحت مقتنعة أن قيمتي توجد ببساطة في مظهري بكل تأكيد، ففقدت الكثير من ثقتي بنفسي.

كما أنت

منذ طفولتهن المبكرة، نقوم بالتعليق لا شعورياً على مظهر الفتيات. ففيما يتم مدح الأولاد لقوتهم وذكائهم يقال للفتيات أن فستانهن جميل أو تسريحة شعرهن ملفتة. هذا التأكيد غير الواعي لجسد الفتيات هو ما يجعلهن ينشأن واقعات في فخ أسطورة الجمال. تُعرَّف أسطورة الجمال بأنها “هاجس استحواذ الكمال الجسدي الذي يوقع المرأة العصرية في شرك الدائرة اللامتناهية من اليأس والوعي بالذات وكراهية النفس أثناء محاولاتها للحصول على جسد خالٍ من العيوب بحسب تعريف المجتمع.”

أنا على ثقة أنكم تتفقون معي بأن هذا ليس هو المستقبل الذي نريده لأخواتنا وبنات خالنا وعمنا وبنات إخوتنا وبناتنا. إنهن أكثر من مجرد وزنهن أو طول شعرهن أو لون عيونهن. إنهم محاميات المستقبل وممرضات ومعلمات ولاعبات رياضيات وأمهات ونساء أعمال بل وأكثر بكثير. دعونا نبذل جهداً واعياً لمعاملتهن بطريقة أفضل من خلال مدحهن على قيمتهن كصديقات وتلميذات جادات ولاعبات رياضيات ماهرات وفنانات مبدعات، كونهن شخصاً يمكنه أن يرسم ضحكة على وجوه الآخرين. اقرأ ايضاً: ظننت أني أساعدها.. هل أنا سبب قلة ثقة ابنتي بنفسها؟

في ذلك اليوم، مع تلك الفتاتين ذوات الأحد عشر ربيعاً، ما كنت أريد قوله لهن هو “الخلاصة هي أن أهم شيء هو أن تكوني لطيفة”. فاللطف هو أن تظهري للآخرين أنك ترينهن وتقدرينهن، إنه الدفاع عن أولئك الذين يتعرضون للتنمر من الآخرين، إنه ليس النميمة أو نشر الشائعات أو استثناء الآخرين. دعونا نظهر للفتيات اليافعات ذلك اللطف في طريقة حديثنا معهن: وعدم التركيز الدائم على أجسادهن، بل مشجعين إياهن ومادحين لهن على مواهبهن وجهودهن والمبادئ التي يؤمنون فيها وقيمتهن.

اقرأ أيضاً: تأثير العقد الجسدية على ثقة الأولاد بنفسهم

#كما_أنت

What do you think?

Written by amal

اترك تعليقاً

GIPHY App Key not set. Please check settings

One Comment

صورة الجسد وتأثيرها على ثقة ابنائي بنفسهم

صورة الجسد وتأثيرها على ثقة ابنائي بنفسهم

هل أنا سبب قلة ثقة ابنتي بنفسها؟

هل أنا سبب قلة ثقة ابنتي بنفسها؟